مساعٍ حكومية لمواجهة تداعيات تراجع الصادرات الإيرانية

مساعٍ حكومية لمواجهة تداعيات تراجع الصادرات الإيرانية

20 أكتوبر 2015
تراجع الصادرات يؤثر على الأسواق الإيرانية (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -


انخفض معدل الصادرات الإيرانية من النفط الخام ليصل إلى أدنى مستوياته منذ سبعة أشهر رغم مساعي الحكومة الإيرانية الرامية إلى الاستفادة من الأجواء الإيجابية التي تصاعدت إبان توصل البلاد لاتفاقها النووي مع الغرب منتصف شهر يوليو/تموز الماضي، وأدى ذلك إلى إضافة أعباء ثقيلة على الاقتصاد الإيراني الذي زادت معاناته السنوات الأخيرة بسبب العقوبات الغربية.

وحسب خبراء لـ "العربي الجديد"، فإن العوامل الأساسية الضعيفة مازالت تسيطر على سوق النفط الإيرانية بشكل أو بآخر، فالإنتاج العالمي مازال في ارتفاع رغم انخفاض الأسعار، والتصريحات الأميركية والصينية الصادرة مؤخراً تؤكد على وجود مخزون نفطي هائل لديهما وهو الأمر الذي سيبقي أسعار النفط منخفضة، على الأقل خلال الفترة القريبة المقبلة.

ضغوط على الموازنة

ويعتبر الخبير في شؤون الطاقة في إيران حسين أنصاري فرد، في تصريحات لـ "العربي الجيد"، أن السبب الرئيس في تراجع الصادرات الإيرانية مؤخراً يعود لتراجع واردات الزبون الأول لطهران وهو الصين، وعزا الأمر لانخفاض معدل النمو لهذا البلد وبالتالي تراجع معدل الطلب على النفط، وهو ما أدى إلى انخفاض معدل صادرات إيران من النفط.

وأضاف أنصاري فرد أن انخفاض الصادرات قد يؤثر سلبا على موازنة البلاد العمومية التي تصك عادة وفق سعر برميل النفط الخام، قائلا إن تراجع الأسعار العالمية للنفط جعل الحكومة تدرك مبكرا أنها ستواجه مشكلة، فراجعت ميزانيتها قبل أشهر، وتحاول اليوم إقرار خطط أخرى لتفادي عقبات أكثر أسوأ وأخطر.

وعن هذه الخطط قال أنصاري فرد إن البلاد تعمل على تقليص وارداتها الغير الضرورية، مثل وارداتها من السيارات، وتحاول تقليص اعتمادها على النفط من خلال زيادة الإنتاج المحلي ورفع معدل الصادرات غير النفطية.

ووصل المعدل الكلي لصادرات النفط الإيراني في شهر أغسطس/آب إلى مليون برميل في اليوم، ولكن قبل شهر واحد وحسْب من هذا التاريخ صدّرت إيران مليونا و160 ألف برميل، وبلغت كمية المشتقات المخزنة في عائمات تطفو على البحر خلال شهر سبتمبر/أيلول 44 مليون برميل، 60% منها غاز مسال، و40% نفط خام، حسب وكالة الطاقة الدولية.

وحسب وكالة الطاقة ذاتها، فإن إنتاج إيران من النفط قد يرتفع في الفترة التي ستلي تطبيق الاتفاق النووي وإلغاء العقوبات الاقتصادية التي فرضت على البلاد في السابق، وقد يصل من 3.4 إلى 3.6 ملايين برميل.

وانخفضت الصادرات النفطية الإيرانية للدول الآسيوية بمعدل 16% خلال شهر سبتمبر/أيلول الماضي، مقارنة بشهر أغسطس/آب الذي سبقه، وجاء في تقرير نشرته هذه الوكالة مؤخرا أن الصادرات النفطية الإيرانية لآسيا بلغت منذ بداية العام الميلادي الجاري حتى أغسطس/آب الماضي مليونا و70 ألف برميل نفط خام في اليوم.

فبعد شهر واحد من الإعلان عن التوصل لاتفاق، زادت واردات الدول الآسيوية من النفط الخام الإيراني بمعدل 10% بالمقارنة مع ذات المدة من العام الماضي، فقد استوردت كل من الصين، الهند، اليابان وكوريا الجنوبية بالمجموع مليونا و12 ألف برميل من النفط الإيراني.

الزبائن الآسيويون

ويلاحظ انخفاض الصادرات الإيرانية بوضوح خلال الفترة الأخيرة لدى زبائن البلاد من الآسيويين، ففي تقرير مفصل نشره موقع "قطرة" الإيراني جاء أنه خلال الأشهر الثمانية

الأولى من عام 2015 استوردت الصين من إيران 576 ألفا و670 برميل نفط خام يوميا، وبمقارنة الرقم بذات الفترة من العام الماضي يلاحظ انخفاضه بنسبة 0.3%.

اقرأ أيضاً: تراجع الصادرات والنمو في إيران رغم الاتفاق النووي

واردات الهند من النفط الإيراني انخفضت كذلك ولكن بمعدل 21%، ووصلت إلى 214 ألف برميل في اليوم، أما واردات كوريا الجنوبية فقد انخفضت بذات الفترة أيضا بمعدل 10%، لكن لوحظ ارتفاع معدل واردات اليابان من النفط الإيراني خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري، فقد اشترت اليابان ما يقارب 172 ألف برميل من النفط الخام الإيراني في اليوم الواحد.

انتظار رفع الحظر

إلا أن عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان الإيراني إبراهيم نكو، ذكر أن البرلمان والحكومة لم يقروا حتى اللحظة أي خطط جديدة، قائلا إنه من الضروري انتظار تطبيق الاتفاق النووي، ورفع الحظر عمليا عن البلاد، ما سيفتح السوق حيث إن تعزيز التبادل التجاري مع بلدان أخرى لاحقا قد يساعد على التعويض عن الكسر في الموازنة.

وقال نكو، إن التأثير السلبي لتراجع الصادرات النفطية سيؤدي لإيقاف تطبيق عدد من الخطط، فاللائحة التي قدمتها الحكومة للبرلمان والتي تشرح فيها خططها، تفصّل فيها أيضا مواردها المالية، والعائدات النفطية من المفترض أن تغطي عددا من المشاريع، وتراجع الصادرات يعني تعليق بعضها ومنها مشاريع عمرانية داخلية، حسب قوله.

وأعلنت الحكومة السبت الماضي عن مقترحات لخفض أسعار الفائدة وتشجيع المصارف على الإقراض في مسعى لدعم اقتصاد راكد بعد عامين من سياسة نقدية متشددة. وحذر مسؤولون حكوميون في تصريحات للتلفزيون الإيراني من أن الاقتصاد قد يسجل نموا صفريا أو ربما يدخل في ركود هذا العام.

ووفقا لملخص عرضه تلفزيون الدولة فإن الحزمة الجديدة تدعو إلى خفض سعر فائدة البنك المركزي، وزيادة في التسهيلات المصرفية لتحفيز الطلب، وخفض أسعار فائدة الإقراض بين البنوك والاحتياطي القانوني الإلزامي.

وتتضمن المقترحات الجديدة خفض الاحتياطي القانوني الإلزامي للمصارف إلى 10% من 13%.

ونقلت مواقع إيرانية أخرى تصريحات لمسؤولين يؤكدون على نية البلاد لاستعادة حصصها في أوبك، واستعادة زبائنها الذين باتوا من حصة دول نفطية أخرى، وهذا بعد تراجع إنتاج إيران بسبب تقييدها بالعقوبات، وقد قال مستشار وزير النفط الإيراني منصور معظمي لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية إن وزارة النفط تخطط لزيادة الصادرات بمعدل 500 ألف برميل في اليوم فور إلغاء الحظر.

انخفاض الأسعار العالمية للنفط ساهم كذلك بانخفاض عائدات النفط الإيرانية، ويعتبر الخبراء أن تطبيق الاتفاق النووي، سيزيد التوقعات برفع الإنتاج النفطي الإيراني، والسعي لزيادة الصادرات تباعا، لكن هذا الأمر قد يتأثر سلبا بعدة عوامل، منها بطء عمليات التنقيب والاستخراج في الحقول الإيرانية، وهو ما سببه خروج الشركات النفطية الكبرى من إيران خلال السنوات الماضية بفعل الحظر الاقتصادي وتحتاج عودتها إلى وقت.


اقرأ أيضاً:
أميركا تحذّر الشركات العالمية: عقوبات إيران لا تزال سارية
الرئيس الإيراني يعترف بخسائر بلاده من الحظر الغربي