خطة السيسي لتظاهرات 11 نوفمبر: توجيهات بالقمع وتلفيق التهم

خطة السيسي لتظاهرات 11 نوفمبر: توجيهات بالقمع وتلفيق التهم

20 أكتوبر 2016
تعليمات مشددة لمواجهة أي تظاهرات (إبراهيم رمضان/الأناضول)
+ الخط -
تستعد القوى الأمنية المصرية، بناءً على مطالب الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، لقمع أي تظاهرات أو تجمعات للمواطنين في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. ويقول مصدر أمني في جهاز الأمن العام في وزارة الداخلية المصرية إن "مساعد الرئيس عبد الفتاح السيسي للشؤون الأمنية، اللواء أحمد جمال الدين، أصدر تعليمات مشددة لوزير الداخلية، مجدي عبدالغفار، بمواجهة حاسمة لأي تظاهرات أو تجمعات للمواطنين في 11 نوفمبر، المتوقع أن يشهد حراكاً ضد السيسي". ووفقاً للمصدر نفسه، فإن "قوات الأمن لن تسمح بتجمع أي عدد من المواطنين"، موضحاً أن التقديرات المقدمة من جهاز الأمن الوطني للوزير تشير إلى "خطورة الوضع، وأن الفئات التي تنوي المشاركة في التظاهرات المرتقبة كبيرة جداً وواسعة، خصوصاً في القاهرة والإسكندرية ومحافظات الصعيد".

ويوضح المصدر أن "التقديرات الأمنية لحجم المشاركة متفاوتة بين محافظة وأخرى، والنسبة الأكبر تتركز في القاهرة، وأن المؤشرات تؤكد عدم ضلوع جماعة الإخوان المسلمين أو المعارضة الإسلامية في الحشد المباشر للتظاهرات في الشارع من خلال اللقاءات الشخصية مع المواطنين. كما تؤكد المؤشرات أن الأسباب الرئيسية لنية المواطنين الخروج تراوح بين الأوضاع الاقتصادية السيئة، وضعف أداء السيسي، وارتفاع الأسعار بعد فرض ضريبة القيمة المضافة، ووقف التوظيف في الجهات الحكومية"، على حد قول المصدر.
 وعلى الرغم من هذه التقديرات الأمنية، إلّا أن الداخلية تنفذ خطة أخرى، كانت "العربي الجديد" قد كشفت عنها الأسبوع الماضي، تتمثل في اعتقال العشرات من الشباب والطلاب المنتمين إلى "الإخوان" أو المقربين من أفراد الجماعة بتهمة التحريض على تظاهرات 11 نوفمبر، والتنسيق مع النيابة العامة بهذا الشأن لاصطناع تحقيقات تتهم الموقوفين بالتحريض على التظاهرات المرتقبة. ويهدف ذلك كله إلى إيهام الرأي العام بأنها "صنيعة إخوانية"، وإثناء المواطنين عن المشاركة فيها.

وأشار المصدر إلى أن التعليمات المبدئية من وزير الداخلية لقطاعات الشرطة تنصب على تكرار ما حدث في 25 يناير/ كانون الثاني الماضي وفي أيام التظاهرات المنددة بالتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير. ويشمل ذلك تكثيف التواجد الأمني في جميع الأماكن وأمام جميع المساجد التي قد تشهد تجمعات بعد صلاة الجمعة مباشرة، وفض التظاهرات الصغيرة بالقوة قبل أن تتحول إلى مسيرات كبيرة، ما يؤدي إلى إجهاض أي حراك شعبي. وأكد أن "قوات الشرطة العسكرية سيكون لها دور تأميني كبير في هذا اليوم بالتنسيق مع الداخلية". ولفت إلى أن التنسيق بدأ بالفعل بين الجهتين لتشديد الأمن على المقار الحكومية والسفارات وماسبيرو والقصور الرئاسية.

وفي السياق، ذكر مصدران مختلفان في وزارة العدل ومجلس الوزراء أن "المؤشرات التي تصل إلى الحكومة بشأن استعدادات 11 نوفمبر تؤكد أن جهة معينة داخل الدولة، أو أشخاصاً مناوئين للسيسي من قلب النظام، هم الضالعون الأساسيون في الحشد لهذا اليوم، والأمر ليس له علاقة بتيارات الإسلام السياسي أو اليسار".
وبرر المصدران هذا الاستنتاج بعدم وجود نشاط فعلي للتيارات الإسلامية على الأرض، في مقابل انتشار دعوة المشاركة في التظاهرات في أوساط اجتماعية غير مهتمة بالسياسة، ولم تعتد المشاركة في الفعاليات السياسية خلال السنوات الثلاث الماضية. ويضاف إلى ذلك تعدد صفحات مواقع التواصل الاجتماعي مجهولة الهوية الداعية للمشاركة، واتباع أساليب غير تقليدية في الدعوة، مثل طباعة أختام على أوراق البنكنوت (المال)، وليس استخدام الحائط وتعليق الملصقات.

وأوضح المصدران أن "هناك احتمالاً آخر للتظاهرات الغامضة في 11 نوفمبر، هو أن يكون الحشد والتخويف المبالغ فيه مما سيحدث عبر الفضائيات المؤيدة للسيسي، مسرحية لإيهام الرأي العام بوجود مخطط إخواني لقلب النظام، ثم يمر اليوم من دون مشاركة واسعة، فيستخدم النظام ذلك للتهوين من شأن المعارضة وقدرتها على الحشد، كما حدث في بعض أيام التظاهر العام الماضي، ما يمكّن النظام من امتصاص غضب المواطنين من سوء الأوضاع الاقتصادية من دون أن يتكلف شيئاً". وشدد المصدران، كل على حدة، على أن "النظام يبدي استعدادات استثنائية لهذا اليوم من حيث التأمين والتنسيق بين جهات الدولة، كما أن هناك تعليمات وجهها رئيس الوزراء للوزراء بضرورة إبراز قرارات إيجابية ملموسة - كل في ملفه - على صفحات الصحف لمحاولة امتصاص غضب الرأي العام قبل يوم التظاهرات".

وفي سياق استعدادات النظام لهذا اليوم تحسباً للغضب الشعبي، وتأكيداً لما نشرته "العربي الجديد" الأحد الماضي، استجاب السيسي بشكل جزئي للضغوط والمقترحات التي قدمها عدد من الشخصيات المحسوبة على معسكر 3 يوليو/ تموز 2013 بعقد حوار وطني موسع بين ممثلي تيارات هذا المعسكر قبل تظاهرات 11 نوفمبر لتهدئة الرأي العام وامتصاص الغضب الذي يظهر في بعض وسائل الإعلام، وإعادة اللحمة لأطياف هذا المعسكر حفاظاً على تماسك النظام. ووجه السيسي بشكل مفاجئ وزير الشباب والرياضة المقرب منه، خالد عبد العزيز، لتخصيص جلسات نقاش خلال مؤتمر الشباب الذي يعقد في شرم الشيخ بين 25 و27 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي "لنقاشات مفتوحة بين الشباب من كل التيارات السياسية، باستثناء الجماعات المعارضة مبدئياً للسيسي والحكم العسكري"، وذلك بحسب مصادر سياسية مطلعة.

وبناءً على هذه التوجيهات، أرسل وزير الشباب دعوات إلى جميع الأحزاب السياسية التي ساندت السيسي منذ عزله للرئيس محمد مرسي منتصف 2013، بما في ذلك التيار الشعبي الذي يرأسه حمدين صباحي، وجميع الأحزاب الممثلة في البرلمان، وكذلك الأحزاب التي نافست في الانتخابات وفشلت في إحراز أي مقعد. كما تمت مخاطبة كافة أنواع وسائل الإعلام الخاصة، والجامعات والأكاديميات، لكي ترسل كل جهة من 5 إلى 10 ممثلين لها من الشباب دون 40 عاماً، ليشاركوا في الحوار السياسي الذي سيشهده مؤتمر شرم الشيخ للشباب. وأوضحت المصادر السياسية أنه تم جمع الأسماء المرشحة للمشاركة في المؤتمر، وأرسلت إلى الجهات الأمنية لفحصها والتأكد من عدم انتمائها إلى جماعة الإخوان المسلمين أو التيارات الإسلامية المعارضة للسيسي، باعتبار أن هذه الفئة هي المستثناة فقط من حضور المؤتمر.
ووفقاً للبرنامج المبدئي لمؤتمر الشباب، فإن هذه الجلسات الحوارية ستكون مغلقة بحضور ممثلين لوزارة الشباب، وستعد الوزارة تقارير بشأنها لرفعها إلى الجلسة التي سيشارك فيها السيسي، مع اختيار عدد محدود من الشباب للقاء الرئيس وتوجيه الأسئلة له في اليوم الأخير من المؤتمر.

وذكرت المصادر أن "تغيير برنامج المؤتمر بالسماح لممثلي الأحزاب بالحضور، وعدم قصره على الشباب المنتظمين في ما يسمى البرنامج الرئاسي لإعداد الشباب للقيادة وغيرها من الفعاليات الحكومية، يعبّر عن قلق السيسي من تدهور الأوضاع الاجتماعية. ويضاف إلى ذلك قلق من اتساع الفجوة بينه وبين الشباب، الذين خصص العام 2016 لحل مشاكلهم وإطلاق مشاريع خاصة بهم، فإذ به يتحول لأكثر فترة شهدت صدور أحكام قضائية بالحبس والغرامات للشباب بسبب تظاهرات تيران وصنافير وأحداث العنف المزعومة والخلايا التي تدعي الداخلية ضبطها لجماعة الإخوان".

المساهمون