معالجة درامية لسيناريو البراءة

معالجة درامية لسيناريو البراءة

05 ديسمبر 2014
+ الخط -

المشهد الأول: تندلع مظاهرات يوم 25 يناير/كانون الثاني 2011، تطالب بـ (عيش، حرية، عدالة اجتماعية)، تقمعها قوات الأمن وتعتقل بعض المشاركين فيها.

المشهد الثاني: يدعو المتظاهرون ليوم 28 يناير (جمعة غضب عام)، تندلع مظاهرات غضب ضخمة في بعض المحافظات، ثم تقمعها، أيضاً، قوات الأمن، حيث تقتل قوات الأمن في هذا اليوم مئات من المتظاهرين دهساً، وقنصنا وسحلنا، ثم تطلق قنابل وخراطيم المياه في وجه المصلين أعلى كوبري قصر النيل، كما يطلق الغاز على المصلين في ميدان عبد المنعم رياض في مشهد مواز.

وفي مشاهد متتالية:

مدرعة تدهس المتظاهرين أعلى كبرى قصر النيل.. سيارة دبلوماسية طائشة تدهس المتظاهرين في شارع القصر العيني.. قناصة أعلى البنايات المحيطة بوزارة الداخلية والجامعة الأميركية.. تنتهي هذه المشاهد بسقوط جهاز الشرطة، مع غروب شمس هذا اليوم، تنزل القوات المسلحة لحماية المنشآت، وتدشين لجان شعبية من المواطنين لحماية أنفسهم في مشهد آخر.
صباح يوم 29 يناير، يستمر القنص قليلاً في ظل وجود الحماية المبهمة من الجيش للثورة، وفي هذا المشهد، يطلق الجيش طائرة إف 16 فوق تجمعات طفيفة من المتظاهرين، بدت تعلو وتهبط بشكل مخيف، تكاد أن تفرق المتظاهرين من رهبة صوتها، يفسر بعضهم أن الطائرة قادمة لتفرقهم، وآخرون يفسرون الأمر لحمايتهم.
صباح الأحد 30 يناير يذهب بعض العناصر لاختراق الميدان من ناحية طلعت حرب لتفريق المتظاهرين ثم يتمكن المتظاهرين من القبض عليهم وتسليمهم لقوات الجيش.
الثلاثاء، 1 فبراير/شباط تبدأ أول مليونية حقيقية، ثم يتوافد كثيرون من جميع أطياف المجتمع، حتى يكتشف المتظاهرون وجوها جديدة، لم تكن تنضم، من قبل، للاشتراك في المظاهرات، تنجح المليونية بانضمام قطاعات وفئات كثيرة من المجتمع. من هنا، يكتشف العامة أنها ثورة حقيقية.
الأربعاء 2 فبراير (موقعة الجمل)، تدخلت عناصر على متن جمال ميدان التحرير، لضرب المتظاهرين، مع ظهور بعض القناصة فوق البنايات المحيطة بالميدان لقنص المتظاهرين في ظل حماية الجيش للثورة دون أن يحرك ساكنا، ثم يتمكن المتظاهرون من القبض عليهم وتسليمهم لقوات الجيش.
كل هذه الأحداث تدين رأس النظام ووزير داخلتيه ومساعديه.
خلال الثمانية عشر يوماً، يدعو نائب رئيس الجمهورية، عمر سليمان، بعض ممثلين عن شباب الثورة والقوة الوطنية إلى اجتماع موسع لحل الأزمة، ثم يجتمع النائب ببعض الشباب باجتماع مصغر. يقول سليمان، في هذا المشهد للشباب، نصاً "لن نهين أبدا القوات المسلحة"، وطلب منهم أن ينزلوا من سقف المطالب، ويحاول إقناعهم أن رحيل مبارك بمثابة فوضى عارمة للبلاد، وإذ أصررتم على الرحيل، فإن مبارك سيترك الحكم الإدارة العسكرية، وسوف نعود إلى نقطة الصفر لـ سنة 52، كما يحاول إرهابهم قائلاً إن الفيصل المنظم والوحيد، الآن، هو الإخوان المسلمين، ويستغلونكم جسراً يعبرون عليه إلى السلطة ثم يقصونكم. ومن هنا، ستأكل الثورة أبناءها.

يطالب المتظاهرين وأهالي الشهداء في أكثر من مشهد القصاص لشهداء الثورة، يكلف رئيس الوزراء المؤقت لجنة لتقصى الحقائق، ينتهي تقريرها بـ 846 شهيد  و6500 مصاب.

تشكل محكمة للرئيس في عدة تهم، منها قتل المتظاهرين، يخرج أنصاره (آسفين يا ريس) لضرب أهالي الشهداء وإهانتهم أمام المحكمة. وسط تعنت كبير لطمس الأدلة، تطلب المحكمة شهادة سليمان. يذهب سليمان للامساك بالعصا من المنتصف، ليدلي بإجابة مطاطة. يتوفى بعدها سليمان في ظروف غامضة.
مشهد آخر تثبت حيثيات براءة متهمي موقعة الجمل بأن المتهمين لم يحرضوا على المتظاهرين.
يستمر طوال سيناريو الفيلم مماطلة المحاكمات، وطمس الأدلة بشتى الطرق، وعندما ترجع بخاصية الفلاش باك إلى مشهد سليمان عندما قال إنهم لا يقبلون أن يهينوا القوات المسلحة، ستجد أنه سيناريو معد سلفاً لفيلم هندي سخيف وممل، مدته أربع ساعات، حتى يتم إنتاجه بعد قرابة الأربع سنوات، لينتهي ببراءة رأس النظام التابع للمؤسسة العسكرية ووزير داخلتيه ومساعديه.

avata
avata
صالح شلبي (مصر)
صالح شلبي (مصر)