أبرز خيارات الحلّ السياسي الليبي بعد لقاءات بوزنيقة

أبرز خيارات الحلّ السياسي الليبي بعد لقاءات بوزنيقة

09 سبتمبر 2020
تستمرّ خروقات وقف إطلاق النار من جانب مليشيات حفتر على تخوم سرت (عبدالله دوما/فرانس برس)
+ الخط -

أنهى ممثلو الفرقاء الليبيين في المغرب، أمس الثلاثاء، لقاءات تمهيدية لإطلاق عملية سياسية جديدة، تزامناً مع استمرار خروقات وقف إطلاق النار من جانب مليشيات اللواء المتقاعد حفتر على تخوم مدينة سرت، التي لا تزال تمثل منطقة تماس بينها وبين قوات حكومة "الوفاق"، في الوقت الذي كشفت فيه مصادر ليبية عن خيارين سياسيين مطروحين أمام الفرقاء الليبيين.

وأعلن الجيش الليبي، فجر الثلاثاء، رصده تحركاً لرتل مسلّح من 80 آلية عسكرية لمليشيات حفتر، متجه من الجفرة إلى مشروع اللود جنوب شرق مصراتة.

وبحسب تصريح المتحدث باسم قوات حكومة "الوفاق" محمد قنونو، نشرته الصفحة الرسمية لعملية "بركان الغضب" عبر "فيسبوك"، فإنّ "وحدة المخابرة وتحليل المعلومات التابعة لقيادة العمليات، رصدت تحرّك رتل مسلح من 80 آلية عسكرية لمليشيات حفتر الإرهابية من الجفرة إلى اللود"، مشيراً إلى أن هذه التحركات "تزامنت مع تحشيدات عسكرية مريبة للمليشيات الارهابية المسنودة من المرتزقة، بعد تسجيل خمسة خروقات متوقعة ومتكررة لإعلان وقف إطلاق النار".

#عملية_بركان_الغضب: المتحدث باسم الجيش الليبي - العقيد طيار محمد قنونو: وحدة المخابرة و تحليل المعلومات التابعة لقيادة...

Posted by ‎عملية بركان الغضب‎ on Tuesday, September 8, 2020

وعلى الصعيد السياسي، أكدت مصادر ليبية، برلمانية من طبرق وحكومية من طرابلس، أنّ الوفدين الممثلين لمجلسي الدولة ونواب طبرق يصلان، اليوم الأربعاء، إلى طرابلس وطبرق، وفي صحبة كلّ منها أسماء مرشحة لشغل سبعة مناصب سيادية، فيما سيعود الوفدان للتصويت على الأسماء المقترحة، مطلع الأسبوع المقبل في بوزنيقة المغربية.

وأفادت المصادر "العربي الجديد" بأن أطرافاً دولية، من بينها واشنطن، تسعى إلى الحدّ من تشعب مسارات اللقاءات بين الممثلين الليبيين، في الوقت الذي وجهت فيه الجزائر بالتنسيق مع تونس، دعوة إلى طاولة حوار موسعة تجمع كلّ ممثلي الشرائح الليبية من أجل بناء قاعدة تفاهم أوسع.

وترجّح ذات المصادر أن تونس أو الجزائر قد تستضيف لقاءات بين ممثلي مؤسسات المجتمع المدني وممثلين قبليين وشخصيات سياسية مستقلة برعاية أممية، في الوقت الذي ينتظر فيه أن تستضيف جنيف السويسرية لقاءات بين قيادات ليبية فاعلة، برفقة 13 ممثلاً عن كلّ من مجلسي النواب والدولة، لمناقشة خيارات الحلّ السياسي في 17 من سبتمبر/ أيلول الجاري.

وأوضحت أنّ الخيارات القائمة تأتي بعد تثبيت وقف إطلاق النار في سرت والجفرة، وتوحيد المؤسسات السيادية، وأنّ الخيارات تذهب في اتجاهين: إما الاتفاق على تشكيل مجلس رئاسي جديد وحكومة وحدة وطنية منفصلة، وإما الاستفتاء على مقترح الدستور للذهاب مباشرة إلى انتخابات عامة في البلاد.

وعلى الرغم من التفاؤل بين ممثلي المجلسين بعد انتهاء لقاءاتهما في بوزنيقة، بحسب بيان لهما، أمس الثلاثاء، إلا أن الباحث الليبي في العلاقات الدولية مصطفى البرق، يعبّر عن مخاوفه من أن يعرقل واقع الميدان المهدَّد بالانجراف مجدداً إلى أتون تصعيد عسكري، آمال التوقعات بقرب حسم الأمر سياسياً.

تسعى أطرف دولية، من بينها واشنطن، للحدّ من تشعب مسارات اللقاءات بين الممثلين الليبيين

وغير ذلك، يرى البرق، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ صمت البعثة الأممية في ليبيا التي ترعى جهود السلام للتعليق على لقاءات بوزنيقة والمشاورات السياسية في جنيف والحالية بين ممثلي اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5، قد يؤشر على قلق مكتوم لدى البعثة، بالإضافة إلى موقف حفتر الذي لا يزال غامضاً حتى الآن، ويرفض مقترحاً أميركياً لخلق منطقة منزوعة السلاح في مناطق التماس.

وتابع بالقول: "قد نفهم شرعية تمثيل الوفود المشاركة في لقاءات المغرب، لكن ما معايير اختيار المشاركين في لقاءات جنيف أو التي تدعو إليها الجزائر بالتنسيق مع تونس؟"، معتبراً أن إهمال القادة العسكريين، ومن بينهم اللواء المتقاعد خليفة حفتر، واعتبار أن الأطراف السياسية يمكن أن تفرض نتائجها على قادة السلاح، "غير واقعي وأثبت تاريخ الأزمة الليبية غير ذلك".

وإذ شدد على أهمية لقاءات المغرب التي قد تفضي فعلياً إلى توحيد المؤسسات الحكومية المنقسمة منذ سنوات، إلا أن البرق أشار إلى أن الخيارات المطروحة أمام الفرقاء السياسيين على أساس إعادة تشكيل المجلس الرئاسي أو الذهاب إلى انتخابات مباشرة "لم تأتِ بجديد".

وأوضح أنّ "الخيارين ترجمة لبياني عقيلة صالح وفائز السراج عند إعلانهما وقف إطلاق النار، فالأول نادى بإعادة تشكيل "حكومة الوفاق"، وحتى يضمن عدم تشويش حفتر، طالب بأن تكون سرت عاصمة جديدة للبلاد بدلاً من تسليمها لـ"حكومة الوفاق". أما الخيار الثاني، فهو مضمون بيان السراج الذي طالب بانتخابات مباشرة في مارس/ آذار المقبل"، معتبراً أن حصر خيارات الحلّ السياسي في مقترحات منْ سبّب أزمة البلاد "يعني استمرارها بشكل أو آخر".

وفي الأثناء، تناقلت وسائل إعلام ليبية أنباءً عن توجه وفد ليبي يمثل قادة طرابلس لزيارة العاصمة المصرية القاهرة، تلبية لدعوة مصرية، من دون الحديث عن أهداف الزيارة.

وفيما لم يعلّق المجلس الرئاسي لـ"حكومة الوفاق" على الأنباء، نفى المجلس الأعلى للدولة، في بيان له، في وقت متأخر من ليل أمس الثلاثاء، توجه أي ممثلين عنه لزيارة مصر، وقال: "في الوقت الذي يرحب فيه المجلس الأعلى للدولة بأي دعوة توجه له لزيارة الأشقاء في جمهورية مصر العربية للتباحث في ما يخدم مصالح البلدين الشقيقين، فإنه ينفي توجه أي وفد منه في الوقت الحالي لمصر".

ويعلّق الباحث السياسي الليبي سعيد الجواشي، على الأنباء بأنّ التقارب المصري مع حلفاء "حكومة الوفاق"، قد يكون واقعاً بعد أن انتهجت القاهرة سبيلاً بعيداً عن استمرار دعمها لحفتر ومحاولات فك علاقتها بأبوظبي التي لا تزال مصرة على دعم الخيار العسكري في البلاد، قائلاً إن "الزيارة لو تم التحقق من صدق الأنباء حولها، ستكون خطوة هامة وجديدة في شكل العملية السياسية المنتظرة في ليبيا".

وعلى الرغم من عدم بروز أي مواقف من جانبي مجلسي الدولة والنواب بوضع شروط مسبقة وبدء جلسات تمهيدية لطاولة حوار محتملة، ما يشير إلى رغبة داخلية في إنهاء الأزمة، إلا أن الجواشي يؤكد، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن شبح حفتر وهو يداهم ملتقى للحوار السياسي الجامع قبل انعقاده بأيام في غدامس العام الماضي "لا يزال ماثلاً".

ويشير الباحث السياسي الليبي إلى أن "إصرار حفتر على خرق وقف إطلاق النار يعني استمرار مساعيه لإجهاض أي تقارب"، لافتاً إلى أن "حفتر لا يزال يلقى دعماً من أبوظبي وموسكو نسبياً، ما يرجّح إمكانية كبيرة لجرف المنطقة إلى حرب جديدة وتقويض كل المساعي الحالية".