مركز إيوان... حماية الآثار الفلسطينية من التلف والاندثار

مركز إيوان... حماية الآثار الفلسطينية من التلف والاندثار

غزة

علاء الحلو

avata
علاء الحلو
11 يوليو 2022
+ الخط -

ينشغل عدد من المهندسين والفنيين وخبراء الآثار الفلسطينيين من مركز عمارة التراث - إيوان في ترميم وإصلاح الأضرار التي لحقت ببعض الأعيان والمباني الأثرية في قطاع غزة، حفظًا لها من التلف أو الاندثار بفعل عوامل الزمن والبيئة. وتنطلق أعمال المختصين في مختلف المناطق، إيماناً بأهمية التراث الثقافي والتاريخي الفلسطيني وتعزيز الهوية الثقافية الفلسطينية.

يسعى مركز عمارة التراث "إيوان" الذي أسسته كلية الهندسة في الجامعة الإسلامية في غزة عام 1999، من خلال اتفاقية مشتركة بين الجامعة الإسلامية وجامعة بوليتكنيك ميلانو في ايطاليا، بهدف تأسيس أول عمل فني متخصص في مجال الحفاظ على المباني الأثرية والتاريخية، إلى تسخير الوسائل المتاحة للحفاظ على التراث الفلسطيني، تحت مبدأ أن "أمةً لا تحترم ماضيها، أمةٌ لا تقوى على حماية حاضرها، ولن تصنع يوماً مستقبلاً يزهو بها".

ويقسم المركز أدوار العمل على عدة تخصصات، كل وفق تخصصه، وذلك بتأهيل مجموعات من المهندسين والفنيين والعمال المختصين في مجال التوثيق والحفاظ، ورفع مستوى الكادر الفني المحلي من ذوي الاختصاص. ويتركز الهدف على الحفاظ على الموروث العمراني الفلسطيني، وإعادة تأهيله، وتوظيفه، إلى جانب أرشفة وتوثيق المباني التاريخية، علاوة على توعية المجتمع بقيمة الموروث الثقافي، وتسليط الضوء على المباني التاريخية غير المعروفة.

مركز إيوان (عبد الحكيم أبو رياش)
(عبد الحكيم أبو رياش)

يعتمد المركز الذي يضم ثلاث وحدات، وهي وحدة التدريب ووحدة المشاريع ووحدة التوعية المجتمعية، على فريق من المهندسين والخبراء الإنشائيين ضمن قسم الهندسة المدينة، للتعامل مع جميع المشاكل الإنشائية، والمخاطر التي تهدد المباني القديمة، كذلك مختبر المواد والتربة، لإجراء جميع الاختبارات والفحوصات الفنية والمخبرية للأحجار والأسقف، فيما يضم كذلك فريق الهندسة المعمارية، ويعتني بمجال الحفاظ على التراث الثقافي وفلسفات الترميم، وطرق التعامل مع المباني القديمة وإظهارها، علاوة على قسم الكهرباء والحاسوب وتكنولوجيا المعلومات الذي يختص بالحفاظ على التراث الرقمي، والتوثيق الرقمي، والترويج الرقمي للتراث، والجولات السياحية الرقمية.

يوضح المهندس الفلسطيني عوض مصبح الذي انضم إلى فريق إيوان عام 2008 أنه يختص بترميم البيوت الأثرية وصيانتها للحفاظ عليها، فيما يشرف على المشاريع وتنفيذها، عبر سلسلة من الخطوات التي تبدأ بالحرص على سلامة العُمال والفنيين داخل المكان، وتحديد المشاكل الإنشائية داخل المكان، وتدعيمها لإزالة أي خطر، ثم البدء بمراحل الترميم، بعد تحديد الأولويات اللازمة.

ويبين مصبح، لـ"العربي الجديد"، أنه بعد استبعاد المخاطر الأساسية، تزال القصارة الإسمنتية أو الجيرية أو التقليدية، وكذلك الإضافات التي طرأت على المكان مع مرور الزمن، من خرسانة وحديد ومواد أخرى، إلى جانب "القيام ببعض التدخلات المعمارية الهندسية الفنية لمعالجة الحجارة وتكحيلها بكحل جديد بدل القديم التالف". ويشير إلى أن العمل في هندسة ورعاية وصيانة المباني الأثرية يختلف عن المباني الحديثة، إذ تتمتع بطابع خاص يتمثل في مشاكل خاصة وتدخلات خاصة، وبنية مختلفة كليًا عن المباني الحديثة التقليدية، والمتمثلة في القواعد والعواميد والحزامات والأسقف.

مركز إيوان (عبد الحكيم أبو رياش)
(عبد الحكيم أبو رياش)

من داخل بيت الوحيدي الأثري، يوضح مدير المشاريع في مركز إيوان في الجامعة الإسلامية، المهندس محمود البلعاوي، أن البيت الذي يرمم ضمن الأعيان الأثرية يعتبر من الآثار ذات الملكية الخاصة، ويقع في حي الدرج شرقي مدينة غزة، وهو من الأحياء الأربعة الرئيسية التي شكلت غزة القديمة، ويحتوي على العدد الأكبر من المباني التاريخية التي تعود للفترة العثمانية والمملوكية، ويشابه البيت في الملكية بيت السقا وبيت العشي وبيت الشوا وبيت الغصين وبيت الحسيني.

ويبين البلعاوي، لـ"العربي الجديد"، أن الأنشطة الخاصة بمركز إيوان بدأت عبر اتفاقية تبادل، تم فيها تأهيل فريق مهني محلي، إذ حضرت مجموعة خبراء من إيطاليا وفرنسا الذين دربوا كادراً من 32 مهندساً ومهندسة، وباشر الفريق بترميم وتأهيل حمام السمرة، ومبنى سباط العلمي وسباط كساب، وأحد البيوت الموجودة في حي الشجاعية يعود لآل الشوا، ومن ثم عدد من المشاريع البارزة التي نفذت خلال الفترة الماضية، ومنها مشروع أرشفة المباني الأثرية في مدينة غزة، والتوثيق باستخدام الحوسبة ثلاثية الأبعاد، وتصميم حدائق عامة ووحدات ألعاب بِسِمات تراثية، إلى جانب مشروع تطوير البلدة القديمة في مدينة غزة.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

يأخذ الفريق خلال مراحل عمله بالحسبان أن في غزة مستويين من الآثار، وفقاً للبلعاوي. المستوى الأول فوق الأرض، وهو يضمّ مبان في لا يزيد عمر أقدمها عن 800 عام، باستثناء كنيسة بيرفيريوس البيزنطية، ومستوى آخر تحت الأرض، وتعود المواقع الأثرية فيه لعدة عهود سابقة، وفترات تأسيس غزة، سواء الفترة الكنعانية أو اليونانية أو البيزنطية، وما هو مخفي فيه أكبر بكثير من حيث العدد والقيمة من المستوى الأول.

يوضح البلعاوي أن العمل في أي موقع من المواقع الأثرية والتاريخية والتراثية يمر في مجموعة من الخطوات والمراحل، تبدأ بالمعالجة القانونية التي تستهدف تشابك القضايا القانونية في المواقع نتيجة تقادمها عبر عشرات أو مئات السنوات، ما يؤدي إلى تشابك الملكيات والورثة، أو وقوعها ضمن الملك الخاص أو الملك الحكومي أو ملك الوقف، أو الوقف الذري أو الوقف الكنسي، أو الوقف الإسلامي، وغيرها من القضايا القانونية، إذ "لا يمكن دق مسمار واحد في أي عمل من دون تسويته قانونياً، والخروج بوثيقة تسمح بالتوجه لجهات التمويل، ومباشرة العمل".

ويتلو تلك الخطوة عمل الدراسات الفنية الإنشائية والمعمارية، وتكوين الشركاء المحليين، لضمان أكبر استفادة منها، فيما تتمثل الأعمال التقليدية التي تنفذ في وقف الضرر الحاصل على المبنى الذي تقادمت عليه مئات السنوات، والمتمثلة في الشروخ والرطوبة وهبوط التربة، ثم صيانة الحجارة والبدء بخطوات الحفاظ عليها بالقِصار، وتبدأ بعد ذلك عمليات الإنارة وصيانة الأبواب والشبابيك وبعض الأعمال الميكانيكية والبلاط. ولا ترمم تلك المباني الأثرية القديمة كي تعود بالنفع على أسرة صغيرة، وإنما لتحويلها إلى مراكز مجتمعية، بعد عقد الشراكات مع المراكز والمؤسسات المجتمعية، وإتاحتها ليؤمها في العام عشرات الآلاف من الرجال والأطفال والنساء والشيوخ.

ذات صلة

الصورة
توماس غرينفيلد في مجلس الأمن، أكتوبر الماضي (بريان سميث/فرانس برس)

سياسة

منذ لحظة صدور قرار مجلس الأمن الذي يطالب بوقف النار في غزة سعت الإدارة الأميركية إلى إفراغه من صفته القانونية الملزمة، لكنها فتحت الباب للكثير من الجدل.
الصورة
دانييلا فايس

سياسة

تواصل عرّابة الاستيطان وأحد أشد قادته دانييلا فايس تصريحاتها الفاشية المعادية للفلسطينيين، منادية بترحيلهم من غزة وسائر فلسطين والعودة للاستيطان في غزة.
الصورة

منوعات

كشفت منظمة المراقبة الرقمية الإسرائيلية "فيك ريبورتر"، اليوم الثلاثاء، عن حملة إسرائيلية للتأثير على الرأي العام الغربي، بما يخدم إسرائيل ومصالحها وروايتها.
الصورة
الدكتورة فيحاء عبد الهادي خلال حديثها لـ"العربي الجديد"

سياسة

تروي الباحثة الفلسطينية الدكتورة فيحاء عبد الهادي، في مقابلة مع "العربي الجديد" من الدوحة، فصولاً من سيرة المرأة الفلسطينية، وهي المتخصصة في هذا الشأن.

المساهمون