قَصة الشعر القصير بين نساء كوريا الجنوبية تواجه حملة معادية

قَصة الشعر القصير بين نساء كوريا الجنوبية تواجه حملة معادية

15 اغسطس 2021
حملة على شعر آن سان القصير رغم عودتها بالذهب من طوكيو (Getty)
+ الخط -

عندما فازت رامية السهام الكورية الجنوبية، آن سان، بثلاث ميداليات ذهبية في أولمبياد طوكيو الأخير، لم يستقبلها الناس بالثناء فقط عند عودتها إلى بلدها، بل أيضاً بسيل جارف من الانتقادات، بسبب قصة شعرها القصير.

وفي تقرير لشبكة "بي بي سي" ذكر أن بين الإهانات الكثيرة التي وُجّهت إليها، وصفها بأنها نِسويّة. فهذا المصطلح يحمل في طياته - في أغلب الأحيان - إشارة إلى كره الرجال في كوريا الجنوبية.

وكتب أحد الرجال في منشور على السوشال ميديا: "جيّد أنها حصلت على الميدالية الذهبية، لكنّ الشعر القصير يجعلها تبدو كأنها نسوية. إن كانت كذلك، فإني أسحب دعمي لها. يجب أن تموت جميع النسويات".

ولكن مع تنامي حملة الانتقادات التي طاولتها، اشتدت حملة الدفاع عنها. وبدأت آلاف النساء في كل أنحاء البلاد بنشر صورهنّ بشعر قصير، معلناتٍ أن قصّ الشعر قصيراً لن يقلل من شأنهن كنساء.

ومنذ فترة طويلة والنساء في كوريا الجنوبية يكافحن التمييز والكراهية ضدهنّ، وتمكنّ من التقدم نحو الأمام أكثر خلال العقد الماضي الذي شهد حملة #مي_تو (أنا أيضاً) وإلغاء قانون كان يمنع الإجهاض.

هان جيونغ هي المرأة التي تقف وراء إطلاق حملة الشعر القصير على تويتر. تقول إنها شعرت بالانزعاج عندما رأت "ليس تعليقاً واحداً أو اثنين فقط، بل كثيراً من التعليقات المعادية للمرأة عبر الإنترنت، وهو فضاء يهيمن عليه الذكور".

وهؤلاء المناهضون للنسوية هم في الغالب من فئة الشباب، لكن من بينهم أيضاً رجال أكبر في السن وعدد من النساء.

وأضافت هان: "هذا النوع من الهجوم الجماعي يبعث برسالة مفادها أنّ بإمكان الرجل التحكم في جسد الأنثى، وأنّ على المرأة إخفاء انتمائها إلى الحراك النسويّ".

ومضت تقول: "رأيت أن إطلاق حملة تدعو النساء إلى نشر صور لشعرهن القصير وإعلان التضامن مع اللاعبات الأولمبيات سيكون طريقة فعالة".

تدفقت عشرات آلاف الصور على تويتر تظهر فيها نساء صورن أنفسهن بشعرهن الطويل، ومن ثم بعد قصّه قصيراً. وقالت أخريات إنّ الشعر الذي ظهرت فيه البطلة آن سان ألهمهنّ بقصّ شعرهنّ هنّ أيضاً.

لكن لماذا يرتبط الشعر القصير بالنسوية؟ تقول هان جيونغ، وهي مؤلفة كتاب سيصدر قريباً عن حراك "مي تو" في كوريا الجنوبية، إن الموضوعين متشابكان، وخاصة بعد حركة "مزّقي المشد Cut the Corset" عام 2018، عندما تحدّت شابات معايير الجمال السائدة منذ فترة طويلة من خلال قصات الشعر القصيرة وعدم استخدام المكياج.

وأضافت الكاتبة: "منذ ذلك الحين، أصبح الشعر القصير بمثابة موقف سياسي بين كثيرات وانتشر بين كثير من النسويات الشابات".

ووفق ما تقول: "آن سان، لاعبة أولمبية شابة بدت وكأنها تجمع كثيراً من الأشياء التي يكرهونها، كان شعرها قصيراً، ذهبت إلى كلية نسائية، واستخدمت بعض التعبيرات التي اعتبرها هؤلاء الغوغاء على الإنترنت 'تعابير تحوي كراهية' دون وجود سبب واضح".

المضيّ قدماً

ينبع غضب هؤلاء الأشخاص على الإنترنت، ومعظمهم من الشباب الصغار في السن، إلى حد كبير لكونهم يعتقدون أن نجاح المرأة يأتي على حساب نجاحهم هم.

وتقول هان: "إن التجمعات على الفضاء الإلكتروني التي يهيمن عليها الذكور تعلّم الشباب أن قمعهم سببه النساء، فيقولون لهم على سبيل المثال، إن النساء يسرقن مقاعد الرجال بفضل أدائهنّ الأفضل في الاختبارات".

علماً أن المنافسة شرسة على المقاعد الجامعية والوظائف في كوريا الجنوبية، ويعتقد بعض الرجال أنهم تعرضوا لحرمان ظالم.

وعلى سبيل المثال، يتعين على جميع الرجال الخضوع للخدمة العسكرية لمدة 18 شهراً، ويقولون إن هذا الالتزام يقلل فرصهم في المضي قدماً. وهناك أيضاً أكثر من اثنتي عشرة جامعة مخصصة للنساء فقط، كثير منها يقدّم دورات لتخصصات مطلوبة جداً في سوق العمل، ولا يوجد ما يعادلها للذكور.

لكن الواقع يقول إنّ النساء في كوريا الجنوبية يكسبن 63 بالمئة فقط من رواتب الرجال، وهي واحدة من أعلى فجوات الأجور في الدول المتقدمة. ويصنف مؤشر "السقف الزجاجي" لمجلة الإيكونوميست هذه الدولة على أنها أسوأ دولة متقدمة يمكن أن تكون فيها امرأة عاملة.

المساهمون