مفاوضات بوزنيقة المغربية... هل تمهد لإنهاء الأزمة الليبية؟

مفاوضات بوزنيقة المغربية... هل تمهد لإنهاء الأزمة الليبية؟

06 سبتمبر 2020
تأمل خارجية المغرب أن تثمر المفاوضات اتفاقاً مماثلاً لاتفاق الصخيرات (فضل سنا/فرانس برس)
+ الخط -

تتجه الأنظار، صباح الأحد، إلى مدينة بوزنيقة المغربية (جنوب الرباط)، حيث ينتظر أن يشهد فندق "فيشي" انطلاق أولى جلسات المشاورات بين الفرقاء الليبيين، برعاية الأمم المتحدة ورعاية مغربية لافتة.

وتعقد الآمال على المشاورات الليبية، التي تعقد غير بعيد عن مدينة الصخيرات التي احتضنت مفاوضات انتهت بالتوقيع على الاتفاق السياسي في 17 ديسمبر/كانون الأول 2015، للتوصل إلى حل للأزمة عبر بحث ممثلي برلمان طبرق مع نظرائهم في المجلس الأعلى للدولة الليبي، كيفية تقاسم السلطة؛ المحرك الرئيس للصراع، من خلال إعادة تشكيل المجلس الرئاسي وتوحيد الحكومة.

وبحسب مصدر حكومي مغربي، طلب عدم ذكر اسمه، فإنّ الرباط حريصة على توفير كل الظروف من أجل إنجاح المشاورات بين الأطراف الليبية ومساعدتها على الدخول في نقاش لإيجاد حل ليبي للأزمة، مؤكداً أن المغرب "مستعد لمواكبة الجهود الأممية للوصول إلى الحل الذي يريده الليبيون أنفسهم".

وأوضح المصدر عينه، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "المغرب لن يقترح حلولاً لليبيين، وإنما يتعين أن يأتي ذلك منهم"، لافتاً إلى أن المشاورات الليبية في المغرب تحظى بدعم الولايات المتحدة الأميركية والأمم المتحدة في شخص المبعوثة ستيفاني وليامز، التي كانت قد زارت الرباط مؤخراً.

وبينما يبدي المصدر الحكومي تفاؤله بإمكانية تحقيق اختراق في جدار الأزمة التي دخلت عامها التاسع، خاصة في ظل التوافق الدولي الحاصل حالياً بخصوص إنهاء الصراع، وكذا وجود إجماع ليبي على تعديل اتفاق الصخيرات؛ يرى مدير "مختبر الدراسات الدولية حول إدارة الأزمات" بجامعة القاضي عياض بمراكش، إدريس اكريني، أنّ استضافة المغرب المشاورات الليبية الليبية هو ثمرة جهد بذله المغرب في الآونة الأخيرة، بعد استضافته لأطراف الصراع، كما أنه "تأكيد على صدقية الدور المغربي وجديته، والذي حرص على أخذ مسافة إيجابية بين كل الأطراف المتصارعة، من خلال عدم الاصطفاف مع طرف ضد آخر".

وبحسب اكريني، فإنّ استضافة مدينة بوزنيقة المشاورات الجديدة "تؤشر على ثقة الفرقاء الليبيين في المغرب، الذي ساهم في إخراج اتفاق الصخيرات في 2015، وهو الاتفاق الذي أكد على وحدة الأراضي الليبية والصف الليبي، ووضع آليات من أجل بناء المؤسسات وتحقيق الاستقرار في البلاد"، لافتاً إلى أن "جميع الأطراف الإقليمية والدولية، التي ظلت تلعب أدواراً سلبية في الكثير من المحطات، اهتدت اليوم، إلى ضرورة إرساء السلم في المنطقة بالنظر إلى كلفة الصراع التي تتجاوز ليبيا لتشمل منطقة شمالي أفريقيا وجنوب البحر الأبيض المتوسط".

ويعتقد مدير مختبر الدراسات الدولية حول إدارة الأزمات، أنّ جلوس الأطراف الليبية على طاولة الحوار في المغرب "مؤشر إيجابي قد يثمر اتفاقاً سياسياً"، معتبراً أن "على الدول المغاربية، بناء على ما ستتمخض عنه اللقاءات بين الفرقاء الليبيين، الانخراط في استحضار المشترك المغاربي والدفع بأي مبادرة تدعم استقرار ليبيا".

المغرب لن يقترح حلولاً لليبيين، وإنما يتعين أن تأتي منهم، والمشاورات الجديدة تحظى بدعم الولايات المتحدة الأميركية والأمم المتحدة

وكان وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، قد قال، خلال مؤتمر صحافي عقده في 28 أغسطس/آب الماضي، عقب مباحثاته مع الممثلة الخاصة للأمين العام ورئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أونسميل) بالنيابة، ستيفاني ويليامز، إنّ الرباط كانت وما تزال ترى دورها في هذا الملف تحت مظلة الأمم المتحدة، لافتاً إلى أن المغرب اشتغل في السابق، في إطار الاتفاق السياسي للصخيرات، مع الأمم المتحدة وتحت مظلتها، واشتغل بعد اتفاق الصخيرات معها وتحت مظلتها، وأنه سيشتغل مستقبلاً معها وتحت مظلتها، لأنه يرى أن "هذه هي المظلة الوحيدة المناسبة لإيجاد حل للأزمة الليبية".

وأوضح وزير الخارجية أن المغرب يرى أن حل الأزمة "لا يمكن إلا أن يكون ليبياً، ولا يمكن أن يأتي من الخارج"، معتبراً في هذا السياق، أن التدخلات والمبادرات الأجنبية "تعقّد الوضع وتخلق مشكلات أكثر في الأزمة الليبية".

كما يرى أن "الحل لا يمكن أن يكون إلا سلمياً، لأن الخيارات العسكرية خلّفت الدمار ولم تفضِ إلى تحسين الوضع"، مشيراً إلى أن الحل يجب أن يكون سياسياً، لأن الأزمة في ليبيا هي في الأصل أزمة سياسية، كونها مرتبطة بحسم مسألة الشرعية نهائياً بعد فترة انتقالية تتبعها انتخابات.

وكانت العاصمة المغربية الرباط، قد شهدت في 27 يوليو/ تموز الماضي، حراكاً ليبياً من خلال مباحثات جمعت كلاً من عقيلة صالح رئيس مجلس نواب طبرق، وخالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي، مع كل من الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب المغربي، وحكيم بنشماس رئيس مجلس المستشارين، وناصر بوريطة وزير الخارجية.

وفي 8 يونيو/ حزيران الماضي، قال وزير الخارجية المغربي، خلال جلسة افتراضية لمجلس الأمن على مستوى وزراء الخارجية عُقدت لمناقشة تطورات الوضع في ليبيا، إنّ "اتفاق الصخيرات ليس مثالياً، لكن لا يوجد بديل ملائم على الطاولة، ويجب تعديل مقتضياته وتحيينها من قبل الأشقاء الليبيين"، معتبراً أنّ "بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أونسميل) تظل أداة مهمة ينبغي تعزيزها وإعادة هيكلتها".