دليل الشيطان إلى هوليود (3)

دليل الشيطان إلى هوليود (3)

28 اغسطس 2019
+ الخط -
يواصل كاتب السيناريو الأمريكي الشهير جو إيزسترهاس نصائحه للراغبين في كتابة السيناريو قائلاً:

ـ إذا أردت أن تكتب قصة بوليسية غامضة، اجعلها غامضة عليك أيضاً. أعتقد أن القصة البوليسية الناجحة هي التي تخدع الجمهور، هي القصة التي لن تختل حتى وإن بدّلت في نهايتها، وتظل فيلماً مثيراً مشوقاً متكامل الأركان. فعلى سبيل المثال، إذا بدّلنا المشهد الأخير من (غريزة أساسية)، وجعلنا كاثرين تقتل كين، أو حتى جعلنا كين يقتل كاثرين، فإن الفيلم لن يختل فيه شيء، ولكن النهاية الملتبسة جعلت الفيلم أكثر مفاجأة. ويصدق الأمر نفسه على فيلمJagged Edge سيظل الفيلم متماسكاً ومنطقياً، ولن يختل فيه شيئ، إذا اتضح أن لاعب التنس هو القاتل وليس الشخصية التي يمثلها جيف بريدجز، ولكن عندها لن يكون الأمر مفاجئا، لذا فقد كان جيف بريدجز الأمثل لدور القاتل، لأنه دائما ما يقوم بأدوار الشاب الطيب والقريب إلى القلوب.

ـ إذا كنت تكتب فيلما بوليسيا، فلا بأس من أن تترك الجمهور متحيرا في نهاية الفيلم. إذا كانوا متحيرين، فإنهم سيتحدثون ويتناقشون مع أصدقائهم ومعارفهم حول الفيلم ونهايته. عند عرض فيلم (غريزة أساسية)، كان الناس يتناقشون حول ما تعنيه جرّافة الثلج التي كانت تحت السرير. هل تعني أن كاثرين قتلت مايكل باستخدامها؟ أم تعني أنها لم تقتله لأنها كانت تحبه والدليل أن الجرافة لا تزال تحت السرير فهي لم تستخدمها؟ وفي فيلم Jagged Edge اكتشف سيسكل وإيبرت أن الكثير من الناس لم يميزوا تحديدا من الشخص الذي كان ملقى على الأرض، عند سقوط القناع في نهاية الفيلم، هل كان لاعب التنس الذي قام بتجسيده مارشال كولت ؟ أم كان جيف بريدجز؟ و لذلك ذهب الكثيرون لمشاهدة الفيلم مرة أخرى، وبذلك حصد الفيلم أرباحاً أكثر.


بالتالي إذا تركت جمهورك متحيرا في نهاية الفيلم، فاعلم أنهم أعجبوا بالفيلم، لأنه إذا لم يعجبهم فلن يذهبوا لمشاهدته مرة أخرى، وسينصحون أصدقائهم بعدم مشاهدته وسينتقدونه نقدا حادا. أعتقد أن الناس يعجبهم جدا أن يتم خداعهم في نهاية أي فيلم بوليسي، بأن تكون النهاية في إتجاه مختلف تماما عما كانوا يفكرون فيه، ولكني أعلم أن العديد من المديرين التنفيذيين في شركات الإنتاج سيختلفون معي؛ فهم يرون أن الجمهور بحاجة إلى نهاية مريحة تجعلهم يغادرون السينما وهم سعداء؛ نهاية كنهايات المسلسلات التليفزيونية. وأقول لأولئك المتشدقين بشباك التذاكر أن كلا من Basic Instinct و Jagged Edge كانت نهايتاهما مفاجئتين، وحققا أعلى الإيرادات أثناء عرضهما.

ـ اشرح كل شيء في السيناريو: لا تكن كتابتك مجرد دليل لصناعة فيلم، بل عملا أدبيا متكاملا، اكذب على نفسك؛ حاول أن تقنعها أنه كما أن الملايين ستشاهد فيلمك، فإن الملايين أيضا ستقرأ السيناريو الذي تكتبه، وبهذا ستكتب نصا سينمائيا مثاليا.

ـ تستطيع أن تسقط مخرج فيلمك بـ "الوقفات" و "الأحوال": عندما تكتب مشهدا، حاول أن تتحكم في الوقفات بين الكلمات، حدد وقفات كل شخصية أثناء الكلام، كأن تكتب "سكت ثلاث ثواني ثم قال"، وعندها سيقرأ الممثل ما كتبته، وحتما سيتأثر برؤيتك، وسينفذها مهما حاول المخرج توجيهه لغير ذلك، كما أنك إذا وصفت طريقة الشخصيات في إلقاء الكلام، كأن تقول: "قال بلطف/ بحدة/ بخبث... وغيرها"، فسيقرأها الممثل وحتما سيؤثر ذلك في أدائه. وعلى مدار خمسة عشر فيلما، لم يكتشف هذه الخدعة سوى مخرج واحد: إنه كوستا جافاراس، وقال لي: بلطف وبعد صمت طويل: "أنا المخرج و ليس أنت ، أفهمت؟".

ـ استخدم مكواتك: يقول المخرج و كاتب السيناريو بول توماس أندرسون كاتب ومخرج فيلم (بوجي نايتس)، إن "كتابة السيناريو تشبه كي الملابس. فأنت تتحرك للأمام وللخلف لتزيل العراقيل."

ـ الكثير كثير: لا تجعل نصك الأصلي قصيرا و مختزلا، ولا تقلق إذا وصل إلى 140 صفحة؛ فإن المنتجين عندهم قناعة، بأن كل ما تكتب قابل للاقتطاع، في نفس الوقت إذا كان نصك يصل لـمائة صفحة سيتسائلون: "أين باقي النص؟".

ـ ماذا تفعل إذا كتبت نصا سينمائيا طويلا؟: لا تتبع قواعد الهوامش. واملأ الصفحة بالكتابة، لن يلحظ القاريء أن الصفحة استغرقت في قراءتها أكثر من دقيقة (وهي قاعدة معروفة أن الصفحة الواحدة في أي سيناريو لا تستغرق في قراءتها أكثر من دقيقة)، وهذا ما فعلته في كتابتي لفيلم Betrayed . فقد كان نصي يحتوي على ثلاثين صفحة طويلة أكثر من اللازم، و لكنه كان نصا ممتازا. والحقيقة أنني لم أرد تدميره عن طريق الاقتطاع منه أو اختصاره. لذلك قمت بالكتابة في الهوامش جميعها. وأثناء تصوير الفيلم، تلقيت مكالمة من المنتج إيروين وينكلر ليخبرني أنه تم تصوير نصف السيناريو وأنه من المتوقع أن إجمالي المشاهد التي تم تصويرها سيستغرق عرضها ثلاث ساعات. واضطررت للسفر إلى موقع تصوير الفيلم في كندا، وقمت بالإختصار والإقتطاع من النصف الذي لم يتم تصويره بعد، أنا متأكد أنني حذفت الكثير من نصف الفيلم، لأدرك أنه من الممكن بالفعل أن تدمر الكتابة في الهوامش أساس الفيلم. ولكن كما قلت سابقا، لقد كان السيناريو عظيما. لقد قرأه الكثيرون وأعجبوا به جميعا، وعندما فشل الفيلم قالوا أن النص السينمائي كان جميلا لكن المخرج كوستا جارافراس دمره.


ـ بقدر الإمكان قم بتكثيف السيناريو الذي تكتبه: مسكين أنت، يقول آرثر كريم "دائما ما يكون هناك من يريد ايقاف المِفكّ عن العمل."

ـ إذا كان نصك السينمائي جميلا أعد كتابته: إن السيناريو الجيد هو السيناريو الذي رسمت شخصياته رسما جيدا وحُبكت أحداثه، وليس مهما أن تكون لغته بليغة، فإذا كان أسلوب الحوار أسلوبا أدبيا يتفوق على الأحداث والشخصيات، فانه في هذه الحالة سيكون النص قصة قصيرة أو رواية وليس نصا سينمائيا، وفي فن كتابة السيناريو كلما كانت اللغة بسيطة كلما كان أفضل.

ـ لا بأس من تكرار نفسك في السيناريو: هناك قاعدة سينمائية قديمة تقول: لماذا تستخدم الشيء مرة واحدة، بينما تستطيع إستخدامه أكثر من مرة؟

ـ اختر أسماء شخصياتك طبقا لوقعها المتخيل: في فيلم (غريزة أساسية) أسميت المحقق "نيك كوران"، لأنني كنت أرى أن هذا الإسم سيجعل الشخصية جميلة و حادة في الوقت نفسه، كما أسميت البطلة "إليزابيث تراميل" لأنه يعطي انطباعاً بالأرستقراطية والرهبة في الوقت نفسه. اعتقدت شارون ستون أنني أسميتها "تراميل" نسبة إلى " الكفن" في الميثولوجيا الاسكوتلاندية، وحيّتني على ذكائي، و لم أصحح لها اعتقادها في البدء، ولكن لأنني من أصل مجري، لم أستطع أن أمنع نفسي من ألا أصحح لها، لأقول إنني أسميت شخصيتها على اسم آلان تراميل، أحد لاعبي البايسبول المفضلين لديّ.

والحق أنني أسميت العديد من شخصيات أفلامي على أسماء لاعبي البايسبول المفضلين لديّ؛ فعندما أشرع في الكتابة، أضع موسوعة البايسبول على مكتبي لأختار منها أسماء شخصياتي، كما أنني اعتدت أيضا على إختيار أسماء قديمة و تقليدية لشخصيات أفلامي؛ أعتقد أن أسماء مثل بيرت وأوستين ودايلانز وحتى جاجرز، هي أسماء تكررت كثيرا على الشاشة الفضية، وأعتقد أن اسماً مثل "جاك" هو اسم صالح لكل العصور. بينما إسم كـ "دايلانز" قد ينتهي خلال عامين، ويصبح اسماً غير عصري، ويتم استبداله بأسماء كـ "آشر أو إيمينم".

ـ لا تطلق على شخصيات أفلامك أسماء لأغراض شخصية: لقد أسميت شخصية النذل في فيلم F.I.S.T بإسم توم فيل، و هو إسم رئيس تحرير جريدة Cleveland Plain Dealer الذي كنت قد اشتبكت معه في الماضي، عندما كنت أعمل مراسلا في نفس الجريدة التي يترأس تحريرها. كانت تبهجني فكرة أن هذا الرجل الذي كان السبب في فصلي، سيرى نفسه على الشاشة في صورة شخص سيء و شرير. ولم أكن أعلم وقتها أن شركات الإنتاج تتعاقد مع شركات بحثية للبحث عن أسماء جميع الشخصيات التي يحتويها نص الفيلم. وأرسلت الشركة تقريراً يقول: "توم فيل كان رئيس جو إسترهاز في جريدة Cleveland Plain Dealer و قام بفصله."

ـ لا تسمّ أبداً أحد شخصيات أفلامك على اسم حبيبك أو حبيبتك: لقد تعلمت الدرس وقد كان مؤلما. لقد أسميت بطلة فيلم Showgirls "نومي ميلون" بهذا الاسم، لأنه كان "اسم الدلع" لزوجتي في طفولتها، كما أنني أناديها به في اللحظات الأكثر عاطفية. ولم أناديها بهذا الإسم ثانية، خاصة بعد أن خرجت إليزابيث بيركلي وهي عارية لزوجتي، في موقع التصوير قائلة لها: "أهلا يا نومي. أنا نومي"، وبالطبع لم أناديها أنا بذلك الاسم أيضا، بعد أن أصبح Showgirls أحد أفشل الأفلام في تاريخي السينمائي.

ـ بعض الأسماء تجعلك تضحك بشدة: ففي كل مرة يظهر فيها مذيع النشرة في فيلم Jagged Edge ،كانت عينة الجمهور التي تشاهد الفيلم قبل عرضه التجاري تضحك بشدة، ولم نعرف سببا لذلك الضحك إلى أن غيرت اسم المذيع، فقد كان اسمه في السابق ديك و أصبح اسمه توم، وأخبرني أحد أصدقائي المنتجين أن اسم بيتر أيضاً يثير الضحك في صالات العرض.


ـ يمكنك اللعب في بعض الأسماء: كانت الناقدة جانيت ماسلين دائما ما تتحامل عليّ بالنقد في جميع أفلامي، و عندما قمت بكتابة فيلم (آلان سميثي: احترقي هوليود احترقي)، أبدعت شخصية خيالية لناقدة سينمائية تكره أعمال كاتب سيناريو يدعى جو إسترهاز، وأسميتها جانيت ماسلين، ولكن الشئون القانونية في الشركة المنتجة للفيلم، طلبوا مني تغيير إسم الشخصية الخيالية جانيت ماسلين، وبالفعل غيرت الإسم إلى شيلا ماسلين ثم إلى شيلا كاسلين. وتأكدت بنفسي أن المخرج اختار لهذا الدور ممثلة فائقة الجمال!

ـ تستطيع أن تختار أسماء شخصياتك ببعض الذكاء: ففي فيلم Sliver كانت إحدى الشخصيات تتحدث في الهاتف صائحة: "أنت خسيس حقير قذر يا مايكل. أنت منافق يا مايكل. أنت عار على البشرية يا مايكل". ألا تلاحظ تكرار اسم مايكل هنا في الحوار. السر ببساطة: أنني قبلها بأربعة سنوات كنت قد طردت وكيل أعمالى مايكل أفيتز.

ـ كيف تتعامل مع انقطاع الإلهام وتوقف الكتابة: الفياجرا هي الحل. أخبرني أحد كتاب السيناريو الذي لن أذكر اسمه بالطبع، عن قصته مع التوقف عن الكتابة: أثناء قيام كاتبنا بكتابة أحد السيناريوهات، توقف عن الكتابة ولم يستطع أن يكمل السيناريو، فقام بأخذ حبة فياجرا، وقال في نفسه إذا نجحت الفياجرا في أمر، فلا بد وأنها ستنجح في الأمر الآخر، وبعد أخذه للحبة لم يتغير الأمر ولم يستطع الكتابة، لكن الفياجرا عالجت الأمر الذي أنتجت من أجله في الأصل، ولم تعالج حالة التوقف عن الكتابة لدى كاتبنا، فتحدث الكاتب إلى صديقته وذهب إليها، ولكن بمجرد وصوله تشاجرا، وترك منزلها غاضبا بعد مشاجرة عاصفة، ووصل إلى بيته وجلس على كرسيه محاولا استكمال نصه، لكنه لم يستطع، نام الكاتب على سريره، وأخذ يفكر لماذا لا يستطيع الكتابة، وبعد دقائق وجد الكاتب نفسه يستطيع الكتابة، لا الأمر الآخر.

ـ حاول ألا تكتب في حوارك تلك العبارات الرنانة التي يمكن أن يرددها أي أحد ولا تحمل أي ابتكار فني: إذا كتبت ذلك النوع من العبارات، فإن ذلك سيكون دون قصد منك، سوف تخرج منك تلك العبارات كجزء من وجدانك. خلال مسيرتي الفنية التي بلغت خمسة عشر فيلما، كتبت من قبل جملتين تقليديتين شهيرتين أو غير شهيرتين، إحداهما في فيلم Flashdance : تقول " إذا توقفنا عن الحلم نموت"، والأخرى في فيلم (فتيات الإستعراض)، تقول "ماهو شعورك وأنت وحيد ولا تجد من يطرق بابك"، وبعد عشرين عاما من كتابتي تلك العبارة في فيلم Flashdance أخبرني كاهن الكنيسة التي أتردد عليها، أن تلك العبارة كانت ملهمة له طيلة حياته.

ـ لا يستطيع أحد أن يتوقع أن تصبح جملة في حوار فيلم، جملة دارجة تتكرر على الألسنة: كان المسئولين في الشركة المنتجة لفيلم Jagged Edge يعتقدون أن الجملة الأخيرة في الفيلم ستتكرر كثيرا على الألسنة وستصبح جملة دارجة يرددها الناس. فبعد معركة دامية وحامية بين جيف بريدجز و جلين كلوز، نظر روبرت لوجيا إلى جثة جيف الملقاة على الأرض قائلا: " عليه اللعنة، كان خسيسا." لم يتذكر أحد هذه الجملة، وأغلب الناس لم يسمعوها من الأساس أثناء مشاهدتهم الفيلم.

ـ إقرأ لنفسك الحوار بصوت عالٍ: عندما ترى أنك قد أكملت كتابة السيناريو، قم بالترتيب لقراءة السيناريو بحضور أصدقائك ومن تثق في آرائهم، فكلما قرأت الكلمات التي كتبتها، كلما ازدادت رغبتك في تعديلها وتجويدها حتى تكون صحيحة تماما.

ـ قم بتشغيل شريط الكاسيت الذي سجلت فيه الحوار: عندي قناعة بأن أولئك الكتاب الذين يقودون سياراتهم في ضواحي و شوارع لوس أنجلوس بلا هدف يفعلون ذلك، لأنهم استمعوا إلى الأشرطة التي سجلوها لأنفسهم، وهم يقرؤون الحوار الذي قاموا بكتابته.

ـ أنت أفضل من شريط التسجيل: يقول الكاتب بادي تشايفسكي: "أريد أن أجد شريط تسجيل ماهر في قراءة السيناريو مثلي. الكتابة هي أن تجعل كل ما تكتب وكأنه يسقط من رأسك مباشرة."

ـ إصبع القدم المكسور كحل آخر لإنقطاع الإلهام والتوقف عن الكتابة: اشترت لي زوجتي من أحد معارض الفنون حجرا منقوشا، عليه عبارة "Writer block" ـ انقطاع الكاتب عن الكتابة ـ وكنت أضعه دائما على مكتبي، وفي يوم من الأيام، كنت أعاني من انقطاع الإلهام والتوقف عن الكتابة، فقمت بضرب سطح المكتب بقبضتي، فوقع الحجر على اصبع قدمي الأكبر، لقد كان يؤلمني ألما شديدا، وضعت عليه ثلجا ولكن دون جدوى، وظل يؤلمني ألماً أشد، ذهبت إلى الطبيب، فقال لي إن الإصبع مكسور، ولم يكن لدى الطبيب ما يفعله لي سوى أن يقوم بوضع ضمادة على الإصبع المكسور، ويقوم بلصقه مع الإصبع المجاور له، وعدت إلى المنزل وجلست أمام مكتبي، فوجدتني فيما يشبه المعجزة أكتب. وبعد هذا الحادث بست سنوات، لا يزال اصبعي الأكبر يؤلمني في الأوقات التي يكون فيها الجو باردا، وأخبرني الطبيب أنني أعاني من التهاب في مفصل الإصبع، وبالطبع قد تطول فترة انقطاع الإلهام وتقصر.

ـ إذا وجدت عنوانا جيدا لفيلمك، فاعلم أنك قد قطعت نصف الطريق: عنوان الفيلم أمر مهم، ويؤثر على الإيرادات، على الرغم من أن الطريق إلى العنوان الجيد أو حتى الرديء، قد يكون ملتويا، أو حتى مليئا بالعوائق.

اتفق الجميع في شركة الانتاج على أن عنوان فيلم F.I.S.T هو اسم مثالي. ولكن الفيلم نفسه لم يكن جيدا، لقد كان Flashdance أيضا عنوانا عظيما، وكان السيناريو الأصلي للفيلم من كتابة توم هيدلي، وقمت أنا بإعادة كتابته، كعادة معظم نصوصه السينمائية التي أعدت أنا كتابتها، وكان عنوان الفيلم من اختيار توم هيدلي. كان Jagged Edge أو الحد المسنون عنوانا جيدا، ولكنه لم يكن من اختياري أنا، كنت قد اخترت Hearts of Fire ـ قلوب النار ـ عنوانا للفيلم، ولكني كنت مخطئا، فلم يكن هذا الاسم مناسبا لهذا النوع من الدراما، وكان Jagged Edge من اختيار أحد مساعدي الانتاج الذي فحص السيناريو إلى أن وصل إلى هذا الوصف لسلاح الجريمة "سكين ذات حد مسنون". قمت بعدها باستخدام اسم Hearts of Fire لأحد أفلام الروك أند رول التي كتبتها، وقام ببطولته وقتها بوب دايلان. ولكنه لم يفلح أيضا، ولم يشاهد أحد الفيلم. لقد كان الفيلم سيئا، لدرجة أنه بالفعل قتل مخرجه وصديقي ريتشارد ماركواند.

لقد كان عنواني المفضل في أفلامي، هو عنوان Telling Lies in America ـ رواية الأكاذيب في أمريكا ـ وهو فيلم غير تقليدي عن شاب مجري يطمح في أن يكون كاتبا. وكان العنوان الأصلي للفيلم هو Magic man و قمت بتغيير الإسم ليصبح Telling Lies In America مما جعل المديرين التنفيذيين بشركة الإنتاج لا يلاحظون أنه نفس السيناريو الذي قرأوه من عشر سنوات ولم يوافقوا عليه. لذلك فإن السبيل الوحيد للتحايل على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بشركة الإنتاج ولتجنب التقارير المتعلقة بهذا السيناريو، هو تغيير عنوان الفيلم.

نعم لقد احتلت على شركة الإنتاج، ولكن الاحتيال أعطاني أفضل أسماء أفلامي على الإطلاق. ما الذي تتوقعه من شاب يربح الملايين من تأليف القصص، أي من اختلاق الأكاذيب. وكان أسوأ العنواين التي اخترتها لأفلامي هو An Alan Smithee Film: Burn Hollywood Burn فهو عنوان طويل جدا وغبي جدا وغريب وشاذ، ولكنني أحد القلائل المعجبين بالفيلم والكارهين لاسمه.

ختاماً دعني أقل لك إن الرب أوحى لي بعنوان أحد أفلامي وأكثرها نجاحا، كنت في طريقي إلى شركة الشحن الشهيرة (فيدرال إكسبريس) حاملا في يدي ظرفا أصفر مغلقا يحوي سيناريو فيلم Love Hurts حتى أقوم بإرساله إلى وكيل أعمالي، و بينما أنا أسير جاء بخاطري عنوانا آخر للفيلم، ألا و هو Basic Instinct فعدت إلى المنزل سريعا، وفتحت المظروف، وبدلت ورقة الغلاف وكتبت على الورقة الجديدة Basic Instinct (غريزة أساسية).

...

نختم بقية النصائح الشيطانية غداً بإذن الله.
605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.