بانتظار صيحة الديك الأخيرة

بانتظار صيحة الديك الأخيرة

21 يونيو 2019
إبراهيم جوابرة/ فلسطين
+ الخط -

كلمة

مُجرّد كلمة تريد العودة إلى بيتِها في المعجم.
لعلّها فقدتْ حِسَّ الحاضر
وتريد الارتماء في الصحراء، بيتِها الأول.
ستكون صديقةً للريح والغبار ولسمكةِ
النَّهرِ التي سبحتْ بجوار أوَّل الشعراء، الذين مَشوا بسهولةٍ في
القيعان المظلمة، دون أنْ تنطفئ المشاعلُ في أيديهم.
وكان كلّما هدَّهُ التعبُ،
انتبذَ ربوةً وتمدّد فوق عشبها، مُسنِداً رأسه إلى ذراعه
المَطويِّ خلفه مثل جناح،
سارحاً بعينَيه في مواكب الصيّادين،
الذين تلمع مُداهم مِن خلف قشرة الماء.
مَرَّةً وقعَت مِن أحدهم مِدْيته، فاندفع قافزاً وراءها في النهر،
لم يعثر عليها،
ولكنّه سمع غناءً عذباً يصعد مِن بين الطحالب والأزهار،
سبح باتجاهِه،
وكم كانت دهشتُه كبيرة
عندما عثر على شاعر وسمكةٍ يُناجيان بعضهما
عازمَين على بناء قصرهما بأعمق الخلجان.
الكلمةُ، التي كانت فقدت حِسَّ الحاضر
صارتْ تتمشَّى، كل عَشية، على ضفة النهر،
خارج المعجم
لترويَ ذلك!


■ ■ ■


قبر

ينتحبُ على قبر،
بينما الشرفة تضمُّ شبحَين مُتعانقَين.

طائر الشجرة يُدندن لهما، وطائر القبر يَضج في جفنة الماء
التي عبّأَتها يَدُ امرأةٍ عابرة.

فوق الشاهدة دموعُه لا تكفي
الشِّعرُ ما عاد يُسعف
خيوطٌ قليلةُ من الشمس تفشل في إغراء الميِّت
بالمُكوث أكثر بأرضِنا.

آخِرُ طائر جرح السماء بِرَفيفِه الهَلِع.

القبرُ أغلقَ بابَه، والميِّتُ أخذَ الطائر إلى صدره،
بانتظار صيحة الديك الأخيرة.


* شاعر من المغرب

المساهمون