عودة استدعاءات الناشطين اللبنانيين بسبب منشوراتهم: السلطة تضيّق الحريات؟

عودة استدعاءات الناشطين اللبنانيين بسبب منشوراتهم: السلطة تضيّق الحريات؟

03 ديسمبر 2019
تخوف من تكريس نهج الاستدعاء (حسين بيضون)
+ الخط -
عادت استدعاءات الناشطين اللبنانيين للتحقيق على خلفية كتاباتهم ومنشوراتهم، وحتى هتافاتهم، بعد توقّفها لـ45 يوماً إثر انتفاضة 17 أكتوبر/ تشرين الأول، ما يتخوّف ناشطون لبنانيون من تكريسه كنهج، إثر تكرار الاعتداء على المنتفضين في ظلّ عدم محاسبة المعتدين عليهم.

فقد مثل أمس، أمام مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، 4 ناشطين من النبطية، هم نعمت بدرالدين، يوسف عاصي، زكي شكر، ومحمد الحاج علي، بسبب كتابتهم منشورات على "فيسبوك" عن اعتداء البلطجية عليهم بمساعدة عناصر من البلدية حينها، أوائل أيام الثورة.

ورفع أحد المعتدين، والذي توثّق صور ومقاطع فيديو اعتداءه بالعصا على المتظاهرين في النبطية، الدعوى، التي تضمّنت 6 أشخاص، حيث من المرتقب مثول الباقين أمام المكتب أيضاً.

وطلب المكتب من الناشطين توقيع تعهد بعدم التعرّض، وهو إجراء غير قانوني ومثير للجدل في لبنان، وسلاح مكتب استدعاءات الناشطين ضدّهم، لكنّ الناشطين رفضوا. كما طُلب منهم حذف منشورات عن "فيسبوك"، إلا أنّهم رفضوا أيضاً. وطلب المحققون هواتف الناشطين كي يُفتّشوا فيها، وهو إجراء مخالف للقانون أيضاً.


ويتخوّف اللبنانيون من اعتماد هذا النهج لمعاقبتهم وملاحقتهم، خصوصاً في ظلّ استنسابية واضحة تتعاطى من خلالها السلطة مع المواطنين. إذ إنّ المعتدين على المتظاهرين لم يوقف منهم أحد ولم يُحاسبوا، فيما لم يُستدعَ أي من ناشطي احزاب السلطة الذين يشنون حملات فبركة وتحريض، تمسّ السلم الأهلي، وهو ما يعاقب عليه القانون اللبناني. وبات ناشطو السلطة وبلطجيوها يرفعون من حدّة تهديداتهم للناشطين، بسبب هذه الاستنسابية، كونهم يعرفون أنّهم سيفلتون من العقاب.

وأمس الإثنين أيضاً، استدعى جهاز أمن الدولة الناشط جورج قزي للمثول أمامه اليوم الثلاثاء، بسبب تغريدةٍ نشرها على "تويتر". وبعد ضجّة أثارها الخبر، اتّصل المكتب بقزي وألغى الاستدعاء، فيما كان أبلغ أحد محاميه بطلب "حذف التغريدة" مقابل "حذف الاستدعاء"، وهي أيضاً إجراءات مخالفة للقانون.


لكنّ هذه الممارسات ليست بغريبةٍ على النظام اللبناني. فقد كانت منظّمة "هيومن رايتس ووتش" قد قالت في تقرير أصدرته قبل أسابيع إنّه "بعد الاحتجاجات الجماهيرية العام 2015، شهد لبنان زيادة مقلقة في الهجمات على التعبير السلمي. فتح مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية 3599 تحقيقاً في ادعاءات تشهير بين يناير/كانون الثاني 2015 ومايو/أيار 2019".

وأشارت المنظمة إلى أنّ الأرقام التي زودها بها المكتب توضح "ارتفاعاً بنسبة 325% في عدد قضايا التشهير المتعلقة بالتعبير عبر الإنترنت بين 2015 و2018. وتتوافق هذه الزيادة مع تدهور الأوضاع الاقتصادية وخيبة الأمل الشعبية بسبب الفساد وسوء إدارة المال العام".

المساهمون