إضراب الأردن: النقابات تتصدر المشهد السياسي بغياب الأحزاب

إضراب الأردن: النقابات تتصدر المشهد السياسي بغياب الأحزاب

31 مايو 2018
رفض شعبي للخطوة الحكومية (خليل مزرعاوي/ فرانس برس)
+ الخط -
بعث الإضراب الشامل عن العمل، الذي نفذته أمس الأربعاء، النقابات المهنية في الأردن، ضد مشروع قانون ضريبة الدخل المعدل، الروح مجدداً في هذه النقابات في ظل غياب لافت للأحزاب السياسية، بينما يصرّ محركو الاحتجاج الأكبر منذ فترة طويلة على إبقاء الحراك في إطاره المطلبي الاقتصادي ــ الاجتماعي بعيداً عن أي توظيف سياسي.


وهذا الحراك هو الأكبر في المملكة منذ نحو 5 سنوات، إذا ما استثنينا الاحتجاج الشعبي على نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، والذي جاء بمباركة رسمية.

رسميا، استبق رئيس ديوان التشريع والرأي، نوفان العجارمة، الإضراب بتهديد موظفي القطاع العام من مغبة المشاركة فيه، حين قال إن إضراب موظفي القطاع العام محظور ويخالف القانون. وقد شارك آلاف الأردنيين في الإضراب ضد مشروع القانون الذي سوّق لمعالجة المتهربين ضريباً، "إلا أنه أصاب الطبقات الفقيرة والمتوسطة وشمل قطاعات يجب أن تكون معفاة كالقطاع الزراعي"، كما يقول رئيس مجلس النقباء، علي العبوس، لـ"العربي الجديد".

وما يلفت الانتباه هو أن قانون الضريبة وحّد فئات مجتمعية لم تتوافق سابقاً على رفض قانون الضريبة رغم اختلاف توجهاتهم.



النقابات المهنية التي يسيطر على مجالسها اليساريون والقوميون كما هو الحال في نقابة المهندسين والمحامين، يشاركهم الإسلاميون في نقابة الأطباء عادت لتتولى زمام المبادرة في الحراك الشعبي، وهذا يفسّر ضمن عدة محاور تضرر فئات اجتماعية كبيرة من مشروع القانون، وتراجع دور مجلس النواب كسلطة رقابية إلى أداة بيد الحكومة، وتغوّل الحكومة بقرارات تريد منها أن تكون حلاً سريعا للتخفيف من عجز الموازنة.

ويقول الكاتب السياسي الساخر، أحمد حسن الزعبي، لـ"العربي الجديد" إن النقابات المهنية "بدأت تأخذ دورها من جديد وعادت لتثبت أن النقابة ليست مجرّد بناء وقوائم عضوية ورسوم انتساب، كان لا بدّ أن تستيقظ عندما تشعر هذه النقابات أن الوطن بخطر، وأن المواطن أصبح على شفير الجوع إن لم يكن قد بلغه فعلاً". واختتم الزعبي حديثه بالقول إن الحكومة تغطرست وأن النقابات عادت لأخذ دورها وبدأت تتلمس هموم الشارع.

النقابات المهنية التي انتفضت ضد مشروع القانون استطاعت أن تملأ الفراغ الذي نشأ نتيجة تراجع دور الأحزاب السياسية في المشهد السياسي الأردني، بما في ذلك التنظيم الحزبي الأقوى والأكبر في الأردن (جبهة العمل الإسلامي ــ الفرع الأردني للإخوان المسلمين). حتى الآن الاحتجاج على قانون الضريبة لم يأخذ قالباً سياسياً واضحاً، إذ شارك الجميع في احتجاج يوم أمس على تنوع خلفياتهم السياسية والحزبية والنقابية.

وحول السيناريو المرتقب إزاء احتمال عودة الحراك الشعبي إلى الشارع كما كان في أعوام الربيع العربي، يقول الصحافي والكاتب محمد أبو عريضة لـ"العربي الجديد" إنه "في البعد الإجرائي من الممكن أن يقوم الملك بإقالة الحكومة لامتصاص غضب الشارع المتصاعد، لكن في البعد الاستراتيجي فإن الدولة لا تمتلك إرادة سياسية وسترضخ أمام إملاءات صندوق النقد والبنك، وذلك لأنها تلتزم معهما باشتراطات وغير قادرة على مقاومة ذلك".



واستطرد أبو عريضة بالقول إن الدولة تقع تحت ضغط سياسي اقتصادي، وهذا كله يجيء لتجويع الأردنيين والهدف من ذلك تمرير صفقة القرن. من جهته عبّر رئيس مجلس النقباء، علي العبوس، في حديث خص به "العربي الجديد" عن استهجانه الشديد من قيام الحكومة بتحويل مشروع القانون في الوقت الحالي إلى مجلس النواب، رغم أنه غير منعقد وبقي نحو شهرين على دورته الطارئة.

ويحظى العبوس باحترام شعبي كبير مرده توصيته الطبية بمنع سفر المتهم بقضايا فساد، خالد شاهين، قبل أعوام عندما كان يعمل طبيبا في الخدمات الطبية الملكية في الجيش العربي. وكانت قد شغلت الرأي العام حينها.



ويقول العبوس إن الحكومة تتحجج الآن بأن مشروع القانون بات في مجلس النواب، مشيراً إلى أن مجلس النقباء أمهل الحكومة لتسحب مشروع قانون ضريبة الدخل، قبل أن يتم تنفيذ وقفات احتجاجية يوم الأربعاء المقبل. العبوس يتفق مع ما طرحة الكاتب أبو عريضة، ويقول إن قانون مشروع قانون الضريبة هو جزء من محاولات تتم بشكل ممنهج لإفقار الأردنيين وبقائهم رهن "لقمة العيش"، وذلك لتمرير "صفقة القرن".