شؤون صحفية

شؤون صحفية

16 ديسمبر 2014
+ الخط -

أريد أن أكتب في بطاقتي الشخصية أنني صحفي؟ وترخيص الجريدة التي أعمل فيها لندني، وأنا لست عضو نقابة صحفيين.. ما الحل؟

هكذا تساءل أيمن عن كيفية تسجيل مهنة صحفي في إثبات الشخصية في "جروب منتدى قهوة الصحفيين"، وهو تقريباً أكبر تجمع صحفيين في "فيسبوك"، وتوالت عليه الأجوبة بالتالي: (أعتقد دي مشكلتنا كلنا يا أيمن) (لازم تشتغل في جرنال ترخيص مصري وتكون معين فيه ومعاك عضوية النقابة.. الخ).

يبدو من سؤال أيمن أنه حديث العهد بمهنة الصحافة، ولم يسحقه من قبل بطش بعض المؤسسات الصحفية في الشارع من دون مقابل مادي، أو في مقابل رديء جداً، لا يمكنه من تناول وجبة فول من عربة، تقف على ناصية شارع الجريدة، من دون أدنى مراعاة لحقوقه صحافياً، أو على الأقل احترام لإنسانيته.
وربما لا يدرك أيمن أن في مصر فقط تتعامل المؤسسات الصحفية القومية والخاصة مع الناشئ الصحافي، بمنتهى التعسفية والاستغلال. عندما يتقدم الصحفي/ة للعمل، يكون الشرط الأول للمؤسسة أن تكون قيد التدريب ثلاثة شهور من دون مقابل، حتى لو دلت سيرتك الذاتية على أنك صحفي محترف، ولست متدرباً. ومن هنا، تبدأ نقطة الاستغلال، وعدم الإنسانية، وقلة الضمير، تنتهى فترة التدريب لتخيرك المؤسسة بين خيارين، فإما أن تظل قيد التدريب، حتى لو تفوق كتاباتك كتابات رئيسك ومدراء التحرير، على أمل أن يتوفر لك التعيين وتحديد راتب كريم، أو أن تختار الخيار الصعب، وهو "الباب يفوت جمل"، وهي الحالة التي في وسع الجريدة أن تأتي بألف أيمن غيرك لتستغله، فلماذا يتم تعيينك وإقحام نفسها في مسؤولية رواتب وتأمينات في ظل غياب دور الدولة، أنت زبون لقطة يا أيمن.
في الدول المتقدمة كل من يعمل داخل مؤسسة صحافية، سواء كان (محرر، مراسل، رسام، جامع معلومات، نشر، تنفيذ، إخراج، سكرتير تحرير، طباعة، توزيع.. إلخ) بمعنى أدق كل من ساهم أو اشترك في المنظومة يدرج تحت مسمى صحافي، بينما في مصر قانون الصحافة يضع شروطاً إشكالية للحصول على "كرنيه" النقابة، لكبت حقوق وحريات الصحافي وقمع أصحاب الرأي. أيضاً، تبدأ النقابة، أحياناً، النظر في وجهك، بعد أن تتم إصابتك أو قتلك في أي حدث، على طريقة الحسيني أبو ضيف أو ميادة أشرف. كان الحسيني يتقاضى راتب 180 جينه، ولم يحصل على أدنى حقوقه، بدأوا يتحدثون عنه، وعن كرامة المهنة، بعد أن سقط شهيداً، وميادة التي لم يمنحها النقيب الكرنيه، إلا بعد أن سقطت شهيدة، ربما لتتجول به داخل الجنة، وهو الأمر العجيب، يا أيمن، لن تمنحك الدولة أدنى حقوقك، أو تحصل من النقابة على كرنيه، إلا بعد أن تصاب، إصابة جسيمة، أو تسقط شهيداً، وقتها تحدث الضجة الإعلامية، ويبدأ الحديث عنك وعن كرامة الصحفي والمهنة.
لا أحب أن أحدثك، يا أيمن، عن كل الانتهاكات والاعتقالات التي تحدث للصحفيين، خصوصاً في ظل النقيب الحالي، حتى لا تصاب بالاكتئاب في بداية حياتك، وربما تترك المهنة نهائياً. في نوفمبر/تشرين ثاني الماضي، رصد المرصد المصري للحقوق والحريات 687 انتهاكاً متنوعاً، منها 67 معتقلاً وتسع حالات قتل و60 إصابة لصحافيين وإعلاميين من مؤسسات مختلفة، و22 حالة منع من الكتابة، وفصل 30 صحافي تعسفياً، وكأن السيد النقيب في إجازة مفتوحة.
وبالنسبة لتسجيل المهنة في البطاقة الشخصية، أنصحك أن لا تثبتها، حتى لا تكون عرضة للتنكيل، خصوصاً في المظاهرات، وحتى لا تعيقك عند إجراءات السفر إلى دولة أخرى، لدواعٍ أمنية، حتى لو أنك مسافر للنزهة بعيداً عن شغل الصحافة أساساً.

avata
avata
صالح شلبي (مصر)
صالح شلبي (مصر)