الثقافة المغربية في 2018: سنة بين غيابَين

الثقافة المغربية في 2018: سنة بين غيابَين

06 يناير 2019
(محل كتب قديمة في الرباط، تصوير: آرتور ويدك)
+ الخط -

لئن كان المغرب الثقافي قد عاش نجاحات عدّة في 2018، فإنه شهد، في المقابل، الكثير من العثرات والإخفاقات، والتي تجلّت خصوصاً في عُقم المؤسّسات الثقافية، وأبرزها "اتحاد كتّاب المغرب"، المجمّد منذ سنوات، والذي واصَل غيابه لسنةٍ أخرى؛ فبعد أن استبشر الوسط الثقافي بإعلان عقد مؤتمره الوطني، توقّف كلُّ شيءٍ فجأةً، بعد أن رفَض رئيسُه إتمام أشغاله بدعوى أن المؤتمرين لم يفسحوا له المجال لإلقاء كلمته. وهكذا تأجّل المؤتمر الاستثنائي إلى إشعار آخر.

أمّا "بيت الشعر" المغربي، وإن كان حالُه أفضل مقارنةً بسابقه، فإنه، بحسب مهتمّين، في حاجةٍ إلى تجديد نفسه والخروج بنشاطاته من النمطية والتكرار. نظّمت الجمعية ستّ أمسيات لشعراء مغاربة خلال العام الماضي، وأصدرت عدداً من المجموعات الشعرية والدراسات النقدية، إلى جانب عدَدين من مجلّتها "البيت"، خُصّص الأوّل للمشهد الشعري الجديد في السعودية والثاني للشاعر الفلسطيني محمود درويش في ذكرى رحيله العاشرة.

أما "جائزة الأركانة"، التي آلت هذه السنة للشاعر اللبناني وديع سعادة، فما زالت تثير الكثير من الغبار، لكونها جائزة عالمية لم تستطع التحليق خارج الأفق المحلي والخيارات الفردية لمانحيها.

في سياق الجوائز، عادت "جائزة المغرب للكتاب" إلى عبد المجيد سباطة في فئة السرديات عن روايته "ساعة الصفر"، وصلاح بوسريف في صنف الشعر عن مجموعته "رفات جلجامش"، وأحمد شراك في فئة العلوم الاجتماعية عن كتابه "سوسيولوجيا الربيع العربي"، ومحمد الناصري في صنف العلوم الإنسانية عن "رغبات المدينة"، وعادت في صنف الدراسات الأدبية واللغوية لكلّ من خالد بلقاسم عن "مرايا القراءة" وأحمد الشارفي عن "اللغة واللهجة"، وفي صنف الترجمة لكلّ من سناء الشعيري عن "العاشق الياباني" لـ إيزابيل ألليندي: وعزيز لمتاوي عن "نظرية الأجناس الأدبية" لـ جان ماري شايفر.

أمّا في فئة كتب الأطفال والشباب، فنالها مناصفةً جمال بوطيب عن "حور تشرب الشاي مع القمر"، وخديجة بوكا عن "سكوت! نحن نلعب". وفي صنف الأدب الأمازيغي، عادت الجائزة إلى عياد ألحيان عن كتابه "سا إيغورا دار إيلليسن تافوكت"، وفاطمة فرّاس عن "أسكوتي ن تلكاوت".

عربياً، فاز الأكاديمي محمد مشبال بـ"جائزة كتارا للرواية العربية" في فئة الدراسات والبحوث غير المنشورة عن دراسته "الرواية والبلاغة ـ نحو مقاربة بلاغية موسّعة للرواية العربية"، وفاز عبد الرحيم وهابي في الجائزة والفئة نفسيهما عن دراسته "الاستعارة في الرواية، مقاربة في الأنساق والوظائف".

على صعيد المهرجانات والملتقيات الثقافية، شهد العام فعاليات عدّة، أبرزها: الدورة العشرون من "المهرجان الوطني للمسرح المغربي" في تطوان، والدورة الرابعة عشرة من "مهرجان طنجة للفنون المشهدية"، التي خُصّصت لثيمة المسرح والهجرة. واحتضنت مدينة آسفي الدورة السادسة من ملتقاها الدولي للشعر، بمشاركة 31 شاعراً من 25 بلداً. شهدت الدورة تكريم الشاعر الكولومبي خوان مانويل روكا، وتنظيم ندوة بعنوان "ما معنى أن تكون شاعرا اليوم؟".

وفي مجال الكتاب، شهدت السنة حدثَين بارزَين وشاركت فيه أسماء أدبية وفكرية بارزة من المغرب وخارجه؛ هما: "المعرض المغاربي" في وجدة خلال تشرين الأول/ أكتوبر في إطار احتفالية "عاصمة الثقافة العربية"، و"المعرض الدولي للكتاب والنشر" في الدار البيضاء خلال شباط/ فبراير.

شهد العام، أيضاً، رحيل عددٍ من الأسماء الثقافية المغربية البارزة؛ من بينهم: الشعراء عبد السلام بوحجر، وعلي الصقلي مؤلّف النشيد الوطني المغربي، والكاتب والأكاديمي محمد أنقار، والقاص رشيد الشباري، والباحث محمد بنشريفة.

وبشكلٍ عام، يمكن اعتبار 2018 سنة التراجعات عن المكاسب الثقافية بامتياز، إن لم نقل إنها سنة غيابٍ بالنظر إلى حصيلتها، وهو ما يتطلّب، حتماً، نقاشاً حول مسارات الثقافة لإعادة هيكلتها وفق مشاريع محكمة تتجاوز النزعة الفردية وإخفاقات مؤسّسات بات بعضها عبئاً ثقيلاً على الثقافة المغربية.

المساهمون