شبهة ميركل وسلطة الإعلام

شبهة ميركل وسلطة الإعلام

24 يونيو 2015
+ الخط -
بعيداً عن مناصرة الإعلامي في قناة الجزيرة، أحمد منصور، من كثير مناصريه الأيديولوجيين، أو المناهضة من عذاله العديدين الشامتين على خلفية إيقافه في ألمانيا، بعيدا عن الجدل والتراشق الإعلامي الحاد، الثابت أن الايقاف والإفراج عن أحمد منصور وضع على السطح من جديد مشكل العلاقة بين السياسة والقضاء، وتحديداً تدخل الحكم في السلطة القضائية، حتى في أعرق البلدان تقدماً وديمقراطية.
المؤكد أن القضية بعد إيقاف منصور هيمن عليها السياسي والأيديولوجي، فالتدخل على الخط كان من قطر وتركيا، والضغط على سلطات ألمانيا كان قوياً. ولكن، أثبتت مجريات القضية أن التدخل الأصلي القوي كان من نظام عبد الفتاح السيسي، واتضح أنه تمت صفقة بين ميركل والسيسي لاعتقال منصور عند دخوله الأراضي الألمانية.
وهذا الأمر أكدته طريقة الإفراج عن منصور الذي كان ينتظر، يوم الاثنين، مثوله أمام المدعي العام الألماني ليقرر في شأنه، إلا أنه تم المرور مباشرة إلى إعلان الإفراج عبر الإعلام، بعد أن أعلمه قبل ذلك حاكم التحقيق الذي استجوبه أنه لا يمتلك السلطة ليفرج عنه.
سبق أن رفضت الإنتربول مذكرة الاعتقال المصرية، لأنها لا تنسجم مع القواعد المعمول بها، وسلمت شهادة لأحمد منصور كانت في حوزته، حين إيقافه بأنه ليس تحت طائلة تتبعاتها، وملاحقتها. استظهر بها أمام الشرطة التي لم تكترث للأمر، واستمرت في تنفيذ "التعليمات"، وهو ما اعتمدت عليه وسائل الإعلام الألمانية والدولية والمنظمات الحقوقية، لتشن هجوما كاسحا ضد حكومة ميركل، واعتبرت الأمر عاراً في حق القضاء الألماني المستقل.
وأشارت السلطات الألمانية، في البداية، إلى وجود تشابه في الأسماء. وفي مرحلة ثانية، صرح الناطق القضائي أن الإيقاف تم على أساس وجود عدة تهم. وفي النهاية، يتم الإفراج من دون وجود أي تهمة.
سقوط سياسي وأخلاقي، وفضيحة كبرى يبدو أنها ستذهب بميركل التي أمضت الصفقة على الأغلب مع السيسي، لكنها لم تكن تعلم ان الأمر سيفتضح بسهولة، وان الرد الإعلامي سيكون مزلزلاً.
كانت الهزيمة قاسية لنظام السيسي، فقد مثل الإفراج ضربة قاصمة للنظام المصري وآلته القضائية، وللحكومة الألمانية التي تواطأت معه، ولكن خصوصاً للذراع الإعلامي (وفرعه التونسي) الذي أبدى شماتة كبرى، وأطلق شماريخ "الانتصار" في السماء، وافتضحت أجندته السياسية لاعتقال إعلامي لم يخف انتماءه الأيديولوجي والسياسي، لكنه، في النهاية، إنسان لا يُقبل تمني سجنه، طالما أنه لم يرتكب جريمة مؤكدة، وهو إعلامي وجب الدفاع عن حقه في التعبير الحر عن مواقفه وأفكاره، مهما كان الخلاف معه.




BDD9CC42-D4D7-458B-BAF4-3A664E21B438
BDD9CC42-D4D7-458B-BAF4-3A664E21B438
شكري بن عيسى (تونس)
شكري بن عيسى (تونس)