علاقة بن سلمان بصاحب صحيفتين بريطانيتين تثير المخاوف والأسئلة

تفاصيل جديدة حول نفوذ بن سلمان بالإعلام البريطاني: عشاء وعلاقات شخصية

04 سبتمبر 2019
يفغيني ليبيديف يسيطر على الصحيفتين (مارك آر ميلان/GC Images)
+ الخط -
استضاف يفغيني ليبيديف، المسيطر على صحيفتي "ذي إيفنينغ ستاندارد" و"ذي إندبندنت"، مأدبة عشاء خاصة لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، العام الماضي، في معلوماتٍ كشفتها صحيفة "ذا غارديان" البريطانيّة، وتُثير المزيد من الأسئلة حول روابط قطب الإعلام بالحاكم الفعلي للمملكة، بحسب الصحيفة أيضاً.

وتُحقق الحكومة البريطانية في منافذ ليبيديف الإخبارية، إثر مخاوف المصلحة العامة بشأن استثمار سعودي غامض تم إجراؤه من خلال شبكة من الحسابات المصرفية الخارجية، مع اتهام الحكومة صحيفتي "ذي إيفنينغ ستاندارد" و"ذي إندبندنت" بأنهما مملوكتان جزئياً للسلطات السعودية، عبر سلسلة من الصفقات "غير التقليدية والمعقدة والسرية"، لإخفاء بيع حصص من المنصتين الإخباريتين المتمركزتين في لندن إلى مصرف حكومي سعودي. وأمام وزير الثقافة، نيكي مورغان، مهلة حتى يوم الجمعة ليقرر ما إذا كان سيستأنف أم لا حكماً قضائياً يقول إنّ الحكومة البريطانية فقدت مهلة التدخل في الصفقة.

وكان إمبراطور الإعلام الروسي، ليبيديف، قد باع 30 في المائة من أسهم الصحيفتين إلى شركات خارجية في واجهتها رجل الأعمال السعودي سلطان محمد أبو الجدايل، في 2017 و2018. وقالت الصحيفتان سابقاً إنهما غير متأكدتين من الجهة التي تقف وراء أبو الجدايل.

وليبيديف تربطه علاقات وثيقة بالمملكة العربية السعودية، إذ نشر سابقاً عبر "إنستغرام" صورة مع المليشيات التي تدعمها في اليمن. لكنّ "ذا غارديان" رأت أنّ الإيحاء بأن ليبيديف له علاقة شخصية ببن سلمان يثير المزيد من الأسئلة حول الروابط بين الرجلين. ونقلت عن مصادر متعددة قولها إنّ الأمير السعودي قضى وقتًا من زيارة الدولة القصيرة التي قام بها إلى لندن في مارس/آذار 2018 (عندما استضافته رئيسة الوزراء آنذاك، تيريزا ماي، والملكة إليزابيث) لقضاء بعض الوقت مع ابن الأوليغارشي الروسي، الذي يُعتقد أنه استضاف العشاء في منزله في قصر هامبتون كورت بالاس.

وشاركت شخصيات بارزة في قطاع الأعمال والإعلام في العشاء، وبينها ريتشارد برانسون المؤسس المشارك لشركة فيرجن، الذي أكد متحدثه الرسمي حضوره، قائلاً: "ذهب ريتشارد لتناول العشاء بدعوة من ليبيديف الذي يعرفه جيدًا. في ذلك الوقت، كانت فيرجين تناقش استثمارًا مع [صندوق الاستثمار العام السعودي] PIF في فيرجن غالاكتيك، والذي قام ريتشارد بإلغائه لاحقًا. كان العشاء شخصياً ولا يركز على الأعمال".

ورفض المتحدث باسم ليبيديف التعليق على العشاء، لكنه أصر على أن ولي العهد السعودي ليس له دور شخصي في ترتيب الاستثمارات المتنازع عليها في وسائل الإعلام التي تتخذ من لندن مقراً لها، بحسب الصحيفة التي أشارت إلى أنّ "بن سلمان كان لا يزال يحاول عرض صورة حديثة لبلاده، وهو عمل يتراجع إلى حد كبير في وقت لاحق من ذلك العام عندما تورط في اغتيال الصحافي جمال خاشقجي".

ولا تزال هناك تساؤلات حول سبب قرار أحد البنوك السعودية شراء حصة 30 في المائة في منفذَي أخبار بريطانيَّين، وكيف تم ترتيب الصفقة. وقالت مصادر متعددة لـ"غارديان" إنّ رئيس مجلس الإدارة في "إندبندنت"، جاستن بيام شاو، قد زعم في السابق أنه ناقش الاستثمار السعودي الأولي مع رئيس الوزراء السابق، توني بلير، في عام 2017. وحصل معهد توني بلير منذ ذلك الحين على ملايين الجنيهات من المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق (وهي شركة إعلامية خاضعة لسيطرة الدولة وتدير حاليًا النسخة السعودية من إندبندنت)، بينما قالت مصادر سعودية أيضًا إن بلير قابل بن سلمان في وقت لاحق من ذلك العام. ونفى كل من المتحدث باسم ليبيديف وبلير أن يكون رئيس وزراء حزب العمل السابق مستشارًا في الاستثمار. ومع ذلك، لم يعلق أي من الطرفين على الادعاءات بأن بيام شاو التقى وناقش الصفقة بشكل غير رسمي مع بلير في عام 2017.

وقال متحدث باسم بلير: "كما قلنا من قبل عندما سئلنا عن هذا، فإن بلير لم يكن مستشارًا في مجال الاستثمار الإعلامي في الشركة الأم لإندبندنت (ESI). كان التبرع للمعهد مخصصًا للعمل الذي قام به في أفريقيا وفي برامج التعايش. يعمل المعهد في الشرق الأوسط، وبالطبع يلتقي بلير القيادة هناك من وقت إلى آخر".

بعد الاستثمار السعودي، انضم مدير العلاقات العامة ديفيد جون كولينز، والذي يشغل منصب عضو في مجلس إدارة معهد توني بلير، إلى مؤسسة "إندبندنت" كمدير. وقال ممثلو ليبيديف إن التعيين تم بناءً على اقتراح رجل الأعمال الروسي الشخصي وليست له أي علاقة ببلير.
وكانت حكومة تيريزا ماي قد أطلقت تحقيقاً رسمياً "غير متوقع" في ما إذا كان ينبغي التحقيق في الاستثمار السعودي في "ذي إيفنينغ ستاندارد" و"ذي إندبندنت" لأسباب تتعلق بالمصلحة العامة، مع ادعاء جلسة استماع في المحكمة بأن الرجل الذي قدم أصلاً باعتباره المستثمر الرئيسي، وهو رجل أعمال غير معروف يدعى سلطان محمد أبو الجدايل، كان مجرد رجل قناع للحكومة السعودية.


وقد يكون قرار إجراء تحقيق، والذي تمّ في أواخر أيام قيادة ماي، بمثابة صداعٍ لبوريس جونسون، خصوصاً أنّه يتمتّع بصلات وثيقة مع كلّ من ليبيديف ورئيس تحرير "إيفنينغ ستاندارد"، جورج أوزبورن، والذي يُروّج له حالياً كي يتولى منصب رئيس صندوق النقد الدولي. 

وفي وقتٍ سابق من العام، أصرّ أوزبورن على أنّ وسائل الإعلام احتفظت باستقلاليّة التحرير، مضيفاً: "الأيام التي كانت فيها الصحف البريطانية مملوكة من قبل البريطانيين الذين يعيشون في بريطانيا قد اختفت قبل 50 عامًا. إنها حقيقة أن ملكية الصحف متنوعة للغاية في هذا البلد".
ونتيجةً للصفقة، أطلقت "إندبندنت" سلسلة من المواقع الإلكترونية بعدة لغات، بينها العربية، تستهدف جماهير الشرق الأوسط. يتم تشغيل المواقع ذات العلامات التجارية المستقلة ويديرها موظفو المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق. يوجد بعض الصحافيين الذين ينتجون المحتوى في العاصمة السعودية، الرياض، التي لديها واحد من أدنى التصنيفات لحرية الصحافة في العالم.

وعلى الرغم من أنّ مواقع "إندبندنت" التي تصدر بعدة لغات تأخذ بعض المقالات من المواقع الرئيسية باللغة الإنكليزية، إلا أنّ الموظفين المستقلين المقيمين في لندن لاحظوا أن القصص التي تنتقد المملكة العربية السعودية غالباً ما لا تُترجم. وقال المتحدث الرسمي باسم ليبيديف إنهم كانوا على دراية بمخاوف بعض الموظفين في المملكة المتحدة، لكنهم لاحظوا أن المواقع الخارجية "هي أملاك مرخصة" لا تخضع مباشرة لصلاحياتهم.