لماذا لم يسقط الانقلاب في مصر؟

لماذا لم يسقط الانقلاب في مصر؟

03 يوليو 2015
المساعدات الخليجية حالت دون سقوط الانقلاب (أرشيف/Getty)
+ الخط -
لماذا لم يسقط الانقلاب في مصر على الرغم من كل الأرقام الصادمة لمؤشرات الاقتصاد الكلي، والمعاناة الشديدة التي يعيشها المواطن مع الارتفاعات القياسية في الأسعار كل يوم، وعدم إنجاز مشروعات حقيقية على الأرض، على الرغم من الإعلان عن ستة مشروعات قومية كبرى؟
كثيرون يطرحون هذا السؤال مع مرور عامين على انقلاب 3 يوليو 2013، خاصة أن الأرقام الرسمية تقول إن هناك زيادة حادة في عجز الموازنة العامة خلال العامين الماضيين، بل إن العجز مقدر له أن يتجاوز 281 مليار جنيه في العام المالي الحالي 2015-2016، مقابل 239 ملياراً في العام الذي حكم فيه د. محمد مرسي، كما بلغ العجز في العام الأول للانقلاب 253 مليار جنيه، بل إن هذا العجز واصل ارتفاعه في العام المالي الماضي المنتهي في يونيو/حزيران 2015 على الرغم من خفض الدعم المقدم للمواطنين بنحو 50 مليار جنيه.
وإذا تركنا عجز الموازنة لننتقل لرقم آخر يتعلق بالديون المحلية المستحقة على الدولة، فهذا الرقم تفاقم خلال العامين الماضيين ووصل لمعدلات قياسية، والأرقام الرسمية تقول إن هناك زيادة كبيرة في الديون المحلية التي باتت تتجاوز قيمتها تريليوني جنيه أي ما يعادل 258.7 مليار دولار.
ومن بين المؤشرات الاقتصادية أيضاً تراجع موارد مصر من النقد الأجنبي، خاصة من السياحة التي تراجعت إيراداتها إلى 7.3 مليارات دولار في عام 2014 مقابل 12.5 مليار دولار في عام 2010 الذي سبق الثورة المصرية، كما فقدت الصادرات 1.6 مليار دولار في الربع الأول من العام الجاري 2015 وحده، وباتت الصادرات تغطي نحو 40% من الواردات على الرغم من تراجعها، خاصة مع وجود مشاكل في سوق الصرف الأجنبي ووضع قيود على تلبية احتياجات المستوردين الدولارية.
وتراجعت تحويلات العاملين في الخارج، والتي تعد ثاني أكبر مصدر للنقد الأجنبي للبلاد بعد الصادرات، وهناك ارتفاع غير مسبوق في العجز التجاري الذي تجاوز 63 مليار دولار في الـ21 شهراً التي أعقبت الانقلاب، إضافة إلى خروج استثمارات مباشرة بقيمة 10 مليارات دولار في عام ونصف العام بعد الانقلاب.
وعلى الرغم من سداد الحكومة الجزء الأكبر من مديونيات شركات النفط العالمية، حيث سددت 5 مليارات دولار، بسبب ضغوط هذه الشركات وتهديدها بسحب استثماراتها من مصر، إلا أن هذه الديون عادت للارتفاع مرة أخرى، وبحسب أحدث أرقام فقد بلغت مستحقات شركات النفط العالمية 3.5 مليارات دولار بنهاية شهر يونيو/حزيران الماضي بزيادة 6.1% عن أرقام نهاية مارس/آذار الماضي.
وعاد الدين الخارجي لمصر إلى الارتفاع مرة أخرى عقب اقتراض الحكومة 6 مليارات دولار من دول الخليج الثلاث الداعمة للنظام الحالي؛ وهي: السعودية والكويت والإمارات في شهر أبريل/نيسان الماضي، وعقب انعقاد مؤتمر شرم الشيخ.
ولن أتحدث هنا عن مؤشرات تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار الأميركي وآخرها ما حدث يوم الخميس الماضي، حيث فقد الجنيه 10 قروش من قيمته أمام الدولار، وما يشكله ارتفاع العملة الأميركية من زيادة في الأسعار داخل الأسواق المصرية.
ولن أتحدث كذلك عن زيادة معدلات البطالة والفقر والفساد والبيروقراطية، والارتفاعات القياسية في الأسعار، خاصة الرئيسية كالغذاء، وتفاقم الأزمات المعيشية للمواطنين، وزيادة فواتير المشتقات البترولية من بنزين وسولار وغاز وغيره، وزيادة فواتير الكهرباء وغيرها.
في ظل هذه الأرقام الاقتصادية الصادمة وغيرها، والتي لامست المواطن بشكل مباشر، إذاً لماذا لم يسقط الانقلاب اقتصادياً على الأقل؟
هناك عدة أسباب موضوعية ألخصها في الآتي:
- المساعدات والمنح والقروض الضخمة التي تلقتها مصر خلال العامين الماضيين وتجاوزت 53.5 مليار دولار، وهذا المبلغ كافٍ ليس لتجاوز الأزمات الاقتصادية التي تمر بها مصر، بل لتجاوز أعتى الأزمات التي تمر بها الدولة، نظراً لضخامة الرقم الذي يعادل بالعملة المحلية 413.5 مليار جنيه بحسب الأسعار الحالية للدولار في السوق الرسمية. 
- تلقي مصر مساعدات نفطية مجانية بقيمة 10 مليارات دولار، وهو ما قضى على واحدة من أكبر الأزمات التي واجهت الدكتور محمد مرسي، وهي أزمة الوقود، حيث تم توفير البنزين والسولار والغاز وغيره لرجل الشارع على مدى العامين.
- تهاوي أسعار النفط عالمياً وفقدانها 50% من قيمتها منذ شهر يونيو/حزيران 2014، وهو ما وفر لموازنة مصر مليارات الدولارات كانت مخصصة لاستيراد المشتقات النفطية، مع العلم أن مصر خصصت لهذا الغرض 14.4 مليار دولار في العام المالي 2013-2014 و13.3 مليار دولار في العام المالي الأخير 2014-2015.
- تراجع أسعار الغذاء عالمياً، وهو ما وفر للموازنة العامة للدولة مبالغ ضخمة كانت مخصصة لاستيراد الغذاء، خاصة القمح الذي تعد مصر من أكبر مستورديه في العالم، مع الإشارة هنا إلى أن مصر تستورد نحو 70% من احتياجاتها الغذائية.
لكن يبقى السؤال: إذا كانت هذه الأسباب ساعدت الانقلاب على الصمود اقتصادياً خلال العامين الماضيين، فهل تكرارها وارد خلال الفترة المقبلة؟
أي، هل هناك ضمانات لاستمرار تدفق المساعدات الخليجية لمصر وتراجع أسعار الغذاء والنفط عالمياً.

اقرأ أيضاً: تكلفة عدم الاستقرار في مصر

المساهمون