- تقارير تشير إلى استخدام إسرائيل لتكنولوجيا متقدمة وتعاونها مع غوغل لمراقبة الفلسطينيين بطرق غير قانونية، مما يؤدي إلى استهداف مدنيين بناءً على معلومات غير دقيقة.
- الجيش الإسرائيلي يستخدم نظام "لافندر" لتحديد هوية المشتبه بهم بناءً على خوارزميات، مما يزيد من عدد الضحايا المدنيين ويستلزم تحقيق دولي لضمان المساءلة وإنصاف الضحايا.
دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى تحقيق على مختلف المستويات المحلية والدولية في انخراط كبرى شركات التكنولوجيا وشركات مواقع التواصل الاجتماعي في التسبب بمقتل المدنيين الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي على غزة المستمر منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وهو تحقيق يريده المرصد مؤدياً إلى مساءلة تلك الشركات ومحاسبتها في حال ثبت تواطؤها أو عدم بذلها للعناية الواجبة لمنع استغلال المعلومات الخاصة بمستخدميها، وإلزامها بضمان تجنب إساءة توظيف خدماتها في مناطق الحرب وانتهاك خصوصية مستخدميها.
الذكاء الاصطناعي يقتل أهل غزة
نبّه المرصد إلى تواتر التقارير بأن إسرائيل تستخدم أنظمة تكنولوجية عدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، بينها "غوسبل" و"فاير فاكتور" و"لافندر" و"وير إيز دادي"، والتي تعمل في منظومة تهدف إلى مراقبة الفلسطينيين وتتبعهم ورصد تحركاتهم بطريقة غير قانونية. وتعمل هذه الأنظمة على تعريف الأهداف والأشخاص المشتبه بهم، وتحديدهم أهدافاً مشروعة، بناءً على معلومات محتملة لا تتعلق بالموقع أو الشخص ذاته في غالبية الحالات، بل من خلال البحث عن القواسم والأنماط المشتركة بين عموم الأشخاص في قطاع غزة، خاصة الذكور، وبين أعضاء الفصائل المسلحة في قطاع غزة.
وبحسب التحقيقات المنشورة، فإنه لا يجري التحقق من دقة المعلومات التي تقدمها هذه الأنظمة من الجيش الإسرائيلي في معظم الحالات، بالرغم من العلم المسبق بوجود هامش كبير للخطأ نظراً إلى طبيعة عمل هذه الأنظمة، وعدم قدرتها على التزود بمعلومات محدّثة، خاصة عندما يتعلّق الأمر بأماكن وجود من وضعتهم على قائمة الاستهداف في الوقت الحقيقي، وبالرغم من إدراك جيش الاحتلال لتكرار وقوع الخطأ فعلياً بعد الاستهداف.
ولفت الأورومتوسطي، في بيان نشره أمس السبت، إلى تكشّف حول نظام لافندر واستخدامه بكثافة من جيش الاحتلال لتحديد هوية المشتبه بهم في قطاع غزة قبل استهدافهم، وهو النظام الذي يسبّب ارتفاع عدد الضحايا المدنيين، و"بطريقة متعمدة" كما يؤكّد المرصد. ويعتمد النظام على منطق الاحتمالات، وهي من السمات المميزة لخوارزميات تعلّم الآلة، بحيث تبحث الخوارزمية داخل مجموعات ضخمة من البيانات في محاولة للعثور على أنماط تتطابق مع سلوك المقاتلين، ويعتمد نجاحها على جودة تلك البيانات وكميتها، ثم تقدم توصياتها للأهداف استناداً إلى الاحتمالات.
هذا بالإضافة إلى التعاون مع شركة غوغل، وتعاقدهما على مشاريع تكنولوجية عدة، ضمنها مشروع نيمبوس الذي يوفر للجيش الإسرائيلي تكنولوجيا تسمح بتكثيف المراقبة وجمع المعلومات عن الفلسطينيين على نحو غير قانوني، مما يساهم في تعزيز سياسات قمع الفلسطينيين وتعميقها واضطهادهم وارتكاب مختلف الجرائم ضدهم. وأثار هذا المشروع على وجه الخصوص انتقادات أخلاقية عدة، ما دفع العشرات من موظفي الشركة إلى الاحتجاج والاستقالة، ومنهم من أقيل بسبب احتجاجه.
ويستخدم الجيش الإسرائيلي كذلك ميزة التعرف على الوجه في خدمة الصور من "غوغل" لمراقبة المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة وإعداد "قائمة اغتيالات"، وجمع أكبر كمية من الصور المتعلقة بعملية طوفان الأقصى، وهو ما سبّب اعتقال آلاف الفلسطينيين من قطاع غزة خلال الآونة الأخيرة، ما يتعارض مع قواعد الشركة المعلنة بوضوح، ومبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان.
مواقع التواصل لقتل أهل غزة
اعترفت مصادر عسكرية واستخبارية إسرائيلية بمهاجمة أهداف محتملة من دون مراعاة مبدأ التناسب والأضرار الجانبية، فيما تثار شبهات متطابقة بأن "لافندر" يعتمد من بين مصادره على تعقب الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي. وأبرز الأورومتوسطي أن مما يؤكد هذه الشكوك ما تضمنه كتاب القائد الحالي لوحدة نخبة الجيش الاسرائيلي 8200 (فريق الآلة البشرية) حول استخدام مئات الإشارات لتحديد درجة خطورة تصنيف الفرد، مثل تغيير هاتفه الخلوي كل بضعة أشهر، أو تغيير العناوين بصورة متكررة، أو حتى مجرّد انضمامه إلى مجموعة مع "مقاتل" في تطبيق واتساب التابع لـ"ميتا".
وجمع الفريق الميداني للأورومتوسطي شهادات لحالات لمدنيين فلسطينيين جرى استهدافهم مباشرة في هجمات عسكرية إسرائيلية على إثر أنشطة لهم في مواقع التواصل الاجتماعي، من دون انخراطهم بأي عمل عسكري. فأصيب شاب فلسطيني بجروح خطيرة في قصف إسرائيلي استهدف منزلاً سكنياً كان يوجد فيه في حي الصبرة في مدينة غزة بعد وقت قصير من نشره مقطع فيديو على "إنستغرام"، التابع لشركة "ميتا"، قال فيه ساخراً إنه ينفذ "مهمة استطلاع للأوضاع الميدانية" في منطقة سكنه.
وقال أحد أقارب المستهدف، وهو شاب في العشرينيات من عمره لفريق الأورومتوسطي، إنه كان يحاول فقط تقليد المراسلين الصحافيين من خلال نشر مقطع الفيديو القصير على حسابه الشخصي في "إنستغرام"، قبل استهدافه مباشرة وفجأة بقصف من طائرة استطلاع إسرائيلية وهو على سطح المنزل، ليصاب بجروح خطيرة وتُلحق أضراراً كبيرة في المنزل.
وأشار المرصد إلى ما أثاره خبراء دوليون في قطاع التكنولوجيا من دلائل بشأن علاقة محتملة بين شركة ميتا ونظام لافندر، المستخدم في تحديد أهداف الجيش الإسرائيلي في هجماته العسكرية على قطاع غزة، بما في ذلك استهداف أشخاص لمجرد وجودهم في مجموعات واتساب مع آخرين مدرجين على قائمة الاشتباه، فضلاً عن كيفية حصول إسرائيل على هذه البيانات، من دون مشاركتها من طرف شركة ميتا.
وشدّد الأورومتوسطي على أنه لا ينبغي لأي شبكة اجتماعية أن تقدّم هذا النوع من المعلومات الخاصة حول مستخدميها، وألا تشارك بالفعل في الإبادة الجماعية التي تشنّها إسرائيل ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة وهو ما يتطلب تحقيقاً دولياً يوفر ضمانات المساءلة والمحاسبة للمسؤولين عن ذلك وإنصاف الضحايا.