روسيا بوتين.. شعب فقير ورئيس ملياردير

روسيا بوتين.. شعب فقير ورئيس ملياردير

01 مارس 2022
ثروة بوتين تقدر بمليارات الدولارات/Getty
+ الخط -

في الدول النامية والقمعية، لا أحد يعرف شيئاً عن الثروات الشخصية لرؤساء الدول والحكام وكبار المسؤولين، فلا شفافية بشأن هذا الأمر، ولا عملية إفصاح عن دخول هؤلاء.

ولا أحد من المواطنين يعرف شيئاً عن رواتب الحكام الرسمية أو غير الرسمية خصوصاً تلك الناتجة عن العمولات والسمسرة في صفقات السلاح وبيع الشركات العامة والإتاوات وغيرها، ولا محاسبة من قبل الأجهزة الرقابية.

بل قد لا تجرؤ تلك الأجهزة على أن تسأل رأس الدولة: "من أين لك هذا"، وذلك في حال تضخم الثروة وعدم تناسقها مع الدخل الرسمي.

وأحياناً ما تتداخل الأمور، فيصبح هناك تزاوج شديد بين ثروة الحاكم وبين مؤسسات الرئاسة وموازنة الدولة والإيرادات العامة.

صحيح أنّ القوانين في هذه الدول تلزم الرؤساء بالإفصاح عن ثرواتهم الشخصية والكشف عن مصادرها، خصوصاً عند الترشح لمنصب الرئاسة، لكنّ هذا الأمر لا يتم الالتزام به عادة لدى العديد من الدول النامية.

وفي حال تطبيقه لا تكون الأرقام المدرجة والخاصة بتلك الثروة صحيحة، ويتحول مشهد الإفصاح إلى نوع من الدعاية الفجة عن نزاهة الرئيس، وأنّه واحد من الشعب بدليل أنّ ثروته المعلن عنها لا تختلف كثيراً عن ثروات المنتمين إلى الطبقة الوسطى في المجتمع.

أحياناً نعرف شيئاً وبعض التفاصيل عن ثروات هؤلاء الحكام من خلال التسريبات التي تتم من وقت لآخر لبيانات البنوك الغربية خاصة الأرصدة المصرفية الخاصة برؤساء الدول والحكام وكبار المسؤولين وأسرهم والذين تدور حولهم شبهات فساد، أو تلاحقهم جرائم مالية مثل غسل الأموال والرشى والسمسرة في أصول بلادهم، وذلك على غرار تسريبات بنك "كريدي سويس" الأخيرة والتي كشفت عن وجود 100 مليار دولار تخص نحو 30 ألف عميل من بينهم ملوك ورؤساء دول وحكومات وأبناء كبار المسؤولين.

وقبلها تسريبات البنوك السويسرية والأميركية الشهيرة، وكذا تسريبات بنما الشهيرة، ووثائق بارادايس، ووثائق باندورا وغيرها من التسريبات والتي كشفت عن إيداع حكام طالما تغنوا بالنزاهة ومكافحة الفساد عشرات المليارات من الدولارات في أرصدتهم وإخفائها عن شعوبهم.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واحد من بين هؤلاء، لا أحد يعرف شيئاً عن دخله أو ثروته، أو ثروة أسرته والمقربين منه، رغم أنّ مصادر غربية تصنفه على أنّه واحد من أغنياء العالم.

نظرياً يبلغ دخل بوتين نحو 140 ألف دولار سنوياً، ويمتلك قليلاً من المال وشقة صغيرة في موسكو، و3 سيارات، ومقطورة ومكانين لوقوف السيارات، هذا ما يكشف عنه افصاحه الرسمي عند ترشحه لمنصب الرئاسة.

لكن عملياً تشير التقديرات إلى أنّ ثروته تقدر بالمليارات. ومن هذا الرقم تتعدد النظريات والتسريبات حول قيمة تلك الثروة ومصادرها وارتباطها بالضغوط التي يمارسها الرئيس الروسي على كبار أثرياء روسيا خصوصًا المنتمين للطبقة الفاسدة والأوليغارشية الروسية.

وفقاً لتقديرات رجل الأعمال الأميركي، بيل براودر، والذي عمل لسنوات في أميركا ونشرتها مجلة "فوربس" الشهيرة، فقد قدّر ثروة بوتين في عام 2017 بنحو 200 مليار دولار، وهو ما كان سيجعله أغنى شخص في العالم في ذلك الوقت.

في حين قدر الاقتصادي السويدي أنديرس أسلوند مؤلف كتاب "روسيا الرأسمالية المحببة" والأستاذ في جامعة "جورج تاون" ثروة بوتين في عام 2019 بين 100 و130 مليار دولار موجودة ضمن ممتلكات عائلته وأصدقائه المقربين وحلفائه موضع ثقته، في حين قدرها في وقت لاحق بنحو 125 مليار دولار.

وفي العام 2012 قدّر ستانيسلاف بيلكوفسكي، المعارض الروسي، رقم صافي الثروة بنحو 70 مليار دولار، وفقاً لموقع fortune الشهير.

أما الملياردير الروسي المنفيّ سيرغي بوغاتشيف فوسع من تقديراته حيث ذكر لصحيفة "ذا غارديان" في عام 2015، أنّ كلّ ما يخص أراضي الاتحاد الروسي يعتبره بوتين ملكاً له، ولن تنجح أيّ محاولة لحساب ثروته الصافية.

التضارب في الأرقام له ما يبرره لأسباب عدة منها اختلاف السنوات التي يتم على أساسها تقدير صافي ثروة الرئيس الروسي، وعدم توافر بيانات رسمية يمكن الاعتماد عليها.

موقف
التحديثات الحية

لكن رغم هذا التضارب فإن بوتين ينتمي لعالم الأثرياء والمليارديرات، لا لعالم فقراء روسيا الذين يعيشون تحت خط الفقر والذين قدرهم بوتين نفسه بنحو 19 مليوناً في فبراير/شباط 2019، كما يمتلك يخوتاً فارهة، بلغ سعر أحدها 125 مليون دولار، ويحوز قصوراً ضخمة قُدِّر ثمن واحد منها بنحو 1.4 مليار دولار وفقاً لتقرير نشره موقع "ياهو نيوز" الشهير.

يمتد هذا الثراء لابنتيه، كاترينا، والتي تمتلك شركات تبلغ قيمتها نحو مليارَي دولار وقصوراً خارج روسيا منها فيلا في فرنسا بقيمة 3.7 ملايين دولار، وفقاً لتحقيق وكالة "رويترز" في عام 2015، ولا يُعرف الكثير عن ثروة ابنته الأخرى.

من هنا لن يشعر بوتين بمعاناة ملايين الروس الذين ستدهسهم الحرب الحالية، ولن يعاني كما يعاني ملايين الفقراء الذين سيضورون جوعا جراء قفزات الأسعار الأخيرة الناتجة عن العقوبات القاسية التي فرضها الغرب بحق الاقتصاد الروسي ومؤسسات المالية.

المساهمون