تايتانيك... سوريون ولبنانيون عاشوا المأساة (فيديو)

تايتانيك... سوريون ولبنانيون عاشوا المأساة (فيديو)

لندن

كاتيا يوسف

avata
كاتيا يوسف
14 يناير 2017
+ الخط -



أثار غرق سفينة التايتانيك ضجة كبيرة حول العالم قبل أكثر من قرن، وما تزال أصداء تلك الحادثة المأساوية تتردد حتى الآن. حيث انطلقت تلك السفينة العملاقة من ميناء بلفاست عند الثامنة مساء في 10 إبريل/نيسان لتصطدم بعد أربع ليالٍ بجبل جليدي.

وانتشرت حول الواقعة الكثير من المعلومات الخاطئة وغير الدقيقة، إذ استعان بعض الصحافيين بإضافات من خيالهم لقصص الناجين من أجل سد الثغرات، وسلّطت الصحافة العالمية الضوء وقتها على الأثرياء الذين كانوا على متنها، وتصدرت أخبارهم عناوين الصحف، ومنها "غرق العديد من الأثرياء".

لكن لم يلتفت أحد إلى قصص ركّاب الدرجة الثالثة على الرّغم من أنّ نسبة موتاهم كانت أكبر بكثير من ركّاب الدرجة الأولى والثانية.

والأهم أنّ أحداً لم يكترث للبنانيين أو السوريين أو غيرهم من العرب الذين تواجدوا على متنها، باستثناء محاولات يائسة للصحافة العربية في ذلك الوقت، للوصول إلى أسماء العرب، حتى تبلّغ أهاليهم الذين كانوا ينتظرون معرفة مصير ذويهم.

وللإشارة فقد ورد مشهد في فيلم للتيتانيك لثوانٍ يلمّح إلى وجود لبنانيين على متنها، حين تنادي أم ابنتها باللهجة اللبنانية "يللا يللا" ليستوقفها زوجها طالباً ثواني للوداع.

وتمكنت بيانات في معرض التيتانيك في بلفاست من الفصل بين أعداد اللبنانيين والسوريين في ظلّ حكم الدولة العثمانية، حين كانت جغرافيا المنطقة بأكملها مختلفة، لتؤكّد أنّ عدد اللبنانيين الذين كانوا على متنها بلغ 88 شخصاً، أي الجنسية الرّابعة على السفينة بعد البريطانيين "الإيرلنديين" والأميركيين والسويديين، مع وجود عائلة سورية واحدة من أربع إناث، نجون جميعهن من الموت، لأن القانون الذي سرى آنذاك قضى بإنقاذ النساء والأطفال أولاً ثمّ الرجال.

وكانت البالغة الوحيدة بينهن، هي لطيفة الحاج قربان بعقليني (24 عاماً) يرافقها ثلاثة أطفال تتراوح أعمارهنّ بين التسعة أشهر والثلاث والخمس سنوات، وهنّ هيلانة بربارة وماريا وأوجينيا.

قد لا يخطر على بال أحد وجود ذلك العدد من اللبنانيين على متن التيتانيك، لاعتقادهم أنّها كانت تقوم برحلة سياحية وأنّ معظم الذين تواجدوا على متنها كانوا من أثرياء العالم أو ميسوري الحال. بيد أنّ بيانات رسمية موجودة في معرض التيتانيك في بلفاست تؤكّد وجودهم الذي اختلفت أهدافه، كونهم كانوا يطمحون للوصول إلى أميركا والهرب ربّما من الأوضاع التي كانت سائدة أيّام حكم الدولة العثمانية.

وتوجد في المعرض لافتة تفيد بأنّ عشرات آلاف المهاجرين كانوا يعبرون شمال المحيط الأطلسي سنوياً، حيث كان تمثال الحريّة في نيويورك يمثّل بالنسبة لهم التحرّر من الاضطهاد، ولقّب التمثال بـ"أم المنفيين والمهاجرين"، وتشير اللافتة إلى أنّه بالقرب من التمثال، تتواجد "جزيرة إيلليس"، المعروفة باسم "جزيرة الدموع" آنذاك، لأنّها المحطّة التي ينبغي على كل مهاجر العبور بها للقيام بإجراءات الهجرة، قبل أن تطأ قدمه أرض أميركا.

لكن الناجين من ركّاب الدرجة الثالثة على التيتانيك، أعفوا من تلك الإجراءات، وسمح لهم بالدخول مباشرة إلى أميركا، بينهم قلّة من اللبنانيين، لأنّ معظمهم قضى في المحيط، لأن غالبيتهم كانوا من ركّاب الدرجة الثالثة الذين تلقّوا أسوأ معاملة، حتى أنّ بعضهم لم يقض غرقاً بل أطلق عليه الرّصاص لمحاولته الصعود إلى قوارب نجاة ركّاب الدرجة الأولى أو محاولة الاختباء في قوارب النساء والأطفال.

وأصبحت حادثة التيتانيك مصدراً للمال عبر إنتاج أفلام ومقالات وقصص عديدة، تحدّثت عن الرّعب الذي واجهه ركّاب السفينة الذين غرقوا بغالبيتهم وكان البحر مقبرة لكل الجثث التي ابتلعها البحر، ولم يعثر على بقايا التيتانيك سوى عام 1985.

من تحدّثوا عن عرب التيتانيك كانوا نادرين، ومنهم الكاتبة السورية الأميركية، ليلى سلّوم إلياس التي كتبت عن اللبنانيين والسوريين الذين تواجدوا على متن السفينة العملاقة، واختصرت العديد من القصص عنهم، ومنها مأساة ضاهر شديد أبي شديد، الذي فرّ من لبنان بعد ارتكابه جريمة قتل، ليموت في وسط المحيط الأطلسي.

وهناك قصص فردية رواها أحفاد أولئك الذين كتبت لهم النجاة ليرووا ما شهدوه واختبروه، إذ كتبت جوزيان أبي صعب، مدوّنة عمّا مرّت به جدّتها شعنينة أبي صعب من شمال لبنان التي سافرت مع زوجها وأربعة من أبناء عمّها الذين ماتوا جميعاً في البحر.

تذكر جوزيان أنّ جدّتها أخبرتها بوجود 165 لبنانياً على السفينة وهو ما يناقض بيانات معرض التيتانيك، وأنّ شعنينة وصفت كيفية إنقاذ سفينة "كارباثيا" لهم بعد ست ساعات من تواجدهم على قوارب النجاة في المحيط الواسع، وكيف رفعتهم بحبال كونهم كانوا ضعفاء جداً ليتسلّقوا السلالم أمّا الأطفال فنقلوهم في سلال.

وكانت سفينة "كارباثيا" تبحر من نيويورك إلى البحر الأبيض المتوسط، وحين سمعت بحادثة التيتانيك توجّهت مباشرة إليها، وأوّل راكبة تمّ إنقاذها، كانت إليزابيث آلن، عند الساعة 4:10 فجراً، وعقب أربع ساعات عُثر على عشرين قارب نجاة وأنقذت 713 راكباً، ووفق بيانات معرض التيتانيك فقد رست سفينة "كارباثيا" في مرفأ نيويورك في 18 نيسان/أبريل، حيث تجمّع 30 ألف شخص من الأهالي الذين كانوا يترقبون وصول أحبائهم.

وبدأت التحقيقات البريطانية آنذاك وكانت أطول وأمتن من تلك الأميركية، لاعتمادها على الخبراء أكثر من ذاكرة الناجين.

وخرجت التحقيقات البريطانية بـ 24 وصيّة لتفادي مأساة مماثلة في المستقبل، وهي أنّ خسارة التيتانيك جاءت نتيجة اصطدامها بجبل جليدي بسبب السرعة الزائدة في الإبحار، وأيضاً أن ركّاب الدرجة الثالثة تمّ التعامل معهم بشكل سيئ جداً.

يذكر أن معظم اللبنانيين والسوريين كانوا من ركّاب الدرجة الثالثة، باستثناء البعض منهم ممّن سجّلوا من ركّاب الدرجة الثانية، وفي المعرض بيانات بأسمائهم جميعاً من نجا منهم ومن بقي على قيد الحياة.




ذات صلة

الصورة
النازح السوري فيصل حاج يحيى (العربي الجديد)

مجتمع

لم يكن النازح السوري فيصل حاج يحيى يتوقّع أن ينتهي به المطاف في مخيم صغير يفتقر إلى أدنى مقومات الحياة غرب مدينة سرمدا، فاقداً قربه من أسرته الكبيرة ولمّتها.
الصورة
ناج من زلزال سورية (العربي الجديد)

مجتمع

بعد نجاته من الموت الذي خطف أفراد أسرته، بات حلم حمزة الأحمد (17 عاماً)، أن يكون لديه طرف اصطناعي ذكي عوضاً عن القدم التي فقدها في زلزال فبراير.
الصورة
نازحان في غزة (العربي الجديد)

مجتمع

يحاول النازح الفلسطيني أبو أحمد أبو القمبز من حي الشجاعية شرق مدينة غزة التخفيف من آلام صديقه الجديد أبو مصطفى سالم، الناجي الوحيد من مجزرة إسرائيلية.
الصورة

مجتمع

بين ركام عمارات سكنية دمّرتها غارات إسرائيلية في غرب مدينة غزة، تجمّع فلسطينيون لرفع كتلة إسمنتية كبيرة أمام ثلاثة مسعفين سحبوا من المكان جثة هامدة. ويصرخ شاب باكياً "لماذا؟ لم نفعل شيئا يا الله".

المساهمون