التدخين على ضفاف دجلة

التدخين على ضفاف دجلة... جولة لـ"العربي الجديد" على مقاهي بغداد

بغداد

محمد الملحم

avata
محمد الملحم
17 مايو 2018
+ الخط -
على ضفتي دجلة، حيث كرخ بغداد ورصافتها، تنتشر المقاهي القديمة التي يعود تاريخ بعضها إلى مئات السنين، ثم أدخل القائمون عليها تطويرات مختلفة لتناسب حداثة الواقع، إلا أن روادها ما زالوا من فئة كبار السن فقط، ولا يدخلها الشبان إلا من باب الفضول أو الاضطرار لقضاء وقت ينتظرون فيه إنجاز معاملاتهم بالدوائر الحكومية القريبة أو انتظار صديق. 
في تلك المقاهي، لا يمكن إلا أن تشمّ رائحة "التتن" العراقي (التبع المحلي) حيث ما زال روادها يفضلون التتن المحلي على المستورد، ويضعونه بدل المعسل في النارجيلة التي عادة ما تحوي في أسفلها قطع الثلج الصغيرة والليمون، في خلطة يقول صاحب إحدى المقاهي إنها عراقية خالصة.
الحاج رسن الشمري (65 عاماً) يقول لـ"العربي الجديد"، إنه يرتبط مع التبغ العراقي ارتباطاً وثيقاً منذ 40 عاماً، "حيث بدأت تدخين التتن عندما كان عمري 25 عاماً ولم أشرب المعسل الصناعي ابداً لأنه يحتوي على القليل من التتن المجهولة جهته الزراعية، ثم تضاف إليه مواد صناعية أخرى بعكس التتن العراقي المعروف والمشهورة زراعته في طويريج (مدينة في محافظة كربلاء)".
يقول أبو إياد (70 عاماً) صاحب مقهى "14 رمضان: لــ "العربي الجديد": "أجلب التتن من طويريج ولا يدخنه إلا كبار السن امثالي؛ فالشباب لا يرغبونه ولم يبقَ سوانا كمقهى واثنين في جانب الرصافة يتداولون التتن، وسمعت من العلامة العراقي مصطفى جواد أنه كان في بغداد بالعهد العثماني سوق كاملة تسمى سوق التوتنجية، أي بائعي التتن".
والتتن هو التبغ، كما يسميه العراقيون، ومن أقدم خانات بغداد في العهد العثماني خان التتنجية، وفيه يباغ التبغ العراقي المحلي ويأتي تجار من إسطنبول وبيروت وصنعاء بتبغهم أيضاً إلى هذا الخان وكانت المنافسة حادة بينهم.
هناك أنواع من التبغ العراقي المعروفة مثل تتن كارة، تتن حيزان، تتن الشرفاني، أما التتن الذي يشربه الأمراء فكان يسمى تتن ديناك، والتتن الذي يشربه عوام الناس هو تتن بلوتي، وهناك أنواع أخرى أقل شهرة، وهذه التسميات اشتقت إما من المناطق التي يزرع فيها التتن أو من أسماء القبائل التي كانت تزرعه. تظهر مخطوطة في المتحف الوطني العراقي تؤكد أن اكتشاف التبغ في العراق واستخدامه كان في القرن السادس عشر ميلادي، واستخدم كدواء لعدد من الأمراض

كما يذكر الشيخ ياسين الخطيب في كتابه "غاية المرام" الذي ألفه عام 1220 هجري، وقال فيه إن التتن حدث شربُه سنة 1000 هجري (الموافق 1591 ميلادي)، وأن سبب اكتشافه أن امرأة كردية أصابها الجذام شمال العراق فعزلها أهلها في واد خوفا من العدوى، وأخذت هذه المرأة تأكل من نبات أخضر في هذا الوادي فشفيت تماماً من مرضها، وعندما سألوها دلتهم على ذلك النبات الذي أكلت منه، وهو نبات التبغ، وبعد هذه المرحلة بدأت زراعته بكثافة شمال العراق ليستخدم كعقار ومن ثم شرب كدخان، وبدأ العلماء في هذه الفترة بكتابة الكتب والرسائل المعروفة للجميع حول إباحة شربه او تحريمه بالشريعة الإسلامية. 

ومن جهته، يقول ابراهيم السامرائي (69 عاماً) لـ"العربي الجديد": "ادخن التتن لأنه من النباتات ولا شيء كيماوياً فيه. ومنذ الستينيات أفعل ذلك بعكس المعسل الذي يعد مادة صناعية مضرة". يضيف السامرائي أن التتن العراقي يزرع في مدينة طويريج في كربلاء وفي شمال العراق، ويستخدمه الكثير من طبقات الشعب العراقي بعد أن يغسل بالماء ويُعصر ثم ينشف قليلاً، ويوضع على الجمر ويسحب الدخان بواسطة النارجيلة، فتجده أشهى من المعسل الصناعي".

ذات صلة

الصورة
أبو تقوى السعيدي (إكس)

سياسة

أسفر استهداف طائرة مسيّرة مقراً لفصائل "الحشد الشعبي" يتبع لـ"حركة النجباء"، عن مقتل المسؤول العسكري للحركة مشتاق طالب علي السعيدي المكنى "أبو تقوى".
الصورة
قاعة الأعراس في الحمدانية في نينوى في العراق 1 (فريد عبد الواحد/ أسوشييتد برس)

مجتمع

أعاد حريق قاعة الأعراس في محافظة نينوى العراقية الذي خلَّف مئات القتلى والمصابين، ليلة أمس الثلاثاء، مشهد الحرائق المتكرّرة التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة والتي خلّفت مئات القتلى والجرحى.
الصورة
صندوق من فاكهة الرمان (Getty)

مجتمع

أفاد تحقيق صحافي عراقي بأنّ بغداد تلقّت شحنة رمّان من بيروت تبيّن أنّها محشوّة مخدّرات، علماً أنّ هذه الشحنة جزء من سداد قيمة مستحقّات النفط العراقي المخصّص لبيروت.
الصورة

سياسة

تطابقت شهادة العراقي طالب المجلي لـ"العربي الجديد" مع ما حمله تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، نشر اليوم الاثنين، بخصوص صنوف التعذيب والقتل التي تعرض لها سجناء عراقيون من أمثاله في سجن أبو غريب سيئ الصيت قبل نحو 20 عاماً.

المساهمون