وقائع المشهد العربي الراهن

وقائع المشهد العربي الراهن

20 نوفمبر 2014
+ الخط -

لماذا لا يتجه تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) صوب الكيان الصهيوني، بوصفه الخطر الحقيقي الذي يسعى لتقويض حزمة العرب والمسلمين، وهم الأولى بالحرب، وتعكير صفوهم، بدلاً من ممارسات حمقاء، وأكثر سخافة، تنال من سمعة الإسلام والمسلمين؟ والذي يزيد من غرابة الموقف العالمي تجاه داعش، وأخواتها المنتشرات في المنطقة، تحت مسميات مختلفة ومتباينة، هو تصريحات المسؤولين، مثل وزير الدفاع الأميركي، تشاك هيجل، والذي تقود بلاده تحالفاً ضد (داعش). حيث صرح، يوم الخميس الماضي، أن "هناك تقدماً مستداماً ومطرداً في القتال ضد عناصر التنظيم"، وعلى الرغم من هذه الإطلالة الرقيقة التي تبعث اطمئناناً في نفوس الأميركيين، البعيدين أصلاً عن خطر التنظيم، تاريخياً ومكانياً وجغرافياً، غير أنه حذر من أن القتال ربما يستغرق وقتاً طويلا.

وقال هيجل للمشرعين الأميركيين، حسبما نقلت معظم الوسائط الإخبارية العالمية، "سوف تكون هناك نكسات، لكننا نرى أن هناك تقدماً مستداماً ومضطرداً في تدمير القوة القتالية لتنظيم داعش، وفي تعزيز دور القوات العراقية". ورسالة هيجل تتضمن أكثر من معنى، أهمها أن الولايات المتحدة تعي ما يفعله تنظيم الدولة الإسلامية من نفع تجاه الكيان الصهيوني. ومن ناحية أخرى، تحقق فكرة الحرب على تنظيم داعش للإدارة الأميركية مكاسب لم تكن في حسبانها.

فالرئيس الأميركي، باراك أوباما، الذي بدا أكثر تخبطاً في إدارة البلاد سياسياً عن سابقيه، أمثال كارتر وبوش الأب وبيل كلينتون حتى حماقة جورج بوش الابن، يبدو أكثر حكمة من إدارة أوباما، فالأخير يسعى إلى اقتناص فرصة إعلان الحرب على تنظيم داعش، بالحصول على 5.6 مليارات دولار، لتمويل الخيارات العسكرية التي ستجرى في منطقة سورية والعراق، وهو ما سيناله، بالطبع، من المؤسسات الصهيونية الداعمة ودول الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى تحقيق حلم سابقيه من رؤساء الولايات المتحدة، وهو الحصول على تفويض جديد باستخدام القوة العسكرية في المنطقة.

وفي وقت بادرت فيه الولايات المتحدة بتقديم العون العسكري بتدريب الجيش العراقي المهلهل والضعيف، على أيدي قوات أميركية، لم تفكر جامعة الدول العربية التي باتت، كاللغة العربية، مهددة بالانقراض في تدريب القوات العراقية على مقاومة توحش تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، على الرغم من وجود عشرات المبادرات والمعاهدات والاتفاقات ومئات ورش العمل وآلاف الندوات الفارغة التي تفيد ضرورة التعاون العسكري المشترك، لكن الواقع الراهن يؤكد أن توصيات هذه الممارسات الساذجة صارت مثل مراكب الورق التي يلهو بها الصبية. الأخطر في ظل هذا الفتور العربي المستدام أن وزارة الدفاع الأميركية قررت الدفع بمزيد من القوات الأميركية صوب العراق المسكين، من أجل تدريب جيشه على أعمال المواجهة، ولاحظ التدريب، وليس المواجهة والقضاء على التنظيم.

ولم تقف تصريحات تشاك هيجل المثيرة عند هذا الحد في المشاركة بالتدريب، إنما وصلت إلى مرحلة اتخاذ القرار بقوله: "إن القوات الإضافية والتسهيلات العسكرية سوف تساعد على تعزيز القوات العراقية، وتوسيع المنطقة الجغرافية لمهمتنا، ولكن ذلك لا ينطبق على المهمة نفسها".

avata
avata
بليغ حمدي إسماعيل (مصر)
بليغ حمدي إسماعيل (مصر)