تراجع الصادرات والنمو في إيران رغم الاتفاق النووي

تراجع الصادرات والنمو في إيران رغم الاتفاق النووي

12 أكتوبر 2015
الريال الإيراني يتراجع والاتفاق النووي لم يسعف الاقتصاد (أرشيف/Getty)
+ الخط -


كان هناك اعتقاد سائد بأن الاتفاق النووي مع أميركا والغرب سيصبح طوق نجاة للاقتصاد الإيراني، إلا أن الواقع يؤكد أن الأزمات الاقتصادية تتصاعد، ما دفع أربع وزراء إلى توجيه رسالة للرئيس الإيراني حسن روحاني، تحذر من تدهور الاقتصاد.

ولاقت الرسالة التي نشرتها وكالة مهر للأنباء الأسبوع الماضي، ردود أفعال واسعة في الداخل الإيراني، حيث أنها تسير عكس الاتجاه المتفائل بالتوصل إلى اتفاق مع دول 5+1 في 14 يوليو/تموز الماضي، ينتظر أن يلغي تطبيقه العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها منذ سنوات، حسب محللين.

وما أكد المخاوف من استمرار تأزم الأوضاع الاقتصادية إحصائيات مهمة كشفت عن تراجع مبيعات النفط الإيرانية بدلاً من زيادتها، حيث تتجه نحو تسجيل أدنى مستوى في سبعة أشهر في أكتوبر/تشرين الأول، ما يظهر الصعوبات التي تواجه طهران في تعزيز صادراتها النفطية حتى بعد التوصل للاتفاق النووي التاريخي مع قوى دولية.

وحسب المحللين، تأتي المبيعات الضعيفة على الرغم من عروض تخفيض الأسعار التي تهدف إلى تشجيع زبائن إيران في آسيا على الشراء ومن المنتظر أن تهبط صادرات إيران من الخام بخلاف المكثفات إلى نحو 830 ألف برميل يومياً هذا الشهر، حسب تقرير سابق لوكالة "رويترز".

وكان وزراء الاقتصاد علي طيب نيا، والصناعة محمد رضا نعمت زاده، والعمل علي ربيعي، والدفاع حسين دهقان، قد حذروا في رسالتهم الرباعية، روحاني، من أن عدم اتخاذ أي خطوات اقتصادية حقيقية في البلاد، قد تبدل الركود الاقتصادي الذي تعانيه إيران منذ سنوات إلى كارثة حقيقية، محذرين كذلك من تبعات الإجراءات "غير متناغمة وغير متناسقة" بين مؤسسات الدولة.

كما جاء في الرسالة أن السوق الإيرانية تأثرت سلبا بعدد من العوامل الدولية والمحلية منذ عامين، وهي الفترة التي تولى فيها روحاني سدة الرئاسة، ومن هذه العوامل انخفاض الأسعار العالمية للنفط، وانخفاض أسعار المعادن، فضلا عن تبعات العقوبات التي لازالت تصدم الاقتصاد الإيراني، قائلين إنه تمت ملاحظة انخفاض معدل النمو في السوق الإيرانية التي لم تعد تشهد تحسنا مؤخراً.

وأكد الوزراء الأربعة في رسالتهم أنه بحال لم يتم اتخاذ قرارات وخطوات عملية عاجلة ستهوي بورصة طهران خلال الأسابيع المقبلة بمؤشر ستتراوح قيمته بين 1000 و1500 نقطة، كما حذروا من انهيار جديد للعملة المحلية أمام الدولار الأميركي، فضلا عن توقعاتهم بحصول عجز في الموازنة العامة للبلاد، داعين الرئيس للتدخل سريعا بإقراره لخطط اقتصادية قد تمنع هذه الكارثة من الوقوع.

وحول سبب هذا التوقيت لنشر الرسالة، أكد محللون إيرانيون، أنها تعكس وجود خلاف في الفريق الحكومي.

وقد كان واضحاً في الرسالة انتقاد الوزراء لدور المصرف المركزي الإيراني والقائمين عليه، فركزوا على انخفاض سعر صرف الريال الإيراني أمام الدولار، كما ذكروا أن المركزي يجبر المصارف على التعويض عن العجز في خزينة الدولة.

اقرأ أيضاً: أميركا تحذّر الشركات العالمية: عقوبات إيران لا تزال سارية

إلا أن وزير الاقتصاد الإيراني سارع بالرد على بعض التكهنات، في حوار مع التلفزيون المحلي الإيراني، قائلا إن هذه الرسالة لا تهدف لإيجاد اختلاف بين أعضاء حكومة روحاني، مضيفا إنه لو تم عرضها على بقية الطاقم الحكومي لوقعوا عليها كذلك.

وذكر طيب نيا، أن هذه الرسالة ليست تحذيرية، ولكنها تشير في نقاطها المفصلة للوضع الحالي في السوق الإيرانية، واعتبر أن الاقتصاد الإيراني يمر بظروف حساسة للغاية، مشيرا إلى تحقيق انجازات اقتصادية خلال العامين الفائتين، ومعتبرا أن سببها الأساس هو المفاوضات النووية، التي أسفرت أخيرا عن اتفاق مع الغرب.

كما رد المتحدث باسم الحكومة الإيرانية محمد باقر نوبخت، في تصريحات نقلتها المواقع الرسمية الإيرانية على تعليقات الداخل على الرسالة، قائلا إن توقيع وزير الدفاع عليها وإن لم يكن عمله مرتبطا بالاقتصاد يأتي لدعمه لشركة استثمار تابعة للقوات المسلحة والمسماة بشركة غدير.

من جهته اعتبر رئيس مؤسسة دراسات وأبحاث التسويق التابعة لوزارة الصناعة محمد رضا رضوي، أن الظروف الاقتصادية الحالية مازالت بعيدة عن المستوى المطلوب، وأضاف في حوار مع وكالة إيسنا الإيرانية أن الأرقام تشير إلى أن الاستثمار في قطاع الصناعة والمعادن كانت تأخذ منحى تصاعديا من العام 1997 حتى العام 2007، إلا أنه بعد هذا العام باتت معدلات الاستثمار في تناقص وهذا الوضع مستمر حتى اليوم حسب تعبيره.

ورغم محاولات حكومة روحاني التحكم بنسبة التضخم الاقتصادي إلا أنها ما زال مرتفعة وتدور حول 15%، حسب الإحصائيات الرسمية.

وكانت إيران استقبلت عدداً من الوفود الأوروبية والأسيوية عقب التوصل للاتفاق النووي، وتم الإعلان عن العديد من الاتفاقيات المهمة إلا أن معظمها مرتبط بالبدء في تطبيق الاتفاق النووي وهو ما لم يحدث حتى الآن.

وفي محاولة للخروج من الأزمة الاقتصادية اتجهت طهران نحو توقيع مزيد من العقود النفطية، لكنها اصطدمت بصخرة الاتفاق، وكانت طهران وافقت في سبتمبر/أيلول الماضي على مسودة عقود نفط وغاز دولية لاجتذاب المستثمرين الأجانب ومشتري النفط حينما ترفع عنها العقوبات لكن لم تفصح عن التفاصيل.

ونقلت شانا عن رئيس لجنة مراجعة العقود النفطية، مهدي حسيني، قوله "لا توجد قيود على حضور شركات إيرانية وأجنبية مؤتمري طهران ولندن"، المزمع عقدهما في نوفمبر/تشرين الثاني وفبراير/شباط المقبل.

ولكن في المقابل، أطلقت أميركا أمس، تحذيرات للحكومات الأجنبية والمصارف الأميركية، من التعامل مع طهران نظرا لاستمرار العقوبات الاقتصادية على إيران التي لا تزال سارية رغم إبرام الاتفاق النووي.

وقالت مصادر دبلوماسية وحكومية أميركية إن الخارجية وجهت في الفترة الماضية خطابا للسفارات تبلغهم فيه باستمرار العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران.


اقرأ أيضاً:
مصارف إيران تعالج أزماتها تأهباً للاستثمارات الأجنبية
إيران تعتزم عرض ثلاثة حقول غاز للاستثمار الأجنبي

المساهمون