الانفصالية الإسلامية!

الانفصالية الإسلامية!

07 أكتوبر 2020
+ الخط -

 يبدو أن كلمة "مسيو" ماكرون قبل أيام عن الإسلام والمسلمين فاجأتنا كثيراً وأغضبتنا. ولفهم سياقاتها وتوقيتها ينبغي العودة لقراءة وتحليل تطورات الساحتين الداخلية والخارجية لفرنسا، ونقصد بذلك حسابات الرئيس الانتخابية من جهة، وانخراطه في لعبة المحاور التي تعرفها المنطقة العربية ومنطقة حوض المتوسط في السنوات الأخيرة من جهة أخرى.

وقد وجدت كلمته تلك صدى كبيراً لدى النخب الفرنسية، التي لم تُعن كثيراً بحيثياتها -كما نفعل نحن - بل التقطت مضامينها وانطلقت تخوض فيها بكل حماس وقوة.

وهكذا يسجل المتتبع لوسائل الإعلام في بلاد "غالية" هذه الأيام كيف غابت فجأة كل مشاكل البلد عن طاولة النقاش، ليتفرغ المتحاورون للحديث عن الخطر الإسلامي أو "الانفصالية الإسلامية".

الجديد هذه المرة هو إصرار الكثيرين على توجيه الاتهام للإسلام السياسي باعتباره المسؤول عن ما تعرفه أوضاع مسلمي فرنسا من انحراف

 

ولئن كان البعض موضوعياً في طرحه، فإن الكثيرين وجدوا الفرصة سانحة لاستدعاء مواقفهم المتطرفة والإقصائية تجاه الإسلام والمسلمين. كذلك يقف هذا المتتبع على حجم الخلط والتضارب الحاصل في المعجم الموظف في هذه النقاشات، مع استدعاء أحداث و"كليشيهات" دأبت بعض الأطراف على اجترارها في مثل هذه المناسبات: الخطر الإسلامي، التطرف الإسلامي، الإسلام السياسي، الشريعة، قانون الله، العلمانية، قانون الجمهورية، الاندماج، المهاجرون، شارلي إيبدو، أئمة المساجد.. الخ.

لكن الجديد هذه المرة هو إصرار الكثيرين على توجيه الاتهام للإسلام السياسي باعتباره المسؤول عما تعرفه أوضاع مسلمي فرنسا من انحراف، مشيرين إلى الخصم بالاسم هذه المرة، متمثلا في حركة "الإخوان المسلمون" و "السلفية الوهابية". وهو اتهام يرجح فرضية ارتباط ما ذهب إليه ماكرون بسياقات لعبة المحاور كما نعرفها عربياً.

ومما يزيد من شكوكنا حول حيثيات تصريح الرئيس الفرنسي، مسارعة السلطات الفرنسية إلى طرح مشروع قانون عرف بقانون محاربة "الانفصالية الإسلامية" قبل أن يتم تغيير هذا الاسم ويتخذ له اسماً آخر هو مشروع قانون حماية العلمانية. على أن تفصح لنا الأيام القادمة عن تفاصيل هذا القانون وما يراد فيه للمسلمين في بلاد الإخاء والمساواة والحرية.