إسرائيل تفاقم أزمة السلطة الفلسطينية

إسرائيل تفاقم أزمة السلطة الفلسطينية

15 يوليو 2023
السلطة باتت الآن بحاجة ماسة لاعتماد توجه مغاير كليا لسياساتها في العقدين الأخيرين (Getty)
+ الخط -

فاقم العدوان الإسرائيلي الإجرامي على مخيم جنين، وما تبعه من حرص على اتخاذ قرارات في الكابينت الإسرائيلي المصغر لتبني "تسهيلات" لصالح تمكين حوكمة السلطة الفلسطينية مقرونة باشتراطات تعجيزية، من أزمة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، ووضعها في مواجهة مباشرة مع أبناء شعبها.

وتبدو الخطة الإسرائيلية في هذا السياق، وخصوصاً بعد تصريحات نتنياهو الأخيرة، بوجوب اجتثاث فكرة الدولة الفلسطينية واضحة للغاية، وهي الإمعان في إضعاف السلطة الفلسطينية شعبياً، من جهة، وزيادة تعلقها بالامتيازات التي يمكن للاحتلال أن يقدمها، لكن بشرط تعميق نشاطها في قمع المقاومة وجيوبها.

ويبدو أن نتنياهو الذي يجد نفسه محاصراً، ولو لفظياً، حالياً، من إدارة الرئيس بايدن، يفضّل في المرحلة الحالية، رغم إدراكه لخطورة المجازفة، سيناريو مضاعفة الاستقطاب ومشاعر النفور بين الشعب الفلسطيني والقيادة المتسلطة في رام الله، خلافاً للتصريح المعلن بالسعي لتمكينها، لأن مجرد إعلان قرار التسهيلات في حد ذاته، يزيد من الفجوة القائمة بين السلطة الفلسطينية كسلطة حاكمة وعموم الشعب الفلسطيني، حتى من ينتمون إلى فصائل السلطة، خصوصاً أن أجهزة السلطة لا تتوانى عن استخدام القوة في تفريق المظاهرات والاحتجاجات داخل المدن الفلسطينية، فضلاً عن اعتقال النشطاء المعارضين لها ولو على خلفية منشور على "فيسبوك" أو أي من شبكات التواصل الاجتماعي.

ويمكن القول في ضوء ما واجهه مسؤولو السلطة الذين حاولوا المشاركة في جنائز شهداء مخيم جنين من رفض شعبي لوجودهم، ثم عدم الرضا الشعبي عن جولة رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إن السلطة باتت الآن في حاجة ماسة، إذا كانت تريد لنفسها البقاء، لاعتماد توجه مغاير كلياً لسياساتها في العقدين الأخيرين. سيكون عليها عدم الاكتفاء بتصريحات عن وقف التنسيق الأمني، بل تطبيق ذلك فعلياً، وبموازاة ذلك رفض شروط الاحتلال المعلنة أخيراً.

السلطة باتت الآن في حاجة ماسة، إذا كانت تريد لنفسها البقاء، لاعتماد توجه مغاير كليا لسياساتها في العقدين الأخيرين

السلطة مطالبة اليوم أيضاً بالعمل لتكثيف النشاط وإجراءات التوجه للمحكمة الجنائية لجرائم الحرب في لاهاي، علّها تؤسس لمصداقية حقيقية هذه المرة في كل ما يتعلق بملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين. مثل هذه الخطوة يمكن لها أن تكون لبنة أولى أيضاً لبناء مصداقية في مجال إطلاق جهود حقيقية لإحياء حوار وطني فلسطيني يستفيد من الجولات السابقة، أملاً في الوصول إلى إنهاء الانقسام ولملمة الجراح التي خلّفها ومداواتها.