الخليج بين قوتين

الخليج بين قوتين

18 يناير 2016
السؤال: أي القوتين تصمد أمام التحديات التي تواجهها؟ (الأناضول)
+ الخط -
بإلغاء العقوبات الغربية المفروضة على إيران من قبل الاتحاد الأوروبي وأميركا بات الخليج العربي يقف بين قوتين اقتصاديتين متناطحتين، لا قوة واحدة كما كان الحال في السنوات العشر الماضية.

قوة صاعدة في الشرق من الشاطئ تستعد لقطف ثمار الاتفاق النووي الذي أبرمته مع الغرب في شهر يوليو/ تموز الماضي، وهذه القوة يسعى الجميع لخطب ودها والتقرب إليها لأسباب اقتصادية بحتة.

وقوة أخرى تقع في الغرب من الخليج وتمتلك ثروات هائلة وصناديق سيادية واحتياطيات ضخمة من النقد الأجنبي، ولديها علاقات سياسية واقتصادية قوية مع الغرب.

كلا القوتين تواجهان تحديات كثيرة مشتركة ومعقدة ناجمة بشكل أساسي عن استمرار تهاوي أسعار النفط، المصدر الرئيسي لإيرادات القوتين، وتفاقم المخاطر الجيوسياسية، إضافة لحالة من التوتر السياسي المستمر منذ سنوات، والذي اشتعل وبقوة إثر تدخل طهران لدعم انقلاب الحوثيين على الشرعية في اليمن، وبعدها اندلاع مواجهة خليجية إيرانية غير مباشرة على الأراضي اليمنية.

كما تفاقمت حالة التوتر بين القوتين أخيراً عقب إعدام السعودية رجل الدين الشيعي نمر النمر، واقتحام إيرانيين مقر السفارة السعودية بطهران، وبعدها قطع دول خليجية علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع إيران.

القوة التي تقف على الشط الشرقي للخليج هي إيران التي تستعد لكسب مزايا اقتصادية ومالية لا حصر لها من رفع العقوبات الغربية، أسرعها على الإطلاق استرداد 100 مليار دولار من أصولها وأموالها المجمّدة منذ نحو 13 سنة، منها 30 مليار دولار أرصدة احتياطيات من النقد الأجنبي سيتسلّمها البنك المركزي الإيراني فوراً عقب إلغاء الحظر الاقتصادي الذي تقرر رفعه أول من أمس السبت، إضافة لأموال مجمدة أخرى، منها العائدات النفطية الإيرانية التي تم تجميدها عقب فرض العقوبات الغربية.

كما ستحصد طهران مزايا أخرى، منها الدخول في شراكات تجارية واقتصادية مع كل دول العالم، والتعامل مباشرة مع كبريات الشركات العالمية.

والأهم من ذلك أن إيران تسعى لأن تكون واحة الاستثمارات الأجنبية في المنطقة، سواء القادمة من ناحية الشمال، خاصة من أوروبا، والساعية للاستثمار في قطاعات اقتصادية حيوية، منها الطاقة والنفط والبنية التحتية، أو تلك الأموال الهاربة من الأسواق الناشئة تفادياً لتداعيات أزمة اقتصادية عالمية جديدة تنطلق هذه المرة من الصين.

بالطبع فإن القوة الاقتصادية المتوقعة لإيران تعطيها أيضاً قوة مالية تساعدها في مد سيطرتها ونفوذها داخل دول المنطقة، خاصة في اليمن وسورية والعراق ولبنان، وربما لاحقاً داخل دول خليجية كبرى.

في الجانب الآخر من الخليج، تقع دول مجلس التعاون الست ذات المراكز المالية القوية رغم عجز الموازنات الأخير بها، إذ لا تزال هذه الدول تمتلك احتياطيات من النقد الأجنبي تتجاوز 1000 مليار دولار، منها أكثر من 628 مليار دولار للسعودية حسب إحصاءات شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2015، كما تمتلك صناديق سيادية وأصولاً واستثمارات في الخارج تتجاوز قيمتها 2 تريليون دولار، إضافة إلى أن هذه الدول لا تزال اللاعب الرئيسي في سوق الطاقة العالمي إذ تنتج 20 مليون برميل نفط يوميا، وتعد بعض دولها من أكبر منتجي الغاز حول العالم.

لكن في مقابل هذا الثقل المالي تواجه دول الخليج تحديات ترهق مركزها المالي، مثل التكاليف الباهظة للحروب في اليمن وسورية والعراق، وتكاليف مواجهة المد الإيراني في 5 دول عربية، وتحدي خطر الإرهاب، إضافة لتهاوي أسعار النفط التي فقدت نحو 70% من قيمتها منذ منتصف العام 2014.

السؤال: أي القوتين تصمد أمام التحديات التي تواجهها؟

اقرأ أيضا: 5 فوائد لإيران بعد رفع العقوبات