ارتفاع الدين العام الروسي 40% في 2020

ارتفاع الدين العام الروسي 40% في 2020

02 مارس 2021
تأثر الاقتصاد الروسي بشدة بتداعيات كورونا (Getty)
+ الخط -

كشف ديوان المحاسبة الروسي أن الدين العام في روسيا ارتفع بنحو 40 في المائة في 2020 مقارنة بعام 2019، وأوضح تقرير تحليلي للديوان أن حجم الاقتراض الحكومي في روسيا ارتفع إلى أعلى مستوى منذ نحو 15 عاما، بسبب هبوط أسعار النفط وزيادة الإجراءات الحكومية لمحاربة انتشار فيروس كورونا والدعم المالي للعائلات والأطفال. 
وذكر الديوان أن الدين العام ارتفع قرابة 5.4 تريليونات روبل، ووصل بنهاية العام الماضي إلى 18.99 تريليون روبل (نحو 260 مليار دولار)، أي ما يعادل 17.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.  
وكشف الديوان أن كلفة خدمة الدين العام في 2020 زادت بنحو 7.3 في المائة إلى 784.2 مليار روبل.
وحسب بيانات غرفة المحاسبة، فإن 67 في المائة من الدين الحكومي مغطى بسندات خزينة بالعملة الأجنبية تبلغ قيمتها 38.3 مليار دولار. 

وحسب الوثيقة فإن الدين الحكومي يرتفع للسنة الثالثة على التوالي، مع تراجع أسعار النفط وتباطؤ النمو الاقتصادي. وعزا خبراء القفزة الكبيرة للدين في العام الماضي إلى تبعات كورونا.

وبلغ الدين الحكومي العام في 2019 قرابة 13.6 تريليون روبل، أي نحو 12.3 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي، وقفز الدين في 2019 بنحو 7.8 في المائة مقارنة بعام 2018.  

ارتفع الدين العام الروسي في العام 2020 نحو 5.4 تريليونات روبل

وأوضح تقرير ديوان المحاسبة أن تراجع أسعار النفط، والإجراءات غير المسبوقة لدعم المواطنين أثناء جائحة كورونا أدت إلى زيادة الاقتراض، وقدر الديوان حجم الانفاق على معالجة تداعيات كورنا بنحو 3.2 تريليونات روبل أي ما يقارب 12.5 في المائة من الإنفاق الحكومي في العام الماضي.  
ورأى المدير العام لمؤسسة " سبوتنيك لإدارة الأموال" ألكسندر لوسيف أنه من أجل "تحقيق معدلات نمو جيدة تؤمنها الضرائب والوظائف يجب زيادة حجم الإنفاق لدعم الاقتصاد بنحو مرتين على الأقل، وربما لهذا السبب تلجأ الحكومات إلى الاقتراض".

لكن الخبير المالي أشار في تصريحات إعلامية، إلى أن الحكومة "لم تقترض هذه الأموال لدعم الاقتصاد ومشروعات البنية التحتية". ورغم إشارته إلى أن " حجم الدين العام في روسيا مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي يعد من أفضل المؤشرات عالميا"، إلا أنه شدّد على أنه في حال رغبة الحكومة بزيادة الاقتراض فيجب "استخدام الدين للأغراض المناسبة".  
ودعا لوسيف إلى ضرورة انتهاز فرصة ارتفاع أسعار النفط إلى أعلى مستوى على الإطلاق بالعملة المحلية بعد بلوغه 4800 روبل للبرميل.

ورأى أن الارتفاع يعد دعما للموازنة، محذرا من أن تراجع الدخل وتراجع القدرة الشرائية سوف تؤدي إلى تراجع الدخل من الضرائب والجمارك.

ويواصل الدخل الحقيقي للسكان في روسيا تراجعه منذ سنوات وهوى في العام الماضي حسب البيانات الرسمية بنحو 3.5 في المائة، كما ارتفع التضخم في العام الماضي بنحو 4.9 في المائة.   
وكشف تقرير ديوان المحاسبة أن موجودات صندوق الرفاه الوطني ارتفعت بنحو 5.7 تريليونات روبل في العام الماضي، وأنه تم صرف 293 مليار روبل فقط من الصندوق.

قدر ديوان المحاسبة حجم الإنفاق على معالجة تداعيات كورونا بنحو 3.2 تريليونات روبل أي ما يقارب 12.5 في المائة من الإنفاق الحكومي في عام 2020

وعزا رئيس قسم الاستراتيجيات في مؤسسة " أريكابيتال" لإدارة الاستثمارات سيرغي سوفيروف زيادة موجودات الصندوق إلى الفرق في سعر صرف الروبل، موضحا، في تصريحات لموقع "بيزنس إف إم" أن "سعر صرف الروبل شهد تراجعا حادا في العام الماضي، وصندوق الرفاه الوطني يحتفظ بموجوداته بالدولار، ولهذا فقد ارتفعت الموجودات بالروبل، ولكن على حساب فرق التصريف" .  
وأعرب سوفيروف عن اعتقاده بأن "الدين الحكومي سيواصل ارتفاعه، وعجز الموازنة سيبقى في العام الحالي ولكن أقل من العام الماضي"، واستبعد الخبير المالي أن يزيد حجم النمو الاقتصادي في العام الحالي عن 2 في المائة رغم توقعاته بارتفاع حجم الاقتراض الحكومي في العام الحالي إلى نحو 20 في المائة من حجم الناتج المحلي الاجمالي. 

وتعليقا على تقرير ديوان المحاسبة، أكدت وزارة المال الروسية أنها لا تخطط لزيادة الدين العام في السنة الحالية، رغم أن مؤشرات الاقتراض الحكومي في روسيا ما تزال من أفضل المؤشرات عالميا. وأوضحت الوزارة أن " مشروع الموازنة الحكومية المقر للعام الحالي ينطلق من أن نسبة الدين العام مقارنة بالناتج المحلي يجب ألا تتجاوز 20.4 في المائة على أن ترتفع إلى 20.8، و21.4 في عامي 2022 و2023 على التوالي".

وشددت الوزارة أن "روسيا ستبقى كما هو الحال اليوم من البلدان ذات ضغط الدين الحكومي المنخفض"، وخلصت إلى أن "حجم الدين عند 20 في المائة آمن تماما".   
وفي وقت سابق أكد المصرف المركزي الروسي أن الوضع مع الدين العام لا يبعث على القلق، ولا يتسبب بأي ضرر للاقتصاد، مشيرا إلى أن نسبة الدين العام في روسيا لحجم الاقتصاد منخفضة جدا مقارنة بكثير من البلدان الأوروبية.

وفي السنوات الأخيرة سددت روسيا معظم ديونها الخارجية، ولا تحصل المصارف والشركات الحكومية الروسية منذ ربيع 2014 على قروض خارجية من الغرب بسبب العقوبات بعد ضم شبه جزيرة القرم، ما جعلها تلتفت إلى الداخل. 

أكد المصرف المركزي الروسي أن الوضع مع الدين العام لا يبعث على القلق، ولا يتسبب بأي ضرر للاقتصاد

وفي لقاء مع راديو " سبوتنيك" الحكومي استبعد كبير الباحثين في معهد السياسات الاجتماعية التابع لمدرسة الاقتصاد العليا في موسكو فاسيلي انيكين حصول أي تأثيرات سلبية على دخل المواطنين البسطاء على المدى القصير.

وأضاف انيكين أنه " على المدى البعيد، سوف تؤثر زيادة الدين وخدمته على برامج الدعم الاجتماعي".

وتسببت زيادة حجم الدين العام وارتفاع كلفة خدمته في تسعينيات القرن الماضي في تأخر رواتب الموظفين لشهور طويلة.  
زيادة الاستثمارات
إلى ذلك كشفت بيانات وزارة الخزانة الأميركية أن روسيا، وللمرة الأولى منذ سنوات، رفعت استثمارتها في شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي في السندات الأميركية بنحو مليار دولار لتصل إلى 6.011 مليارات دولار، منها 1.2 مليار دولار سندات طويلة الأجل، و4.8 مليارات دولار سندات قصيرة الأجل. 

وعملت روسيا منذ 2014 على خفض استثماراتها تدريجيا في السندات الأميركية على خلفية العقوبات الغربية بعد ضم القرم، وبين عامي 2010 و2013 بلغت استثمارات روسيا في سندات الخزينة الأميركية قرابة 170 مليار دولار، وكانت من أكبر المستثمرين العالميين في السندات بعد الصين واليابان والمملكة المتحدة. 
 وفي عام 2018 قلص البنك المركزي الروسي حيازته من السندات الحكومية الأميركية بنحو النصف مرة واحدة.

وأشار المركزي الروسي حينها إلى أن الأموال تم توجيهها إلى أصول مثل الذهب وعملات كاليورو واليوان.  
ودافع عضو لجنة الأسواق المالية في مجلس الدوما ( البرلمان الروسي) ديميتري سكريفانوف عن قرار زيادة الاستثمار في السندات الأميركية، مشيرا في تصريح لوكالة " نوفوستي الحكومية إلى أن " استثمار الفائض المالي فيها مربح، حيث إن نسبة 2 أو 3 في المائة تعد فائدة معقولة وتدر مبالغ جيدة إذا تحدثنا عن استثمار مليارات".
وفي السنوات الأخيرة زاد المصرف المركزي الروسي من رهانه على الذهب مقابل خفض احتياطاته من الدولار ، وفي 2020 اشترت روسيا قرابة 28 طنا من الذهب، ووصل سعر موجودات الذهب لدى المركزي الروسي إلى 136.7 مليار دولار( بيانات بداية فبراير الحالي)  ليتجاوز للمرة الأولى قيمة احتياطات العملة الخضراء. وحسب أحدث بيانات المركزي الروسي يبلغ إجمالي احتياطات روسيا من الذهب والعملات الأجنبية 590 مليار دولار.  


( الدولار = 73.2 روبل) 

المساهمون