بوتين و"الموسوعة الأرثوذكسية": أقل من بوشكين وأكثر من راسبوتين

بوتين و"الموسوعة الأرثوذكسية": أقل من بوشكين وأكثر من راسبوتين

09 نوفمبر 2020
خُصص جزء كبير من المقال للسياسة الدينية في الاتحاد الروسي في عهد بوتين (Getty)
+ الخط -

في أحدث مجلد للإضاءة على تاريخ المسيحية وأهم مصطلحاتها والشخصيات المؤثرة منذ ميلاد السيد المسيح وحتى يومنا هذا، أفردت "الموسوعة الأرثوذكسية" مساحة واسعة للحديث عن الرئيس الروسي الحالي فلاديمير بوتين، وكشفت عن جوانب شخصية تتعلق بتعميده سراً عندما كان طفلاً صغيراً، وكيف ساهم ذلك في صعوده إلى سدة الحكم في الكرملين، وتعزيز دور الكنيسة وقيمها، وتثبيتها في التعديلات الدستورية الأخيرة، من دون إهمال علاقته المميزة مع ممثلي الأديان الأخرى.

وظهر المقال المخصص عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في المجلد 59 الجديد من "الموسوعة الأرثوذكسية" المخصصة لتاريخ الأرثوذكسية، والتي تصدر من قبل المركز العلمي التابع للكنيسة الأرثوذكسية برعاية بطريركية موسكو.
وفي أغسطس/آب الماضي، كشف القائمون على الموسوعة أنَّ المجلد التالي سيتضمن مقالة عن بوتين. وكان من المقرر طرح الكتاب في منتصف أكتوبر/تشرين الأول، لكنه تأخر قرابة أسبوعين. وصدر المجلد الجديد في 39 ألف نسخة. وفي الطبعة الجديدة تم استكمال نشر مقالات الحرف "ب"، وشُرِع في نشر مقالات الحرف "ر".

واحتل نص المقال الخاص برئيس روسيا، ما يزيد قليلاً عن تسع صفحات في الكتاب، وهو أقل من حصة الشاعر ألكسندر بوشكين، الذي حظي في نفس المجلد بأكثر من 12 صفحة. ولكن تأريخ دور بوتين في مسيرة المسيحية، احتل مساحة أكبر من نصيب الراهب المثير للجدل غريغوري راسبوتين (ثماني صفحات)، القريب من عائلة القيصر نيقولاي الثاني، آخر سلالة رومانوف التي حكمت روسيا عدة قرون، والتي أطاحتها ثورة 1917. ويكشف المقال لقراء الموسوعة أن بوتين "عُمد في طفولته بمبادرة من والدته وفي الخفاء عن والده الشيوعي المقتنع"، وذلك في "كنيسة التجلي" في لينينغراد (سانت بطرسبورغ حالياً). ويشير إلى أن بوتين لم يعلم بهذا الأمر إلا في عام 1993 حين أخبرته والدته قبل السفر إلى الأرضي المقدسة خلال رحلة عمل من إدارة سان بطرسبرغ.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

وتمول الحكومة نشر الموسوعة، وفي 29 إبريل/نيسان من العام الحالي، وقّعت الوكالة الفيدرالية للصحافة والاتصال الجماهيري "روسبيتشات" اتفاقاً مع مركز العلوم المركزي لتزويد دار النشر بإعانة أخرى قدرها 45.2 مليون روبل لنشر المجلدات 57 و58 و59 و60 من الموسوعة. ووفقاً للموسوعة، فإن أعوام التسعينيات في حياة بوتين شهدت "مقدمة تدريجية للحياة الدينية لم يُعلِن عنها، معتبراً أنها مسألة شخصية". وجاء في النص أن بوتين حين كان رئيسًا لجهاز الأمن الفيدرالي، زار الدير الواقع في بولشايا لوبيانكا قرب مقر الجهاز الأمني، تكريماً لأيقونة "والدة الرب الفلاديميرية". وتنتهي سيرة بوتين في مقالة الموسوعة بذكر تصويت عام 2020 على تعديلات دستور الاتحاد الروسي، ومن بينها إدراج نص عن الإيمان بالرب، والذي "نقله الأسلاف إلى شعب روسيا".

وخُصص جزء كبير من المقال للسياسة الدينية في الاتحاد الروسي في عهد بوتين. ويؤكد مؤلفو الموسوعة أنه في عهد بوتين، استمرت السياسة تجاه الطوائف الدينية المختلفة في "مسار بناء دولة علمانية" استكمالاً للمبادئ في عهد سلفه الرئيس الراحل بوريس يلتسين، والذي كان إيجابيًا أيضًا تجاه المنظمات الدينية. ويشير المقال إلى أن مستوى التعاون بين سلطات الدولة والمنظمات الدينية في عهد بوتين تحسّن بشكل لافت، مقارنة بعهد يلتسين. ولم يتجاهل المؤلفون حقيقة أنه خلال رئاسة بوتين، ظهر عنصر ديني في المناهج المدرسية، عنصرٌ "أسس الثقافة الروحية والأخلاقية لشعوب الاتحاد الروسي والتقاليد الثقافية لأديان العالم". وفي جزء المقال المخصص لعلاقة بوتين مع الإسلام، يشير المقال إلى أنه "طور علاقة وثيقة مع أحمد قديروف" الذي كان مفتياً للشيشان بين عامي 1995 و2000. وتكشف المقالة أنه في كل زيارة من زياراته الست للفاتيكان ولقاءاته مع البابا (يوحنا بولس الثاني وبنديكتوس السادس عشر وفرانسيس)، سلم بوتين إلى رئيس الكنيسة الكاثوليكية الرومانية عدة مجلدات من الموسوعة الأرثوذكسية، والتي نُشرت قبل الزيارات السابقة.

ويحمل البطريك الحالي كيريل الرقم القياسي في عدد الصفحات، إذْ تصفُ دوره في تاريخ الأرثوذكسية. وفي عام 2014، في المجلد 34 من الموسوعة، نُشر مقال عن البطريرك كيريل، شغل 118 صفحة، وهو أكثر بثلاث مرات من المقال عن يسوع المسيح الذي جاء في 39 صفحة فقط، وأكثر من المقالة عن "الرب"، التي خصص لها 46 صفحة.

المساهمون