سؤال الدولة أردنياً وفلسطينياً

سؤال الدولة أردنياً وفلسطينياً

22 مارس 2019
+ الخط -
يترقب الأردن بقلق بالغ مآلات الانتخابات الإسرائيلية المقبلة، وتبعات إشهار صفقة القرن، المنوي إعلانها فور ظهور نتائج انتخابات الكنيست الإسرائيلي في التاسع من إبريل/ نيسان المقبل.
يقع الأردن في عين العاصفة، بينما ترزح البلاد تحت وقع أزمات داخلية معقدة، أقل ما يقال عنها إنها أزمة ثقة، ولعل الأكثر تشاؤما يفيد بأنها أزمة وجود، كون الصفقة تلك تتجاوز مصالح البلاد العليا، وفي مقدمتها ملفات اللاجئين والحدود والأمن والمياه والمقدسات.
مكمن القلق الأردني يأتي من تداعيات ملف اللاجئين، حيث يعيش في الأردن أكثر من 42% منهم، ويشكلون ما نسبته 31,4% من مجموع سكان المملكة، وهو الملف الأكثر حساسية في البلاد، لجهة هوية الدولة وصيغة الحكم فيها. وفي محاولة لسبر أغوار العلاقة الأردنية الفلسطينية، والتي ستكون أمام استحقاق الصفقة في مقبل الأيام، لا بد من الوقوف على أبرز تلك المحطات ومآلاتها الحالية والمستقبلية.
كانت القضية الفلسطينية حاضرة بقوة في التاريخ السياسي الأردني، حيث نص بيان المؤتمر الوطني الأول في أم قيس 2 سبتمبر/ أيلول 1920 على التحذير من خطورة الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وابتلاع الأرض الفلسطينية، وعلى دعم الثوار الفلسطينيين إبان الثورة الفلسطينية في 1936، ودور الأردنيين في جيش الإنقاذ إبان نكبة فلسطين الأولى، ومحافظة الجيش العربي على الضفة الغربية والقدس، إبان حرب عام 1948.
انتقلت العلاقة الأردنية الفلسطينية إلى سياق الوحدة بين الضفتين، حيث شكلت أول حكومة 
موحدة في 7 مايو/ أيار 1949، وهو ما قوبل برفض عربي حينها، وبقرار من جامعة الدول العربية، تحت عنوان "رفض ضم وإلحاق الأردن للضفة الغربية". وتطورت العلاقة الأردنية الفلسطينية لاحقا، وفق هذا المنطق، إلى أن جاءت نكسة 1967، والتي تركت جروحا غائرة في الجسد العربي. كانت إدانة النظام الرسمي العربي، وتحمليه شرور الهزيمة، العنوان الأبرز، لتأتي بعدها معركة الكرامة، والتي خاضها الجيش العربي والفدائيون الفلسطينيون في غور الأردن، وما زالت مثار جدل بين من يرى أنها معركة فدائية خالصة ومن يراها عنوانا لتبلور الكفاح الفلسطيني.
لعل اللحظة التأسيسية الأعقد في مسار العلاقة الأردنية الفلسطينية كانت أحداث أيلول (سبتمبر) عام 1970، والتي أسّست لتفارق أردني فلسطيني، ذهب فيه الفلسطينيون إلى مطاردة حلم الدولة، عبر بوابة أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد، بينما انشغل الأردنيون في بناء الدولة الأردنية.
شكل قرار فك الارتباط ذروة التفارق القانوني الأردني الفلسطيني، وكانت اتفاقية أوسلو، وحلم إعلان الدولة الفلسطينية وفق مبدأ غزة أريحا أولا، إلا أن ذلك المسار شهد تعقيدات كثيرة، وصولا إلى تجاوز الولايات المتحدة الأميركية مبدأ "حل الدولتين".
شهد العقدان الماضيان، إلى جوار تراجع فرص إقامة دولة فلسطينية، عمليات تفكيك لمؤسسات الدولة الأردنية، في سياق إعادة إنتاجها وفق المدرسة النيوليبرالية، وهو ما أدى إلى تفاقم الشعور العام في الأردن، بغياب الدولة وضعفها، وهو العنوان الذي بات النظام السياسي يحذّر منه، ويؤكد ضرورة مواجهته تحت عنوان "هيبة الدولة ومؤسساتها"، في مقابل سؤالٍ ملح وطنيا، إن كانت الهيبة المفقودة هي هيبة الدولة أم هيبة الحكم.
لعل سؤال الدولة اليوم، فلسطينيا، ومحاولات تجاوزه، وسؤال الدولة الأردنية في محاولة لاستعادتها، يشكلان عاملا مشتركا بين الشعبين، وسيكون للقرار الوشيك بإعلان صفقة القرن تداعيات كبرى على مستقبل القضية الفلسطينية من جهة، ومستقبل الدولة الأردنية وشكلها من جهة أخرى.
78D57413-9DA6-427B-B957-612337B4E39B
78D57413-9DA6-427B-B957-612337B4E39B
منصور المعلا

كاتب ومحلل سياسي اردني، بكالوريوس في العلوم السياسية

منصور المعلا