"اتحاد الشغل" التونسي يرفض المشاركة في حوار قيس سعيّد

"اتحاد الشغل" التونسي يرفض المشاركة في حوار قيس سعيّد

23 مايو 2022
التقى الأمين العام للمنظمة نور الدين الطبوبي بالرئيس قيس سعيّد الأحد (Getty)
+ الخط -

أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل، اليوم الإثنين، رفضه المشاركة في حوار وطني مسبق، تُقصى منه القوى السياسية الوطنية، مشيراً إلى أن الحوار المطروح في هيئة استشارية "لا يمكن أن يفضي إلى اتفاقات جدية، وغير قادر على إخراج البلاد من أزمتها".

وجاء موقف "اتحاد الشغل" في اجتماع لهيئته الإدارية، لبحث قرارات الرئيس قيس سعيّد المتعلقة بالحوار الوطني والهيئة الاستشارية، التي أقرها لكتابة الدستور وتأسيس ما يسميه "الجمهورية الجديدة".

والهيئة الإدارية للمنظمة النقابية هي أعلى سلطة بعد المؤتمر، أي أن قراراتها ملزمة، وهي التي تحدد خيارات المنظمة الكبرى.

حوار شكلي متأخر

وتلا الأمين العام المساعد للاتحاد، سامي الطاهري، مخرجات الهيئة الإدارية.

وقال الطاهري: "نجدد رفضنا أي حوار شكلي متأخر متعجل، تُحدد فيه الأدوار من جانب واحد، وتُفرض فرضًا، وتُقصى فيه القوى المدنية والسياسية، فضلًا عن أنه حوار استشاري لا يمكن أن يُفضي إلى اتفاقات جديّة، ويراد منه تزكية نتائج معدّة سلفًا يتم إسقاطها بشكل فردي وفرضها على طريقة المرور بالقوة وفرض الأمر الواقع"، على حد قوله.

وأشار الطاهري إلى أنّ "اتحاد الشغل يجدد تمسّكه بالحوار سبيلًا وحيدًا للخروج من الأزمة المعقدة التي تمر بها البلاد، وأنّ المرسوم عدد 30 حول إرساء الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة غير منبثق عن تشاور أو اتفاق مسبق، ولا يرقى إلى التطلعات الوطنية، ولا يستجيب إلى الانتظارات التي رأت في 25 يوليو 2021 فرصة للقطع مع عشرية سوداء، وبناء مسار تصحيحي يرسي ديمقراطية حقيقية".

وأكد الأمين العام المساعد للاتحاد: "نعتبر الحوار الذي دعا إليه سعيّد بعد 10 أشهر من الانتظار، والرفض والتردد، وبالطريقة المضمّنة في المرسوم، غير قادر على إخراج البلاد من أزمتها، بل سيعمقها ويطيل أمدها"، معلنًا أنّ "الهيئة الإدارية الوطنية في حالة انعقاد دائم لمتابعة الوضع، ونحتفظ بحقنا الكامل وبكل استقلالية في اتخاذ الموقف والقرار المناسبين بخصوص الاستفتاء والانتخابات التشريعية القادمة، وأي محطة سياسية أخرى".

الطاهري: لسنا مستشارين لدى الرئيس

وفي وقت سابق، قال الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل، سامي الطاهري، لإذاعة "شمس" الخاصة: "نحن لا نشتغل مستشارين لدى الرئيس"، في إشارة إلى أن الهيئة التي أعلن عنها سعيّد هي هيئة استشارية فحسب.

وأوضح الطاهري أن "فكرة اللجنة الاستشارية تعني أن الحوار يصبح حوارا استشاريا"، مشددا على أن الحوار "يجب أن يخرج باتفاق وليس باستشارة".

وانتقد الطاهري تأخر رئيس الجمهورية في إعلان الانطلاق الرسمي للحوار، وقال إن "التوقيت محدود"، وجدد التأكيد على أن "الاتحاد متمسك بمشاركة الأحزاب في الحوار ويرفض أي تهميش أو إقصاء لها".

الطبوبي يدعو قيس سعيّد إلى التنازل

من جهة أخرى، دعا الأمين العام للاتحاد، نور الدين الطبوبي، الرئيس سعيّد، إلى "التراجع والتنازل من أجل المصلحة الوطنية".

وقال الطبوبي، في تصريح للصحافيين عقب الاجتماع، إن "طريقة المغالبة وإقصاء الأطراف الرئيسية في البلاد من الحلول لا توفيق فيها"، مبيناً أن الاتحاد سيعقد ندوة صحافية، الأربعاء، لتوضيح مواقفه من كل التطورات الحاصلة في البلاد.

والتقى الطبوبي بالرئيس قيس سعيّد، أمس الأحد، بدعوة من الأخير، في ما بدا أنها محاولة استباقية للتأثير على قرار المنظمة.

وكشف الطبوبي، الإثنين، بعض تفاصيل لقائه بسعيّد، خلال افتتاحه اجتماع الهيئة الإدارية، وقال إن الرئيس سعيّد أعلمه "بسير الأمور في إطار ما كان أعلن عنه من قرارات تتعلق بالحوار".

ونقل موقع صحيفة الاتحاد "الشعب نيوز" أن "اللقاء تناول موقف الاتحاد من المشاركة في الحوار الذي دعا إليه، وَجرى التطرق إلى عدد من القضايا الاجتماعية العالقة، وقال الأمين العام إنه أعلم الرئيس قيس سعيّد بأن للاتحاد هياكله ومؤسساته التي تتخذ القرار، وأنه سيعرض على أنظار الهيئة الإدارية الوطنية تفاصيل اللقاء. كما أكد خلال اللقاء أن الاتحاد يستند في مقترحاته وبدائله إلى مؤسساته وهياكله التي تقدم دراسات علمية".

وآخر اجتماع للهيئة الإدارية للاتحاد انعقد في يناير/كانون الثاني الماضي، واعتبر في بيان لها أن "تحديد آجال الانتخابات، على ما عليها من تحفّظات، خطوة أساسية تُنهي الوضع الاستثنائي، ولكنّها لا تقطع مع التفرّد والإقصاء وسياسة المرور بقوّة، من دون اعتبار مكوّنات المجتمع التونسي ومكتسباته، ونرى أن الاستشارة الإلكترونية لا يمكن أن تحلّ محلّ الحوار الحقيقي، لكونها لا تمثّل أوسع شرائح المجتمع وقواه الوطنية، فضلا عن غموض آلياتها وغياب سبل رقابتها ومخاطر التدخّل في مسارها والتأثير في نتائجها، واكتفائها باستجواب محدود المجالات قابل لكلّ الاحتمالات قد لا يختلف كثيرا عن نتائج سبر الآراء".

وأضاف البيان: "نعبر عن توجّسنا من أنّ آلية الاستشارة الإلكترونية قد تكون أداة لفرض أمر واقع والوصول إلى هدف محدّد سلفا، علاوة على أنّها إقصاء متعمد للأحزاب والمنظّمات التي لم تتورّط في الإضرار بمصالح البلاد، كما أنّها سعي مُلتبس قد يُفضي إلى احتكار السلطة وإلغاء المعارضة وكلّ سلطة تعديل أخرى".

ويذكر أن المكتب التنفيذي للاتحاد كان دعا، في آخر اجتماع له يوم 6 مايو/أيار، إلى "حوار حقيقي مباشر واسع لا قرارات مسبقة فيه، ولا تزكية لاستنتاجات معدّة له سلفا، ويدعو إلى الاتفاق على أهدافِه وإطارِه وعلى أطرافِه ومحاورِه وأشكالِ إنجازِه وأجندةِ أشغاله قبل إصدار أيّ أمر في الغرض، كما يجدّد رفضه أيّ حوار شكلي مشروط غير ذي جدوى يهمّش القوى السياسية الوطنية والاجتماعية الفاعلة".

اجتماع تحت الضغوط

وانعقد اجتماع الهيئة الإدارية، اليوم، تحت ضغط عال، بعد تتالي دعوات الأحزاب والشخصيات السياسية للاتحاد وباقي المنظمات إلى مقاطعة هذا المسار، وآخرها بيان لـ"التيار الديمقراطي"، اليوم الاثنين، دعا فيه "جميع القوى من أحزاب سياسية ومنظمات وطنية ومجتمع مدني" إلى مقاطعة هذا المسار "الذي يؤسس إلى ديكتاتورية جديدة، والعمل على التصدي له"، محذرا المسؤولين الفاعلين من عاقبة المشاركة في تغيير هيئة الدولة وتفكيك مؤسساتها.

بدورها، دعت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي اتحاد الشغل، اليوم، إلى "عدم المشاركة في اختطاف تونس عبر استفتاء غير قانوني وحوار على طريقة قيس سعيّد".

ودعت موسي، في فيديو على صفحة الحزب في فيسبوك، النقابيين إلى عدم المشاركة في ما وصفته بـ"المسرحية، واللجان الاستشارية المشبوهة والمسار الخاطئ، وإصدار موقف واضح بعد اجتماع الهيئة الإدارية".

ويحاول سعيّد أن يتفادى مواقف منتقدة له من داخل مؤيديه من الأحزاب والشخصيات التي أقصاها، ويبدو أنه يجري التفكير في صيغة تتلافى ذلك، من خلال لقاءاته ببعض الشخصيات، مثل زهير المغزاوي أمين عام حركة الشعب، وعبيد البريكي رئيس حزب تونس إلى الأمام.

رابطة حقوق الإنسان توضح شروطها للمشاركة في الحوار الوطني

وفي السياق، أعلنت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، في بيان نشرته ظهر اليوم الإثنين، عن شروطها بخصوص المشاركة في الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس قيس سعيد.

وعقدت الرابطة اجتماعا، مساء الأحد، أكدت فيه موافقتها على دعوة رئيس الجمهورية إلى المشاركة في الحوار الوطني.

وأبدى البيان "تحفّظ الرابطة على ضيق الحيز الزمني المخصص لعمل اللجان، وعدم وضوح المهام والمنهجية الموكولة لأعمال اللجان والإمكانيات اللوجستية الموضوعة على ذمتها".

وطالبت الرابطة بـ"تشريكها في اللجنة القانونية المكلفة بصياغة مشروع الدستور"، واشترطت "عدم التدخل في أشغال اللجنة التي ستشارك فيها وفي منهجية عملها وتوجهاتها، مع توفير كل الإمكانيات المادية واللوجستية للقيام بأعمالها في إطار الاستقلالية".

وشددت الرابطة على "الاحتفاظ بحقها في إبداء موقفها من تمشي الحوار في حال عدم مطابقته مع مقترحاتها وثوابتها". وأكدت أيضا على "ضرورة طرح كل الملفات المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمدنية والسياسية على ضوء خصوصية التجربة التونسية، بما يضمن إرساء نظام جمهوري ودولة مدنية ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان".

وأشار البيان إلى أن "الرابطة بقدر التزامها بإنجاح تجربة الحوار، فإنها تتمسك باستقلاليتها وسيادة قرارها، وتؤكد على ضرورة اعتماد مخرجات اللجان".

اتحاد الشغل يرفض "كل أشكال التطبيع" مع إسرائيل

من جانب آخر، ندّد الاتحاد بـ"التوظيف السياسي الخبيث للزيارات الغريبة بجربة التي استغلّها البعض للهرولة إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب، في الوقت الذي يمعن الكيان الغاصب في التنكيل بالشعب الفلسطيني عبر اغتصاب الأرض ومحاولة طمس الهوية والتقتيل والاغتيالات، وآخرها اغتيال الصحافية شيرين أبو عاقلة في الذكرى الـ74 لاغتصاب فلسطين".

وأضاف: "ندين صمت السلطات وتغاضيها إزاء الخروقات القانونية، ومنها الرحلات المباشرة التي تجريها بعض وكالات الأسفار الصهيونية إلى تونس، ومجاهرتها بذلك، واستخدام جوازات الكيان المحتلّ للعبور إلى الأراضي التونسية، والترحيب بعناصر معروفة بالتطبيع وتمجيد جيش الاحتلال".

وعبر الاتحاد عن "تجنّدنا للتصدّي لكلّ أشكال التطبيع، وندعو كافّة النقابيات والنقابيين وعموم شعبنا إلى اليقظة من تسرّب الكيان الصهيوني إلى بلادنا، والتصدّي له ورفض التبريرات التي يسوّقها البعض مستغلّين الظرف الصعب التي تمرّ به بلادنا".