ثوريّون لكن أغبياء

ثوريّون لكن أغبياء

09 يونيو 2014
+ الخط -
من أكثر الأخطاء المحيطة بنا التعميم في الحكم على المواقف والأشخاص. لكن، يمكن القول إن غالبية مَن تصدّروا المشهد الثوري في مصر منذ ثورة 25 يناير، وحتى مَن تبقى منهم الآن، من وجهة نظري، يعانون أعراض الغباء، بمعنى أنهم تصوروا أن الإمكانية لإطلاق التصنيفات بالثورية من عدمها سائغة لمَن أراد وارتضى. 
اللافت للنظر أن هؤلاء المنهمكين في إطلاق الأحكام والتصنيفات على بعضهم، هم شركاء في الميدان عينه. ولمجرد اجتهادات في الممارسة السياسية، يبدأ إطلاق الأحكام وتجريد بعضهم من الصفات الثورية، وإسباغها على الآخرين. اتهم نشطاء حركة شباب 6 إبريل جماعة الإخوان المسلمين بالخيانة والتواطؤ مع العسكر، كان هذا إبان حكم المجلس العسكري للبلاد بعد 11 فبراير/ شباط. ولهذا الاتهام وجاهته، ولا يمكن إنكاره كلياً، ومردّه، ربما، تفضيل الإخوان المسلمين عدم الصدام المباشر مع العسكر في حينها، واهمين بإمكانية الإصلاح وعدم ضرورة الحسم الثوري. لكن العجيب أن حركة 6 إبريل وقطاعاً من الاشتراكيين الثوريين، على الرغم من كراهيتهم للعسكر، ورفضهم حكمه وسياساته، تعاونوا معه، وقاموا بالتنسيق مع أجهزته، بالقضاء على العدو المشترك، وهو الرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين في الأشهر التي سبقت ما يسمى 30 يونيو/ حزيران، وما أعقبها من انقلاب في 3 يوليو/ تموز.
ولأن الانقلاب لا يعمل إلا لحسابه الشخصي المنفرد، ولا يحب "وجع الدماغ"، ومع أول اعتراض على قانون التظاهر في حكومة حازم الببلاوي العسكرية، انقلب السحر على الساحر، وذاق مَن اعترض، في حينه، من كأس التنكيل والسجن. وهذا مرده الخروج عن قواعد لعبة العسكر. ما زال شباب حركة 6 إبريل والاشتراكيون الثوريون يمارسون الابتزاز بحق الثورة، وكأنهم أصحاب الحق الحصري والرسمي في خط معالم حاضرها ومستقبلها، حيث ترفض الحركة مطلب ملايين من الثوار في الشوارع بعودة الشرعية الدستورية والسياسية والديموقراطية، لمجرد الكيد لفصيل إسلامي حاز ثقة الجماهير، على الرغم من أخطائه التي اعترف بها، إلا أنه لا يزال الأقدر على الحشد في الشارع، بينما هم ما زالوا يعانون انقسامات مطلبية وتنظيمية تهدد مستقبل النضال ضد حكم العسكر بالفشل.
يريد هؤلاء أن يجرونا، مرة أخرى، إلى المربع صفر، وإلى حالة من الصراع الطويل على أهداف بعيدة، في ظل واقع عاجز وغير قادر على توحيد الحشد، بحيث يعوز هذا الواقع إعادة النظر، والتوجه نحو المسار الديموقراطي الذي ارتضاه الشعب، بعد 25 يناير. فبحسب القول المأثور: "ليس بالضرورة أن تكون عميلاً لكي تخدم عدوك، يكفيك أن تكون غبياً".
9938AA1B-08AC-433C-B777-5EEAA66EDC81
9938AA1B-08AC-433C-B777-5EEAA66EDC81
رضا حموده (مصر)
رضا حموده (مصر)