ولذا كانت الثورات ضرورة

ولذا كانت الثورات ضرورة

05 ابريل 2016
الثورات ضد بعض الأنظمة كانت ضرورة (فرانس برس)
+ الخط -

أخطر ما في تسريبات بنما التي تم الكشف عنها يوم الأحد الماضي أنها تثبت مجدداً أن عمليات نهب ثروات الشعوب العربية من قبل بعض الحكام لا تزال مستمرة، وأن سرقة المال العام وأموال الدولة لم تنقطع حتى في ذروة فترة اندلاع الثورات العربية، وأنه رغم قيام هذه الثورات في بعض الدول مثل مصر وتونس وسورية واليمن، إلا أن فساد النخبة الحاكمة ورموزها والمرتبطين بها من رجال الأعمال لا تزال هي المتحكم الأول في المشهد المالي والاقتصادي، وإن توارت وجوه بعض هذه النخب عن أنظار المشهد السياسي مؤقتا.

توثق تسريبات بنما عشرات الأسماء من المسؤولين الذين هربوا أموالا بمليارات الدولارات من بلدانهم إلى دول وجزر ملاذات ضريبية، كما تُظهر حدوث عمليات نهب منظمة للأموال، من بينهم رموز أنظمة عربية عدة منها أنظمة ثارت عليها شعوبها مبارك، القذافي، الأسد وبن علي.

السؤال هنا، ما الذي دفع كل هؤلاء لتهريب أموالهم خارج أوطانهم واللجوء لملاذات ضريبية لتخبئة ثرواتهم عن عيون شعوبهم؟ ولماذا لا يستثمر الحكام الواردة أسماؤهم في "أوراق بنما" الأموال التي بحوزتهم داخل بلدانهم إذا كانت هذه الأموال نظيفة ومن مصادر مشروعة؟

ولماذا نقل هؤلاء ثرواتهم إلى بنوك سويسرا وإيطاليا وألمانيا، أو استثمروها في الملاذات الضريبية في بنما وجزر هاواي والكاريبي والمحيط الهادي والتي لا تخضع لأي نوع من الرقابة، أو استثمروها في عقارات ببريطانيا وفرنسا والنمسا؟


وإذا كان بعض هؤلاء يمارس عمليات نهب منظم لثروات بلده، ويرتكب جرائم غسل الأموال القذرة، فإن السؤال: هل هؤلاء جادون في تطبيق قوانين مكافحة الفساد وغسل الأموال والتهرب داخل أوطانهم؟

بالطبع من المستبعد أن يستثمر بعض الحكام الأموال التي نهبوها داخل حدود أوطانهم، لأن مصدرها غير مشروع وناجم عن عمليات رشى وفساد وعمولات وبيع آثار وسمسرة في شركات قطاع الأعمال العام وأراضي الدولة، ولذا فإن أول ما يتبادر لذهن هؤلاء هو تهريبها إلى الخارج خوفا من مصادرتها.

ليست هذه الأسئلة الوحيدة التي تطرحها "أوراق بنما"، فهناك أسئلة أخرى من عينة: ما الذي يدفع بنك في حجم "إتش إس بي سي" البريطاني، لمساعدة رؤساء دول في عمليات تهريب الأموال للخارج وغسلها؟

سؤال آخر: كيف يدير علاء مبارك، نجل الرئيس المخلوع حسني مبارك شركته الواقعة بجزر العذراء البريطانية في منطقة بحر الكاريبي وهو قابع في أحد سجون القاهرة؟ وكيف توافرت له كل هذه الإمكانيات المادية والبشرية من اتصالات دولية وأجهزة كمبيوتر وجيش من المستشارين لإدارة شركاته في الخارج وهو مسجون بتهم فساد مالي؟

"أوراق بنما" وما سبقها من وثائق مثل "سويس ليكس" التي تم الكشف عنها في فبراير/شباط 2015 وغيرها تؤكد أن الثورات ضد بعض الأنظمة كانت ضرورة.


المساهمون