لبنان: الأزمة المالية أكثر حدة من دول الحروب

لبنان: الأزمة المالية أكثر حدة من دول الحروب

04 ابريل 2022
من تظاهرة ضد الانهيار الاقتصادي والمعيشي في لبنان (حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -

من سويسرا الشرق إلى أكثر تأزماً من دول الحروب العربية، وواحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية والمالية في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر.. هكذا أضحى الوضع في لبنان في أقل من ثلاث سنوات على بدء الانهيار.

وبينما لم تعلن أي من دول الحروب في المنطقة عن التخلف عن سداد الديون طيلة أكثر من 10 سنوات، لم تمر سوى أشهر قليلة على بدء الأزمة المالية في لبنان حتى أعلن رئيس الحكومة حسان دياب في 7 مارس/آذار 2020 عن التخلف عن سداد الديون، معلناً عجز بلاده عن سداد قيمة السندات الدولية المستحقة للدائنين في التاسع من نفس الشهر، وأن لبنان سيسعى للتفاوض مع الدائنين، لتأجيل السداد، وإعادة الجدولة.

وصل إجمالي الديون في ذلك الحين إلى أكثر من 90 مليار دولار، أي ما يعادل حوالي 170% من الناتج المحلي الإجمالي، حيث إن الديون بالعملات الأجنبية تقترب من 37%.

أزمة غير مسبوقة

وفي فبراير/ شباط الماضي، أعلن صندوق النقد الدولي، أن الأزمة اللبنانية معقدة وغير مسبوقة وتتطلب برنامج إصلاح اقتصادي ومالي شامل. والشهر الماضي، بدأ وفد من الصندوق جولة جديدة في لبنان بهدف التوصل إلى اتفاق حول خطة التعافي المالي، فيما وصف وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام في حديث سابق لـ"العربي الجديد" هذه الزيارة بالمهمة.

وعلى الرغم من التدهور الاجتماعي والاقتصادي في البلاد، لا تزال الطبقة الحاكمة تحجم عن تطبيق الإصلاحات التي اشترطها المانحون الأجانب لتقديم المساعدة.

وعلى وقع الانهيار المالي، هوت قيمة الليرة، وبالتالي فقدت الرواتب قوتها الشرائية، وأصبح الوصول إلى العملة الأجنبية، خاصة الدولارات، في المصارف غير متاح، وارتفعت الأسعار بشكل جنوني. وبناء على كل ذلك بات نحو 82% من اللبنانيين يعيشون في فقر، وفق إحصائيات الأمم المتحدة.

وانهارت العملة اللبنانية من 1500 ليرة للدولار الواحد قبل الأزمة حتى بلغت مؤخراً حوالي 23 ألف ليرة في السوق السوداء، بينما وصلت في منصة صيرفة التابعة لمصرف لبنان المركزي الخاصة بتعاملات الصرافين إلى حوالي 22 ألف ليرة.

انتقال للعيش في دول الصراع

ومن بلد جاذب للسياح من مختلف دول العالم أضحى طارداً لسكانه، حتى أن البعض انتقل إلى العيش في دول الصراع في المنطقة، ما يشير إلى أن الوضع في لبنان أضحى أسوأ من هذه الدول التي تشهد بالأساس ترديا معيشياً وخدمياً أيضا.

بين يونيو/حزيران 2021 وفبراير/شباط 2022، دخل أكثر من 20 ألف لبناني العراق، وفق السلطات العراقية، من دون احتساب الزوار الذين يأتون إلى النجف وكربلاء.

كما توجد في العراق حالياً أكثر من 410 شركات لبنانية تعمل في مجالات مختلفة، مثل قطاعات التعليم والبناء والسياحة، كالمطاعم والفنادق. أما في إقليم كردستان، فتوجد أكثر من 500 شركة، لا سيما في أربيل والسليمانية، وفق تصريحات أدلى بها السفير اللبناني في العراق علي حبحاب، مشيرا إلى أن حركة اللبنانيين إلى العراق "مؤخراً تضاعفت، وزادت بشكل مطّرد، لا سيما في مجال القطاع الصحي".

ويعاني العراقيون أنفسهم أيضاً من الفقر والبطالة وتدهور البنى التحتية، إذ تبلغ نسبة البطالة بين الشباب فيه 40%، وثلث سكانه البالغ عددهم أكثر من 40 مليون نسمة يعانون من الفقر، بينما يسعى عدد كبير منهم، على غرار اللبنانيين، إلى الهجرة.

وبينما ينهار الوضع في لبنان بشكل سريع، بدت البلدان المتضررة من الصراعات، مثل العراق وليبيا واليمن، أكثر قدرة على تحمل الديون، إذ لم تعلن أي منها عن التخلف عن السداد، بينما وصل الدين العام فيها إلى 190 مليار دولار في عام 2020، أي ما يقرب من 90% من ناتجها المحلي، وفق تقرير صادر أخيراً عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا).

النفط ينقذ ليبيا

وفي ليبيا، بلغ الدّين العام نحو 155 مليار دينار (34.5 مليار دولار). لكن الباحت الاقتصادي الليبي محمد الشيباني، يرى أن اقتصاد بلاده ما يزال بخير، موضحا في تصريح لـ"العربي الجديد" أن ليبيا لديها أكثر من 70 مليار دولار احتياطيات نقدية، فضلا عن وجود إيرادات يومية من مبيعات النفط. ويقول الشيباني إن تخفيف الدين الخارجي يحتاج فقط إلى بعض الاستقرار.

وفي اليمن، رغم أن الوضع المالي يتسم بالاختلال العميق والتدهور الشديد، نتيجة تراجع الإيرادات العامة بكافة مصادرها، نتيجة الحرب المستمرة منذ نحو ثماني سنوات، إلا أن الديون السيادية المتراكمة تقدر وفق بيانات رسمية بنحو 10 مليارات دولار، إذ يجري البلد مفاوضات منذ بداية العام الحالي في نادي باريس لإعادة جدولة الديون.

المساهمون