بريطانيا تنتقد قسوة واشنطن على إسرائيل

بريطانيا تنتقد قسوة واشنطن على إسرائيل

30 ديسمبر 2016
أشادت تيريزا ماي بإسرائيل بوصفها "منارة للتسامح" (Getty)
+ الخط -

كانت بريطانيا الصوت الشاذ الوحيد الذي انتقد خطاب وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، حول العلاقات بين الفلسطينيين والإسرائيليين. واعتبرت الحكومة البريطانية، أمس الخميس، أنّ بيان كيري "غير لائق"، وأنه لا يمكن التفاوض بشأن سلام بين إسرائيل والفلسطينيين من خلال التركيز حصراً على المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما رأت أنه من غير المناسب توجيه الانتقاد لـ"حكومة حليفة منتخبة".

وكانت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، قد أشادت قبل أيام بإسرائيل بوصفها "منارة للتسامح"، وقالت في أول خطاب لها أمام منتدى "أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين"، الذي أقيم الشهر الماضي تحت شعار "100 عام على وعد بلفور"، إن العلاقات البريطانية مع إسرائيل "بالغة الأهمية". وتعهدت برفع علاقات التجارة الثنائية بين البلدين إلى آفاق جديدة، ووصفت "وعد بلفور" بأنه "إحدى أهم الرسائل في التاريخ". ووصفت ماي إسرائيل بأنها "دولة رائعة"، وأضافت "لدينا، في إسرائيل، ديمقراطية مزدهرة، منارة للتسامح، محرك للمبادرة، ومثال لبقية العالم حول كيفية التغلب على الشدائد وتحدي النواقص".


واشنطن التي تلقت التصريح الرسمي البريطاني باستغراب، مشيرةً إلى أن مضمون خطاب كيري لا يبتعد عن الرؤية البريطانية، التي تم التأكيد عليها في تصريحات المتحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية، أكد فيها أن بريطانيا تدعم حل الدولتين، وتعتبر بناء إسرائيل مستوطنات في الأراضي الفلسطينية غير قانوني، مضيفاً أنه "من الواضح أن الاستيطان ليس المشكلة الوحيدة في هذا الصراع".

وما زاد الموقف البريطاني غموضا، تزامنه مع تردد أنباء مفادها أن مشروع القرار 2334 الذي قدمته نيوزيلندا، والسنغال، وماليزيا وفنزويلا لمجلس الأمن الدولي، تم بمبادرة بريطانية. ونقلت صحيفة "جويش كرونيكل" عن مصدر سياسي بريطاني، أمس، قوله إنه عند وصول نص القرار للدول الأعضاء في مجلس الأمن، كان "فعليا مشروع قرار بريطاني".

وكانت صحيفة "ذا غارديان" قد ذكرت أن بريطانيا "لعبت دورا مركزيا وراء الكواليس" لضمان مرور القرار 2334 في مجلس الأمن الدولي.

وقال مصدر بريطاني آخر لصحيفة "كرونيكل" إن تصويت بريطانيا لجانب القرار هو جزء من سياسة رئيسة وزراء بريطانيا الجديدة تيريزا ماي تجاه إسرائيل. وقالت الصحيفة إن ماي، المحسوبة ضمن أصدقاء إسرائيل المخلصين، تعتبر المستوطنات عائقاً كبيراً لمفاوضات السلام الإسرائيلية الفلسطينية، وأن القرار 2334 كان "الخطوة الأولى في إبراز سياسة بريطانيا ضد المستوطنات"، حسب ما نقلته عن مصدر بريطاني.

الاعتراض البريطاني على خطاب رئيس الدبلوماسية الأميركية، يمكن فهمه مع الإشارة إلى ما ذكرته صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، يوم تولي تيريزا ماي مسؤولية رئاسة الحكومة البريطانية في يوليو/تموز الماضي، وهو أن إسرائيل تأكدت من أن علاقتها الجيدة مع بريطانيا، التي تعززت خلال فترة رئاسة ديفيد كاميرون للوزارة، ستستمر عندما تتولى تريزا ماي، المنصب.

ونقلت الصحيفة في تقرير على موقعها الإلكتروني، عن السفير الإسرائيلي السابق لدى بريطانيا، دانيل توب، "أن ماي صديقة قديمة لإسرائيل وللمجتمع اليهودي"، مضيفا أن ماي كانت، بوصفها وزيرة للداخلية، تدعم بشده جهودنا لتعميق العلاقات الإسرائيلية البريطانية في مجال الأمن القومي، وكانت متفهمة للغاية لجميع مخاوف المجتمع اليهودي بشأن معاداة السامية وتنامي التيارات المتطرفة. وهذا ما بدا واضحاً في خطابها أمام منتدى "أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين" عندما تعهدت بإصدار قرار حكومي جديد يقضي بتوسيع مفهوم "اللاسامية" ليشمل التعابير السلبية الموجهة ضد إسرائيل نفسها، وليس فقط ضد اليهود واليهودية.

ومن المنتظر أن يكون "دعم إسرائيل" بوابة لتقارب مُنتظر بين الحكومة البريطانية المحافظة، برئاسة تيريزا ماي، التي ترى في إسرائيل "حليفا" و"ديمقراطية مزدهرة"، وبين الرئيس الأميركي المُنتخب، دونالد ترامب، الذي قال ردا على القرار 2334 إن "الأمور ستتغير بعد تسلمه مفاتيح البيت الأبيض في العشرين من الشهر المقبل، داعياً إسرائيل الى الصمود".