المغرب: قلق من تكرار سيناريو الديون خلال الثمانينيات

المغرب: قلق من تكرار سيناريو الديون خلال الثمانينيات

04 ابريل 2022
أعباء الدين تمثل حيزاً كبيراً من مخصصات الموازنة (Getty)
+ الخط -

لم يكفّ مسؤولون مغاربة عن الدعوة إلى التحلي باليقظة والتحوط من مخاطر الإمعان في الاستدانة، حيث يستحضرون ما حدث في الثمانينيات من القرن الماضي، عندما قفزت الديون الخارجية من 12.9% من إجمالي الناتج الداخلي في 1974 إلى 43.8% في عام 1982.

ووجد المغرب في الثمانينيات نفسه في وضعية عجز عن السداد جراء مديونيته المرتفعة جداً في تلك الفترة، كما اتسع عجز الموازنة وعجز الميزان التجاري بشكل غير مسبوق، ما اضطر البلد إلى إعادة جدولة الديون الخارجية.

ورغم تأكيد المسؤولين في المغرب وجود رصيد من العملة الصعبة في حدود 36 مليار دولار حالياً، وعدم ارتفاع المديونية الخارجية العمومية، حيث تستقر في حدود 38 مليار دولار، إلا أن هناك مخاوف من اللجوء للاستدانة في ظل الظروف الناجمة عن الأجواء العالمية.

ولم تفصح الحكومة، في الفترة الأخيرة، عن سياستها لتمويل الإنفاق الإضافي لمواجهة عجز الموازنة، ما يفتح المجال أمام ترجيح اللجوء إلى الاستدانة من السوق الداخلي أو السوق الخارجي.

وكان قانون مالية العام الحالي، الذي جرى البدء في تنفيذه في يناير/كانون الثاني، توقع أن تصل القروض إلى 11 مليار دولار خلال هذا العام، موزعة بين 4.4 مليارات دولار من السوق الداخلية و6.6 مليارات دولار من السوق الخارجية.

وتطور الدين العام الذي يشمل الدين الداخلي والخارجي منذ 2019 من 59 مليار دولار إلى أكثر من 70 مليار دولار، حيث انتقلت من 64.8% من إجمالي الناتج الداخلي إلى 75.4%، وهي نسبة يرتقب أن تبلغ 77.8% في نهاية 2022.

ويقول الخبير في المالية العمومية محمد الرهج، لـ"العربي الجديد"، إن مديونية الخزانة، ما فتئت ترتفع في الأعوام الثلاثة الأخيرة في شقيها الداخلي والخارجي، ما يطرح التساؤل حول السياسة التمويلية لعجز الميزانية في المغرب.

ويرى أنه كان على الحكومة، من أجل تفادي اللجوء إلى الاقتراض، إجراء إصلاح جبائي لتوفير موارد مالية لتمويل الإنفاق، مضيفا أنه يمكن ألا تمثل الديون الداخلية مشاكل بالنسبة للدولة، إلا أن ارتفاع الديون الخارجية في الفترة الأخيرة يشكل عبئا على الموازنة العامة التي سيكون عليها أداء الفوائد والعمولات سنوياً.

ويعتبر أنه إذا كان المغرب استفاد من معدلات فائدة منخفضة في الفترة السابقة، فإنه يتوقع أن يواجه ارتفاعاً في تكاليف الاقتراض إذا ما قرر اللجوء إلى الاقتراض من السوق الدولية خلال العام الحالي، بسبب صعود أسعار الفائدة ورسوم المخاطر والتأمين.

وفي السياق، كان الخازن العام للمملكة نور الدين بنسودة قد قال، مؤخراً، إن الديون التي يحين سدادها تستدعي غالباً الاستدانة مرة أخرى، وإن أعباء الدين تمثل حيزاً كبيراً على مستوى موازنة الدولة، حيث مثلت أعباء الديون نحو 49.2% من الإيرادات الجبائية الصافية للدولة خلال العام الماضي.

ولفت إلى أن نسبة مديونية الخزانة من إجمالي الناتج الداخلي كانت يمكن أن تكون أكبر من 75.4%، لو لم تعمد الدولة إلى تعبئة موارد عبر الهبات ومساهمات الشركات والموظفين والمواطنين من أجل ضخ إيرادات في صندوق مكافحة جائحة كورونا.

وشدد محافظ بنك المغرب المركزي عبد اللطيف الجواهري على أنه لا يجب أن تذهب القروض لتمويل نفقات التسيير، مشيرا إلى أن القروض يفترض أن توجه للاستثمارات الجيدة، التي تتيح خلق الثروة وتسهل على الدولة سداد الديون، من أجل عدم نقل أعبائها إلى الأجيال المقبلة.

المساهمون