عن قدرة المصريين على تحمل الأسعار

عن قدرة المصريين على تحمل الأسعار

27 يونيو 2021
زيادات جديدة في الأسعار بالأسواق المصرية (Getty)
+ الخط -

سألت صديقي المتفائل عن مدى قدرة المصريين على تحمل قفزات الأسعار الأخيرة، في ظل مواصلة الحكومة قطار الزيادات بلا توقف وتآكل القدرة الشرائية للمواطن، وتراجع المدخرات، ووجود توقعات قوية بحدوث زيادات كبيرة في أسعار الأغذية البالغة واردات مصر منها نحو 16 مليار دولار سنويا، وكذا زيادة سعر النفط في الأسواق الدولية وبلوغه 100 دولار للبرميل.
فقال الصديق: وما الجديد، إن هذا القطار مستمر في السير وبسرعة منذ سنوات طويلة. لدينا التزامات معروفة سواء مع صندوق النقد والدائنين الدوليين وسداد أعباء الدين العام، أو التزامات تتعلق بإيرادات الموازنة العامة للدولة والحرص على عدم تسجيل عجز حاد بها.
فقلت له: الجديد هي تلك الزيادات الأخيرة في الأسعار والرسوم، فهناك:

1- زيادة في كل أسعار السلع والخدمات تقريبا، مثلا ارتفاعات متواصلة تشهدها أسعار اللحوم المستوردة في الأسواق، وسط مخاوف من تأثير تلك الزيادة على ارتفاع أسعار اللحوم البلدي قبيل عيد الأضحى المبارك. 
2- زيادة في سعر بيع زيت الطعام على البطاقات التموينية من 17 جنيهاً إلى 21 جنيهاً لليتر، بداية من أول شهر يونيو/حزيران الجاري، وللمرة الثانية خلال أقل من ستة أشهر، وبنسبة زيادة بلغت 23.5%، تحت مبرر ارتفاع أسعار الزيوت عالمياً منذ شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي.

3- زيادة أسعار السجائر المحلية والأجنبية 50 قرشاً اعتباراً من أول شهر يوليو، مع سعي وزارة المالية لجمع 79 مليار جنيهاً من ضرائب السجائر والتبغ، مقابل 74.8 مليار جنيه في موازنة العام المالي الحالي، وبفارق 4.2 مليار جنيه.
4- زيادة في أسعار 6 سلع ضرورية للمواطن هي الأدوات المنزلية والأجهزة الكهربائية، والخشب والورق، والسيارات، والسلع الغذائية مثل الزيت والدقيق.
5- زيادة أسعار مواد البناء منذ بداية العام الجاري رغم حالة الركود، حيث قفزت أسعار الحديد بنسبة 25 بالمئة منذ بداية العام الجاري والأسمنت بنسبة 39 بالمئة.

زيادة أسعار الكهرباء بنسبة 860% خلال 7 سنوات، وستزيد بدءا من يوليو/تموز بنسبة بين 8.4% و26.3%، وارتفاع أسعار زيت الطعام ومود البناء والسجائر والسيارات والسلع الغذائية والأدوات المنزلية

6- زيادة الرسوم الحكومية التي يتم تقاضيها في المصالح والمؤسسات العامة. زيادة أسعار الخدمات مثل الكهرباء التي زادت بنسبة 860% خلال 7 سنوات، وستزيد بدءا من شهر يوليو/تموز بنسبة تتراوح بين 8.4% و26.3%، وهي الزيادة الثامنة على التوالي منذ عام 2014، تمهيدا لتحرير الأسعار. 
7- فرض رسوم وضرائب جديدة على تراخيص السيارات والمدارس والجامعات وغيرها، فرض ضريبة 10% على شراء وإيجار المحال التجارية.
8- رفع الضريبة المقررة على الزيوت والصابون والمنظفات الصناعية والمخبوزات والمقرمشات والحلوى من 5% إلى 14% بزيادة 9%. 
9- مضاعفة رسوم إصدار صحيفة الحالة الجنائية من 10 جنيهات إلى 29 جنيهاً لكل نموذج. وإخضاع طلبات التوصيل الإلكترونية لضريبة القيمة المضافة.

10- الاتجاه لزيادة أسعار الوقود سواء البنزين والسولار بحجة زيادة أسعار البترول في الأسواق الدولية، علماً بأنه زيادة أسعار البنزين بكافة انواعه يوم 23 إبريل الماضي ولمدة 3 أشهر. يصاحب ذلك زيادة 15% في أسعار زيوت السيارات.
11- توسيع الخاضعين لضريبة القيمة المضافة وآخرها فرض وزارة المالية الضريبة بواقع 14% على اشتراكات الأندية الرياضية ومراكز الشباب، وذلك بأثر رجعي على جميع العضويات اعتباراً من 7 سبتمبر/أيلول 2016.  
12- أضف إلى ذلك التلويح المبطن بزيادة أسعار السلع الغذائية ومنها رغيف الخبز عبر توسع بعض المسؤولين في الحديث عن زيادة أسعار القمح والغذاء عالميا، والإسراع في ملف الخصخصة وتصفية الشركات الحكومية مثل الحديد والصلب وغيرها، وهو ما يعني مزيداً من تسريح العمالة من شركات قطاع الأعمال العام، وتثبيت أسعار الفائدة على الودائع رغم زيادة معدل التضخم، ومضاعفة مخصصات بعض الوزارات السيادية على حساب الصحة والتعليم.

البعض ينظر إلى زيادة عدد مرتادي المولات والمراكز التجارية في مدن السادس من أكتوبر والشيخ زايد والقاهرة الجديدة على أنه مؤشر على ثراء المصريين وزيادة قدرتهم الشرائية

لن أتحدث هنا عن قفزات الدين العام سواء المحلي أو الخارجي وسباق الاقتراض وعجز الموازنة العامة والميزان التجاري ومعاناة قطاع السياحة بسبب كورونا، وتحصيل الحكومة نحو 18.2 مليار جنيه مقابل رسوم "جدية التصالح" في مخالفات البناء، وعن ارتفاع حجم الدين العام إلى 47.7% من مصروفات الموازنة، وإقرار البرلمان زيادة في موازنته الجديدة بـ444 مليون جنيه لتصل إلى1.47 مليار جنيه. أتحدث مباشرة عن حال المواطن.   
صديقي أجابني بكل ثقة: "نعم، المصريون قادرون على التحمل، لا تقلق، لديهم الكثير من الأموال والسيولة النقدية سواء في البنوك أو تحت البلاطة، لديهم آلاف المليارات من الجنيهات في البنوك، انظر للأموال التي تُنفق في الأعياد والمواسم".

ويكمل: "تعال وتجول داخل المولات والمراكز التجارية في مدن السادس من أكتوبر والشيخ زايد والقاهرة الجديدة، تعال وطالع قائمة المشترين في العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة، علما بأن سعر الوحدة الواحدة يفوق ملايين الجنيهات، اذهب لفنادق شرم الشيخ والغردقة، تعال وشاهد آلاف المصطافين في الساحل الشمالي ومارينا والغردقة والعين السخنة".

موقف
التحديثات الحية

قلت له: "أنت تتحدث عن مجتمع الخمسة في المائة، وربما أقل بكثير من هذه النسبة".

فقال: "بل أحدثك عن أعداد بالملايين".

قلت له: "لو حسبنا نسبة الخمسة في المائة من عدد سكان يتجاوز 110 ملايين لأصبح لدينا العدد أكثر من 5 ملايين شخص، هؤلاء من تراهم يملأون المولات التجارية والمحال، ويشترون السيارات الفارهة والطائرات الخاصة، ويشترون أيضا الدولار واليورو من البنوك للسفر والسياحة والتسوق في أوروبا وأميركا وجزر المالديف، هؤلاء من يتم رفع رواتبهم وحوافزهم بشكل مستمر إن كانوا يعملون في الجهاز الإداري بالدولة، هؤلاء الذين يحصلون على الخدمات ذات الخمسة نجوم في المصالح الحكومية، وعلى الكهرباء والمياه والغاز الطبيعي بأسعار مدعمة أو تفضيلية، هم من يفوزون بالصفقات والمزايدات ويشترون الأراضي في المدن العمرانية الجديدة برخص التراب".
فقال: "يا عم انظر للجانب الإيجابي في القضية، النسبة التي تتحدث عنها هي من تحرك الأسواق وتبني المصانع والشركات وتحمي البلد من المخاطر وتطبق القانون.
قلت له: "بل هي من تقتنص الصفقات وتدعم الاقتصادات الخارجية والسياحة العالمية ومحال الموضة في باريس وروما وفنادق لندن ونيويورك ومصارف سويسرا وألمانيا وأميركا".

المساهمون