المتطرفة دانييلا فايس.. "أمّ المستوطنين" التي تحرّض لطرد الفلسطينيين

المتطرفة دانييلا فايس.. "أمّ المستوطنين" التي تحرّض منذ عقود لطرد الفلسطينيين

حيفا
نايف زيداني
نايف زيداني
صحافي فلسطيني من الجليل، متابع للشأن الإسرائيلي وشؤون فلسطينيي 48. عمل في العديد من وسائل الإعلام العربية المكتوبة والمسموعة والمرئية، مراسل "العربي الجديد" في الداخل الفلسطيني.
21 مارس 2024
+ الخط -
اظهر الملخص
- دانييلا فايس، المعروفة بمواقفها الفاشية والمعادية للفلسطينيين، تدعو لترحيل الفلسطينيين وتؤكد على ضرورة العودة للاستيطان في غزة، وتجد تصريحاتها صدى لدى المتطرفين وداخل الحكومة الإسرائيلية.
- لعبت دوراً بارزاً في الحركة الاستيطانية، أسست حركة "نحلاه" وشاركت في أعمال عدائية ضد الفلسطينيين، معارضة بشدة لأي تسويات تقضي بإخلاء المستوطنات.
- تبريرها للمجازر بحق الفلسطينيين ودعوتها لتجديد الاستيطان تعكس تطرفها وتأثيرها السلبي على الصراع، مما يجعلها شخصية مثيرة للجدل في النقاش حول الاستيطان والعلاقات الإسرائيلية-الفلسطينية.

تواصل عرّابة الاستيطان وأحد أشد قادته، دانييلا فايس، تصريحاتها الفاشية المعادية للفلسطينيين، منادية بترحيلهم من قطاع غزة وسائر فلسطين والعودة للاستيطان في غزة.

ورغم عدم إشغالها منصباً حكومياً رسمياً، إلا أن مواقفها قد تلاقي آذاناً مُصغية في أوساط الكثير من المتطرفين، وخصوصاً المستوطنين، وحتى داخل الحكومة الحالية، التي شارك عدد كبير من وزرائها في مؤتمر لتعزيز الاستيطان وعودته إلى غزة في يناير/ كانون الثاني الماضي، تحت عنوان "الاستيطان يحقق الأمن والنصر"، وهي معروفة في حكومة بنيامين نتنياهو، بالإضافة إلى عدد من الحاخامات.

وخلال مشاركة دانييلا فايس خلال يناير/ كانون الثاني الماضي في "مؤتمر النصر" الذي نظمه حزب "عوتمسا يهوديت" (القوة اليهودية) بزعامة وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، اعتبرت أن حرمان أهالي غزة الطعام سيدفعهم إلى الرحيل.

وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، عبّرت فايس في مقابلة مع "القناة السابعة" عن رغبتها بمسح مبانٍ في غزة ليحصل الإسرائيليون في الغلاف على إطلالة على البحر، وجددت دعوتها لتهجير الفلسطينيين والاستيطان في غزة.

وفي حديث لشبكة "سي أن أن" الأميركية أخيراً، صرّحت بأن اليهود سيستوطنون غزة ولن يكون فيها عرب. لكن فايس أعربت في الماضي ايضاً عن رغبتها في إقامة مستوطنات في لبنان.

من هي دانييلا فايس؟

ليست مثل هذه التصريحات غريبة على دانييلا فايس، المولودة في 1945 في مدينة بني براك في منطقة تل أبيب الكبرى، والتي تشرّبت العنصرية منذ صغرها، لوالدين قدما للاستيطان في فلسطين من الولايات المتحدة وبولندا، وكانا ناشطين في منظمة "لوحامي حيروت إسرائيل" (المحاربون من أجل حرية إسرائيل)، ويطلق عليها اختصاراً اسم "ليحي"، وكانت إحدى أكثر المنظمات اليهودية المسلحة تطرفاً.

ونشأت فايس كناشطة يمينية متطرفة، وأسست حركة "نحلاه" الاستيطانية وكانت رئيسة لها، وتولت منصب رئيس المجلس المحلي في مستوطنة  "كيدوميم" في الضفة الغربية المحتلة ما بين عامي 1996 وحتى 2007.

وكانت من قادة حركة "غوش أمونيم"، وهي حركة اجتماعية دينية قومية استيطانية، أقيمت بعد ما يسمى حرب "يوم الغفران"، وعملت على إقامة مستوطنات في الضفة الغربية، وغزة، وهضبة الجولان السوري المحتل وغيرها. كذلك، كانت وزوجها أمون فايس من أوائل المستوطنين في "نواة غرب الضفة"، وحاربا من أجل تعزيز الاستيطان.

وتعرفت فايس لاحقاً إلى موشي لوفينجر من مستوطنة كريات أربع القريبة من الخليل، الذي يعتبر من مؤسسي "غوش أمونيم" والمجلس الاستيطاني "ييشع" ومن قاداتها الأوائل، ومن آباء الاستيطان اليهودي في الخليل وفي الضفة الغربية عامة.

وفي عام 1981، كانت ضمن قائمة "هتحيا" للكنيست الإسرائيلي، وهي حزب يميني متطرف أقيم في أكتوبر/ تشرين الأول 1979 وتفكك عام 1992 بعد عدم تمكنه من اجتياز نسبة الحسم في انتخابات الكنيست الـ13 بين السنوات 1984 و1988، وشغلت منصب السكرتيرة العامة لحركة "غوش أمونيم".


مشاركة دانييلا فايس في أعمال إرهابية

وشاركت دانييلا فايس في أعمال عدائية وأعمال إرهابية ضد الفلسطينيين، من بينها ما يسمى إسرائيلياً "ليلة القناني"، حيث شاركت مجموعة مخربين من المستوطنين برئاسة فايس في إلقاء عبوات زجاجية باتجاه مبانٍ في مدينة قلقيلية، وتعرضت في حينه للمحاكمة وجرى تغريمها. وتناولت العبوات من مطعم محلي وقامت بتحطيمها وسُجل الموقف وأذيع في إحدى الإذاعات الإسرائيلية، وكان له تداعيات، من بينها غرامة مالية بقيمة 2500 شيكل وستة أشهر من السجن مع وقف التنفيذ.

وظهرت بعد ذلك مطالبات بتطبيق القوانين على المستوطنين، فيما دعا عدد من قياداتهم إلى إنهاء عمل فايس كسكرتيرة عامة لـ"غوش أمونيم"، وتركت منصبها عام 1988 بعد نحو عام من أحداث قلقيلية المذكورة.

وفي انتخابات الكنيست الـ16 عام 1992، نافست فايس في قائمة "هتوراى فيهآرتس"  (التوراة والبلاد) التي ترأسها الحاخام موشيه ليفنغير، لكن المجلس الاستيطاني "ييشع" خرج ضد هذه القائمة في أعقاب انتقادات كثيرة طاولتها حتى من قادة المستوطنات، بشأن توجهاتها، وحصلت فقط على 3700 صوت وفشلت في اجتياز نسبة الحسم.

لكن فايس رغم فشلها في الكنيست، نجحت عام 1996 بالانتخابات لرئاسة مجلس مستوطنة "كيدوميم"، وعام 2001 انتُخبت لولاية جديدة، وعملت على نشر أحياء استيطانية جديدة على مسافات بعيدة في المستوطنة، بحيث توسّعت مساحة "كيدوميم" رغم قلة عدد المستوطنين فيها نسبة لمساحتها، وعارضت إحاطة "كيدوميم" بجدار وعائق أمني.

ومع إنهاء ولايتها انتقلت إلى العمل مع ليفينجر المتطرف في منظمة "نحلاة" الاستيطانية التي تشجّع مع مجموعات "فتية التلال" على الاستيطان وإقامة بؤر استيطانية في الضفة الغربية، كما تُلقّب فايس بأنها أم "فتية التلال".

ولشدة تطرفها تحولت دانييلا فايس إلى المعارضة عام 1999 عندما كانت عضواً في مجلس "ييشع" الاستيطاني في فترة رئاستها "كيدوميم"، على خلفية معارضتها تسوية جرى التوصل إليها بين رئيس الحكومة آنذاك، إيهود باراك، ومجلس "ييشع" بقضية البؤر الاستيطانية.

وعارضت فايس خطة الانفصال أحادي الجانب وإخلاء مستوطنات قطاع غزة وأربع مستوطنات في الضفة الغربية في فترة حكومة أرييل شارون عام 2005.

وقبيل إخلاء الاحتلال مستوطنات "غوش قطيف" في جنوب القطاع، صُوِّرَت فايس وهي تمزّق أمر الإخلاء وخاضت عراكاً مع عناصر شرطة حاولوا جرّها بالقوة إلى حافلة.

ومثّلت فايس أنه أغمي عليها، بحسب بعض المصادر الإسرائيلية، واستغلت ذلك للحديث مع الصحافيين وهي مغمضة العينين حول احتجاجها وموقفها.

وبعد نحو عامين من ذلك، وُجهت لها اتهامات جنائية لها بسبب هذه الاعتداءات، وصدر بحقها حكم بالسجن الفعلي مع وقف التنفيذ.

وهاجمت فايس مجلس "ييشع" بعد فشل المستوطنين في منع خطة الانفصال، وقالت إن الطريقة المتصالحة التي اتّبعها المجلس كان يجب استبدالها بيد من حديد وبأسلوب العصابات.

وساهمت فايس في إقامة عدة مستوطنات، وتصنف نفسها من أنصار "الصهيونية الدينية"، كما أنها معروفة بآرائها المتطرفة بشأن قضية أرض إسرائيل الكاملة ومعارضتها لأي تسوية بشأن هذه القضية، وبآرائها ضد العرب في المنطقة.

وترى فايس أن الاستيطان الواسع هو الذي سيقرب القلوب بين الإسرائيليين ويعزز اليهودية، وعليه تركز جهودها حول "أرض إسرائيل".

وتؤيد فايس انتهاج خط الهجوم الواسع على الفلسطينيين في الضفة الغربية بدلاً مما تزعم أنها "إجراءات دفاعية" للمستوطنات في الضفة.

تبرير دانييلا فايس للمجازر بحق الفلسطينيين

وفي لقاءات صحافية سابقة مع وسائل إعلام إسرائيلية، اعتبرت دانييلا فايس أن الإرهابي باروخ غولدشتاين الذي ارتكب مجزرة الحرم الإبراهيمي عام 1994، منع بذلك مجزرة ضد اليهود، وأبدت موقفاً مشابهاً حيال الإرهابي الإسرائيلي عامي بوفر، الذي قتل سبعة عمال فلسطينيين على خلفية قومية في مدينة ريشون ليتسيون عام 1990.

في 5 يناير/ كانون الثاني 1989، قتل مستوطن يهودي في الضفة الغربية، وجرى إعلان المنطقة بأنها منطقة عسكرية مغلقة لمنع نشطاء اليمين من التظاهر فيه، لكن فايس ومستوطنين آخرين انتهكوا الأمر ووصلوا إلى المنطقة، وفي 14 ديسمبر/ كانون الأول عام 1993 أدينت فايس بدخول منطقة عسكرية مغلقة وتم تغريمها في إطار تسوية.

وبعد خطفها أوراق الإخلاء من "غوش قطيف" من يد شرطية وتمزيقها أمام الكاميرات ومعارضتها بالقوة لاعتقالها، أدينت في يونيو/ حزيران 2007 بمخالفات عرقلة عمل شرطي خلال عمله واعتداء على شرطي وحُكم عليها بالحبس خمسة أشهر مع وقف التنفيذ لمدة ثلاث سنوات على ألا تكرر الاعتداء على شرطي مجدداً خلال ثلاث سنوات من الحكم، بالإضافة إلى أربعة أشهر من السجن مع وقف التنفيذ لمدة ثلاث سنوات على ألا تعرقل عمل شرطي خلال عمله.

وفي عام 2009، اعتقلت فايس مع 11 ناشطاً آخرين بشبهة نيتهم المشاركة في مسيرة خُطِّط لها باتجاه قطاع غزة والمستوطنات السابقة هناك، وأمرت المحكمة بإخلاء سبيلها .

في غضون ذلك، تواصل دانييلا فايس دعوتها لتجديد الاستيطان، وهي دعوات يبدو أنها تكتسب زخماً في ظل الحكومة الحالية، كما تأتي دعواتها في فترة شهدت العديد من العمليات العدائية من قبل مستوطنين تجاه فلسطينيين في الضفة الغربية وإحراق بيوتهم وتدمير ممتلكاتهم.

ذات صلة

الصورة

مجتمع

طالبت عشرات المنظمات الحقوقية بالتحقيق فيما حدث منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي وحتى هذه اللحظة ضد النساء الفلسطينيات وتوفير الحماية اللازمة لهن وللمدنيين عموماً.
الصورة
GettyImages-1718833083.jpg

سياسة

نشر جيش الاحتلال الإسرائيلي بعض المعطيات الميدانية بمناسبة مرور ستة أشهر على الحرب في قطاع غزّة والمعارك مع حزب الله في لبنان
الصورة

سياسة

أعلنت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي استولت، بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، على 27 ألف دونم من الأراضي.
الصورة
توماس غرينفيلد في مجلس الأمن، أكتوبر الماضي (بريان سميث/فرانس برس)

سياسة

منذ لحظة صدور قرار مجلس الأمن الذي يطالب بوقف النار في غزة سعت الإدارة الأميركية إلى إفراغه من صفته القانونية الملزمة، لكنها فتحت الباب للكثير من الجدل.

المساهمون