اثنتان يا نُمرة.. عن وزيرتين إسرائيليتين

اثنتان يا نُمرة.. عن وزيرتين إسرائيليتين

31 مايو 2015

إيلييت شاكيد وماري ريغف

+ الخط -
لم يترك المثل الفلسطيني شيئاً إلا قاله، بطريقة جميلة وحكيمة ومعبّرة، حتى تجد المثل يُغني عن شرحٍ كثير، ويوصل الفكرة بأسلوب رائع بديع. 
ومن أمثال علقت في الأذهان، وكنا نسمعها من الجدّات، أن الجمل سُئل يوماً عن صنعته ومهنته، فقال: إنه خياط، فقيل له: ذلك واضح ويليق بك، نظراً لخفّة يديك ولطافتهما، في إشارة تهكميّة ساخرة، إلى أن هذه المهنة آخر المهن التي تليق به، وهو أبعد ما يكون عنها.
يأتي هذا المثل إلى البال، عند مراجعة أعضاء حكومة رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو الجديدة، إذ يستوقفك تعيين شخصيتين نسويتين تحديداً، الأولى عضو الكنيست المتطرفة ماري ريغف التي أصبحت وزيرة للثقافة والرياضة، وأين منها الأدب الرفيع والأخلاق الرياضية والروح المرحة؟ والثانية لا تقل عن سابقتها قسوةً وجلافةً، هي إيلييت شاكيد التي أصبحت، بقدرة نتنياهو، وزيرةً للقضاء، والاثنتان معروفتان بحقدهما وعنصريتهما البغيضة، وسوداويتهما البشعة، بصورة تتنافى مع سياق الثقافة والفن، وروح الإبداع، ومع العدل والنزاهة، وهذان من أسس القضاء. وفي المحصلة، لا يستوي تفكيرهما مع نبل الأهداف والمخرجات المتوقعة من الوزارتين.
وليس سهلاً علينا أن يُنسى أن ريغف كتبت على "فيسبوك" متبجّحةً تقول: أود أن أزفّ لكم بشرى مصادقة الكنيست بالقراءة الأولى على مشروع القانون الذي قدمته، والقاضي بتشديد العقوبات على مُلقي الحجارة. وتقصد أطفال القدس المحتلة، وهي أيضاً التي تقدّمت بقانون يسمح لليهود بالصلاة في المسجد الأقصى. وقبل نحو سنتين، طالبت نتنياهو بدعم مشروع القانون الذي تقدمت به، والهادف إلى تطوير منطقة غور الأردن، لإحكام السيطرة عليها ونهبها باعتبارها سلّة غذاء فلسطين وبوابتها الشرقية.
ويا فرحة القضاء في إسرائيل، ويا فرحتنا نحن الفلسطينيين، حين يسقط العدل في يد حزب المستوطنين، فتقوده النائبة العنصرية الشرسة، إيليت شكيد، أحد أبرز وجوه مبادرات القوانين العنصرية في الدورة البرلمانية السابقة، صاحبة الاسم اللامع في اليمين الحاقد، بسبب موقفها من الفلسطينيين، وهي التي أصبحت تحتل مركزاً في غاية الأهمية في حزب البيت اليهودي اليميني المتطرف، والذي يتزعّمه شاب أهوج غبي وحاقد، يدعى نفتالي بينيت، تسلم هو الآخر حقيبة التربية والتعليم، لتكتمل فصول المهزلة المسخرة التي تدعى حكومة، ولنا أن نضحك بملء الفم على هذا الوزير التربوي المعادي لإقامة دولة فلسطينية، والمنادي بضم الضفة الغربية إلى كيانه.
شاكيد هذه تؤمن أن الفلسطينيين "أفاعٍ"، وتدعو إلى قتل أمهات منفذي الهجمات الفدائية، لتجنب "تربية أفاعٍ صغيرة" من الفلسطينيين، ولطالما دعت إلى ارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، ولم تتحرج من ذلك، ونشرت آراء واقتراحات عنصرية كثيرة على صفحتها في "فيسبوك"، وقال عنها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن آراءها لا تختلف عن عقلية هتلر. ونشرت لها صورة وهي ترتدي الزي النازي، في إشارة إلى تركيبتها وشخصيتها الشرسة، وهي التي دعمت مشروع قانون مثير للجدل، يسعى إلى تعزيز الطابع اليهودي للدولة العبرية على حساب طابعها الديمقراطي، ومشروع قانون يستهدف تمويل المنظمات غير الحكومية اليسارية، في خطوة انتقدتها أوروبا.
أمام هذه النماذج من الشخصيات التي باتت بيدها مقاليد الحكم في إسرائيل، نجدنا نردد المثل الشعبي الفلسطيني الآخر: اثنان يا نُمرة. ويُضرب للدلالة على التماثل والتشابه لشخصين، كلاهما أسوأ من الآخر، فريغيف أسوأ من شاكيد، وكان الله في عوننا أمام هذا التغوّل في الحكم الإسرائيلي الذي باتت فيه الأيدي الناعمة ذات مخالب ذئبية قاتلة وبشعة.
03242873-BB9B-4214-A3E2-42F0D8AB7567
عبد الحكيم أبو جاموس

كاتب وصحفي وشاعر فلسطيني