عبد الكريم واكريم: التلفزيون المغربيّ غير مهتمّ بالسينما

عبد الكريم واكريم: التلفزيون المغربيّ غير مهتمّ بالسينما

01 نوفمبر 2020
راودته فكرة تقديم برنامج سينمائي منذ مدة (يوتيوب)
+ الخط -

يخوض الناقد المغربي عبد الكريم واكريم اختبارات وتحدّيات، لاشتغاله في النقد السينمائي وكتابة السيناريو وتقديم برامج سينمائية، محاولاً في كلّ مرة الذهاب بمشروعه إلى أبعد حدّ ممكن، بطرح أسئلة السينما، وأنماط صورها ومُتخيّلها.

هذه حالة مشروع برنامجه الجديد "سينما واكريم" (2020)، الذي يُخرجه فيصل الحليمي، ويُبثّ عبر "الويب". فيه، يواصل واكريم طرح أسئلته القلقة إزاء السينما العالمية، من خلال مواضيع سياسية واجتماعية وفنية، تتضمّنها الصورة السينمائية، انطلاقاً من قراءات مُتنوّعة لأفلام عالمية وعربيّة، والسعي إلى القبض على جمالياتها، وعلى ما تختزنه من أبعادٍ سياسية. ورغم أنّه مغاير، بمُنطلقاته المنهجية والتقنية، لاعتماده على عنصر وحيد في الحكي والتحليل، من دون اهتمام مُبالغ به بالضيوف، فإنّ "سينما واكريم" مُؤثّرٌ لقوّة مواضيعه، وتمكّن المُقدّم الناقد من مادته السينمائية، التي أمضى أعواماً طويلة في تشريح صُوَرِها، في منابر محلية وعربيّة عدّة. بمناسبة برنامجه الجديد هذا، حاورت "العربي الجديد" الناقد عبد الكريم واكريم:
 

بداية، كيف تعيش هذا التعدّد الفني بين النقد السينمائي وكتابة السيناريو وتجربة الإعلام الفني، التي أفضت إلى برنامجك الجديد "سينما واكريم"؟

ـ رغم تعدّدها، تصبّ هذه المجالات في السياق نفسه، أي السينما. لا أجد صعوبة أو مشقّة في التنقّل بينها، فأنا بدأتُ العمل في الصحافة الفنية والنقد السينمائي، اللذين يتقاربان ويتكاملان. لاحقاً، كتبتُ بعض السيناريوهات، لكنّي إلى الآن لا أعتبر نفسي كاتبا محترفا للسيناريو، بقدر ما أنا ناقد سينمائيّ. ربما أعطي وقتاً أكثر لكتابة السيناريوهات في المستقبل.
عموماً، في فترة الحجر الصحي، خضتُ تجربة جديدة تتمثّل بكتابة رواية، لا أزال أكتبها وأنقّحها إلى اليوم، ستصدر قريباً.


كيف تشكّلت فكرة برنامج سينمائيّ، مُتنوّع المواضيع والمنطلقات الفنية والجمالية في تحليل الأفلام العالمية؟

ـ راودتني فكرة تقديم برنامج سينمائي منذ مدة، لكنّ الظروف لم تكن ناضجة كفاية لترجمتها واقعياً. ولأنّ الزمن مختلف، فضّلتُ أنْ يكون برنامجاً تلفزيونياً أو إذاعياً، غير أنّ اللحظة الراهنة غلّبت كفّة الإنترنت، فاخترتُ بثّ البرنامج على "يوتيوب"، التي تُحقِّق تجاوباً ربما يفوق التجاوب والتفاعل اللذين تلقاهما البرامج التلفزيونية والإذاعية.


إلى أيّ حدّ يُمكن اعتبار "سينما واكريم" تثميناً معرفياً، بالاستناد إلى اشتغالك منذ أعوام في النقد السينمائي؟

ـ لم أغيّر طريقة اشتغالي أثناء إعدادي هذا البرنامج، فأنا أكتب بالطريقة نفسها التي أعتمدها في كتابة مقالة نقدية، يصل عدد كلماتها إلى ألفٍ أو يتجاوزه أحياناً. اختلف الأمر فقط في كيفية التقديم والإلقاء، التي اعتمدنا فيها على التقنيات الحديثة المستخدمة في أيّ برنامج تلفزيوني يحترم معدّوه ما يقدّمونه للمتلقّي.


تبدو فكرة البرنامج غير رائجة في المشهد الفني في المغرب. لكنْ، لماذا حرصت على أنْ تكون أنت الوحيد من يُحلّل الأفلام السينمائية، إزاء ما يُمكن أنْ يطرحه ضيوفٌ نقّاد وممثلون وغيرهم، في إضاءة معالم فيلمٍ أو تجربة سينمائية؟ أم أنّ ذلك يُشكّل نمطاً جديداً وخرقاً إعلامياً في البرامج المغربيّة؟

ـ في شكله، ينحو البرنامج إلى "برودكاست"، الرائجة في "يوتيوب" حالياً. إلى الآن، لا يوجد برنامج سينمائي مغربي على هذا الشكل. هناك برامج حوارية، كبرنامج بلال مرميد، الذي يتمتّع بشعبية مهمة. لكنْ، ما أقدّمه حالياً لا شبيه له إلا خارج المغرب والعالم العربي. أقدّر تجربة الناقد السينمائي المصري أندرو محسن، في برنامجه الذي يقدّمه على "يوتيوب" أيضاً.
أما بخصوص استضافة الضيوف ومحاورتهم، اختبرتُ سابقاً تجربة كهذه في برنامج "مسارات إبداعية". أفضّل الآن أنْ يظلّ البرنامج الحالي على شكله الذي بدأت به، كقراءة أفلامٍ وتناول قضايا سينمائية.


أيّ خطة فنية سينمائية ترسمها للبرنامج، على المستوى التقني واختيار المواد والمواضيع التي تتطرّق إليها في كل حلقة أسبوعية؟

ـ في الحلقة الأولى، أعلنتُ أنّ البرنامج سيكون عبارة عن قراءة أفلام وتناول قضايا سينمائية تفرض نفسها أثناء بثّ الحلقة. هذا ما سألتزم به، طالما ظلّ البرنامج يُبَثّ. أما بخصوص ما هو تقني، فأدعه لمخرج الحلقة، الذي يعرف ما يفعله، إلى جانب استشارته إياي كمُعدّ للبرنامج.

سينما ودراما
التحديثات الحية

لماذا لجأت إلى "الويب"، مع أنّ هناك شركة تُنتج البرنامج؟ هل التلفزيون المغربي غير قادر على إنتاج برامج كهذه، وعرضها؟ أم أنّ خصوصيّات الترفيه والاستهلاك فيه تحجب أيّ اقتراح جادّ، يُحاول أنْ يُخلّص السينما المغربيّة من أزمتها الجمالية؟

ـ في أعوامٍ ماضية، قدّم التلفزيون المغربي برامج سينمائية استفاد منها جيلنا "السينيفيلي"، منها ما أعدّه وقدّمه نور الدين الصايل، الباحث والناقد السينمائي والمدير السابق لـ"المركز السينمائي المغربي"؛ وبرنامج "سينما الخميس" لعلي حسن، وبرنامج أعدّه وقدّمه الناقد السينمائي الراحل محمد الدهان. هذه لحظات مُضيئة، كان التلفزيون المغربي منفتحاً فيها على الثقافة السينمائية. الآن، غابت برامج كهذه، ولم يعد لها أي أثر. تراجع التلفزيون في المغرب عن دعم الثقافة السينمائية ونشرها. عندما فكّرتُ في هذا البرنامج، بدا لي "الويب" أفضل وسيلة في هذه اللحظة التي نعيشها جميعاً، فـ"الويب" حالياً متفوّقٌ على الوسائل الإعلامية الأخرى كلّها، ومتجاوزٌ لها.


ما ملامح التميّز والاختلاف التي يمكن أنْ يرسمها البرنامج في السينما المغربيّة، وتحريرها من الابتذال البصري، مقارنة ببرامج فنية أخرى، تُسلّط بين حينٍ وآخر الضوء على مواضيع مرتبطة بالسينما وصناعتها، ولو بشكلٍ خفرٍ؟

ـ أطمح بهذا البرنامج إلى أنْ يكون إضافة لتجارب مهمّة سابقة، مغربياً وعربياً. للخطّ التحريري عنوان أساسي: نشر الثقافة السينمائية عربياً. في هذا السياق، يُلاحَظ أنّ البرنامج يُقدَّم باللغة العربية الفصحى، رغم أنّ هناك نقاشاً يُغري بتقديمه باللهجة المغربية الدارجة. لكنّ الخيار الأول تفوّق على الخيار الثاني، لأننا أردنا أنْ يكون البرنامج مُوجّهاً إلى كلّ من يعرف العربية في العالم، لا أنْ يقتصر على المغرب فقط.

المساهمون