ارتفاع أسعار النفط.. تفاؤل المنتجين مشوب بالحذر

ارتفاع أسعار النفط.. تفاؤل المنتجين مشوب بالحذر

20 مارس 2021
توقعات بارتفاع الطلب الآسيوي على النفط خلال 2021 (فرانس برس)
+ الخط -

تشهد أسعار النفط حالة من الصعود تفرض حالة من التفاؤل لدى منتجي النفط. إلا أن هذا التفاؤل محاط بعدة محاذير يأتي في مقدمتها مدى القدرة على احتواء فيروس كورونا، ومدى فاعلية اللقاحات المطروحة في الأسواق.
وقال الخبير النفطي ممدوح سلامة لـ"العربي الجديد"، إن أسعار النفط ستبقى في صعود نتيجة تحسن الأسواق مع بدء التطعيم ضد فيروس كورونا والاتجاه نحو الانفتاح الاقتصادي العالمي إلى سابق عهده، بالإضافة إلى استمرار منظمة أوبك بتخفيض الإنتاج.
وأضاف سلامة أن من أهم العوامل الداعمة لصعود الأسعار، عطش الصين والهند للنفط، وخصوصاً وسط توقعات بنموّ هاتين الدولتين خلال العام الجاري بنحو 8% و 8.3% على الترتيب، متوقعاً وصول أسعار النفط في الربع الثالث من العام الجاري إلى 80 دولاراً للبرميل، على أن تصل إلى نحو 100 دولار للبرميل في عامي 2022 و2023.

من جهته، قال نهاد إسماعيل، خبير النفط، لـ"العربي الجديد"، إن استمرار صعود أسعار النفط يبقى رهينة توقعات صندوق النقد الدولي بأن الاقتصاد العالمي سينمو بنحو 5.5% خلال عام 2021، مشيراً إلى أن إمكانية تجاوز سعر برميل النفط لـ70 دولاراً وما فوق، في حال استمرار الطلب الآسيوي في الارتفاع.
وأكد إسماعيل أن "أهم عنصر لتصاعد أسعار النفط، تخفيض إنتاج "أوبك+" والتزامهم التخفيضات المتفق عليها، كذلك التخفيض السعودي الأحادي والتطوعي بنحو مليون برميل يومياً، إضافة إلى التخفيض المتفق عليه، ما يرفع إجمالي التخفيض اليومي إلى 8.2 ملايين برميل، وهذا رقم لا يمكن الاستهانة به".
وتوقعت بلاتس التابعة لوكالة التصنيف الأميركية "ستاندرد آند بورز" أن الاقتصادات الآسيوية ستنمو خلال عام 2021 بنحو 7%، مشيرة إلى أن هذا النمو سيدفع الطلب النفطي في آسيا إلى زيادة يومية  بنحو 1.7 مليون برميل، وبالتالي سيساهم في ارتفاع الأسعار.
وفي تصريح نقلته صحيفة "فاينانشال تايمز" الأميركية عن جيفري كوري، المحلل المخضرم في بنك "غولدمان ساكس"، فإنه يعتقد أن يُتداوَل النفط في نطاق 80 دولاراً أو أعلى هذا العام، مدفوعاً بالإنفاق التحفيزي من قبل الحكومات في جميع أنحاء العالم.
وأوضح كوري أن "هذا النوع من التحفيز الذي يستهدف دخل الأسر من الطبقة المتوسطة والدنيا يحدث استهلاكاً كبيراً وكثيفاً في السلع الأساسية، لأن هذه الطبقة لديها ميل أعلى كثيراً للاستهلاك"، مضيفاً أن "هؤلاء الناس لا يقودون سيارات تسلا، بل يقودون سيارات الدفع الرباعي".

مصلحة خليجية

ويصبّّ هذا الصعود في مصلحة الدول المنتجة للنفط، التي عانت خلال العام الماضي، حيث توقع البنك الدولي أن يبلغ حجم انكماش اقتصادات هذه الدول نحو 4% خلال العام الماضي، بعد أن تكبد خام برنت خسائر خلال عام 2020 تزيد على 21.5%، بينما فقد خام تكساس الأميركي 20.5% من قيمته.
ويرى علي حسين العنزي، الخبير الاقتصادي الكويتي، أن ارتفاع أسعار النفط له أثر إيجابي على جميع الدول المنتجة، وخاصة دول الخليج العربي، لارتباط موازنتها بأسعار النفط.
وأكد العنزي لـ"العربي الجديد" أن الأسعار الحالية للنفط ما زالت بعيدة عن أسعار التعادل في دول الخليج العربي، إلا أنها على الرغم من ذلك تسهم في خفض العجز بالموازنات بشكل كبير، مشيراً إلى أنه في حال استمرار أسعار النفط في الصعود، فإن بعض موازنات دول مجلس التعاون قد تخرج من العجز خلال هذا العام، على أن تظل كمية الإنتاج الحالية كما هي عليه.

توجهات روسية
ويشير سلامة إلى أنه على الرغم من أن روسيا دولة منتجة للنفط، إلا أنها لا تريد ارتفاعاً كبيراً في الأسعار، نظراً لأنها تؤمن بأن ارتفاع الأسعار كثيراً سيؤدي إلى ارتفاع إنتاج النفط الصخري الأميركي، بالإضافة إلى أن موسكو اقتصادها قادر على التعايش مع سعر للنفط يصل إلى 40 دولاراً للبرميل، أي نصف ما تحتاجه السعودية ودول الخليج.
وأكد إسماعيل مخاوف الدب الروسي، بقوله إن ارتفاع أسعار النفط والطلب وتخفيضات أوبك أنقذت النفط الصخري الأميركي من الهلاك بعد ما حدث خلال العام الماضي من إفلاسات وإغلاق واسع لنحو 140 شركة منتجة، مشيراً إلى أن استمرار أسعار النفط فوق الـ 60 ينقذ الصناعة النفطية الأميركية.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

لكن التفاؤل السائد حول أسعار النفط يظل أسير مجموعة من المخاطر، وهذا ما جاء جلياً في تصريح وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان في 18 فبراير/ شباط الماضي، حين حذر من التهاون، إذ إن "مستوى عدم اليقين عالٍ جداً، وعلينا أن نكون شديدي الحذر، مدركين أن العمل الجماعي هو الطريق المثالي لمواجهة التحديات القادمة".
وأوضح إسماعيل أن هناك عدة تساؤلات قد تخمد هذا الصعود الذي تشهده أسعار النفط، وهي: هل سيرفع الرئيس الأميركي جو بايدن العقوبات عن تصدير النفط الإيراني؟ ما يعني عودة نحو مليوني ونصف برميل يومياً إلى الأسواق، وهل خطة السلام التي وقعها الليبيون لتشكيل حكومة متفق عليها ستؤدي إلى رفع الإنتاج الليبي من مليون برميل إلى مليون ونصف أو أكثر، وهل ستزيد نيجيريا وفنزويلا من إنتاجهما؟

المساهمون