"دافوس" ينتقد سياسة أوروبا المالية

"دافوس" ينتقد سياسة أوروبا المالية

24 يناير 2015
الأمين العام للأمم المتحدة خلال منتدى "داوفوس" الاقتصادي (الأناضول)
+ الخط -
استغل القادة الأوروبيون، المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، للبحث عن حلول، تُخرج اقتصاد القارة العجوز، من حلقته الضيقة التي تدحرج إليها خلال السنوات الثلاث الماضية، واضطر أغلب أعضاء الاتحاد الأوروبي لإجراءات تقشفية غير مسبوقة.
وطالبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل نظراءها من قادة أوروبا، بعدم تخفيف الإصلاحات الاقتصادية، بعدما أعلن البنك المركزي الأوروبي يوم الخميس الماضي، عن خطوات جريئة جديدة لدعم النمو في منطقة اليورو.
وقالت ميركل، أمام جمع كبير بدافوس، إنها تتفهم سبب الجدل الذي ثار مؤخراً حول سياسة المركزي الأوروبي في ضوء كميات السيولة الضخمة التي جرى ضخها بالفعل في الأسواق العالمية. وجاءت تصريحات ميركل بعد إعلان رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي، عن برنامج لشراء السندات. وأضافت "لم أتفاجأ بوجود خلافات داخل المركزي الأوروبي. فالعالم يشهد سيولة وفيرة بالفعل". وتابعت "بغض النظر عما يفعله المركزي الأوروبي، فإن ذلك لا ينبغي أن يحجب حقيقة أن نبضات النمو الحقيقي يجب أن تأتي من أوضاع يهيؤها السياسيون".
وبينما أشادت ميركل بتقدم الإصلاحات في إيطاليا وفرنسا، قالت المستشارة الألمانية إن على الحكومات الأوروبية أن تتحرك بشكل أكثر حسماً؛ لتنفيذ إصلاحات في اقتصاداتها، حيث يمنحها المركزي الأوروبي مزيداً من الوقت.
وأعلن دراجي أمس الأول، عن خطط لضخ أموال جديدة بالمليارات في اقتصاد منطقة اليورو المتعثر عبر برنامج التيسير الكمّي الجديد، والذي يتضمن شراء ما قيمته 60 مليار يورو شهرياً من الأوراق المالية العامة والخاصة طالما تقتضي الحاجة ذلك، لتحقيق تغير متواصل للمسار النزولي للتضخم.

وحذر الملياردير المستثمر جورج سورس، من أن السياسة التحفيزية التي اتبعها البنك المركزي الأوروبي، قد تعزز عدم المساواة في الاتحاد الأوروبي، وأن التدابير يمكن أن يكون لها "تداعيات سياسية خطيرة". ولكنه لم ينف توقعاته بأن سياسة البنك المركزي الأوروبي ستدفع عجلة النمو الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي.
وأشار سورس، البالغ من العمر 84 عاماً، إلى قلقه من أن الاعتماد الشديد على السياسة النقدية يميل إلى إثراء أصحاب الممتلكات وفي نفس الوقت لا يعفي من الضغط على الأجور. وأكد تحذيره من أن هذا التيسير الكمّي من شأنه "زيادة عدم المساواة بين الأغنياء والفقراء، في ما يخص البلدان والشعوب"، وأوضح أن هناك طرقاً قوية أخرى لتعزيز اقتصاد منطقة اليورو.
وقال لاري سامرز، المستشار السابق للرئيس الأميركي باراك أوباما، في حوار لقناة "سي إن بي سي" على هامش فاعليات منتدى "دافوس" أمس، إن تفكك منطقة اليورو سوف يكون خطأ فادحاً، ولكن تكتل العملة الموحدة لم يرق إلى المستهدف.
وأضاف سامرز أن تكتل اليورو فشل في إدراك أن الدول المشاركة في حاجة لروابط أكثر عمقاً، مشيراً إلى أن منطقة اليورو تحتاج لمزيد من التعاون في السياسة المالية، بدلاً من ترك السياسة تؤثر سلبياً على الاقتصاد.
وفي ما يتعلق بالاقتصاد الأميركي، أفاد سامرز بأن دخل الطبقة المتوسطة قد تزايد في الولايات المتحدة، وكان محوراً هاماً لخطاب أوباما في حدث "حالة الاتحاد" الأسبوع الماضي، داعياً مشرعي الكونغرس لإصلاحات ضريبية.
وقال النائب الأول لرئيس الوزراء الروسي، إيجور شوفالوف، إن الأزمة الاقتصادية في البلاد سوف تزداد سوءاً، وقد تستمر لفترة أطول مما شهدته موسكو في أزمة 2008 - 2009. وأوضح شوفالوف خلال جلسة نقاشية في "دافوس"، أن روسيا تشهد أزمة اقتصادية في الوقت الحالي سوف تستمر لفترة زمنية أطول من تلك التي
تعرضت لها منذ أعوام وتضررت على اُثرها البلاد لنحو عامين عقب الأزمة المالية العالمية.
وبدأت أزمة اقتصادية روسية في العام الماضي، مع انهيار قيمة الروبل، وارتفاع الأسعار بشكل حاد، وتوقعات انكماش الناتج المحلي الإجمالي، على خلفية هبوط أسعار النفط بنحو 55% من قيمتها في منتصف العام الماضي، والعقوبات الأميركية والأوروبية على موسكو بسبب الأزمة في أوكرانيا.
وأشار جاري كون، الرئيس ومدير العمليات في مصرف جولدمان ساكس، إلى أن دولاً في أنحاء العالم تخوض بالفعل حرب عملات في مسعى لتعزيز النمو. وقال كون خلال مناقشة في دافوس "نخوض حروب عملات. الرؤية السائدة هي أن السبيل السهل لتحفيز النمو الاقتصادي يتمثل في انخفاض قيمة العملة".
ونزل اليورو إلى أدنى مستوياته في 11 عاماً دون 1.13 دولار بتعاملات أمس الجمعة، بعد يوم من إعلان البنك المركزي الأوروبي خطة لضخ أكثر من تريليون يورو في اقتصاد منطقة اليورو المتعثر، وقبل يومين من إجراء انتخابات مبكرة في اليونان.
وهبط اليورو أكثر من 2% في مقابل الدولار أمس الأول، مسجلاً أكبر خسائره اليومية في أكثر من ثلاث سنوات، بعدما قال المركزي الأوروبي إنه سيشتري سندات حكومية اعتباراً من مارس/ آذار وحتى سبتمبر/ أيلول 2016 لإنعاش الاقتصاد والحيلولة دون حدوث انكماش للأسعار.
وتراجعت العملة الأوروبية الموحدة إلى 1.1258 دولار في بداية التعاملات الأوروبية يوم الجمعة، مسجلة أدنى مستوياتها منذ سبتمبر 2003 ومنخفضة 0.7% عن مستواها يوم الخميس.
وقال أنشو جاين، رئيس "دويتشيه بنك" في "دافوس"، إن المصارف في حاجة لقواعد تنظيمية جديدة على غرار ما تم طرحه في أعقاب الأزمة المالية. وأضاف أن المصارف في حاجة للمزيد من الإصلاحات نظراً لأن المصارف لا تمتلك رؤوس الأموال الكافية لمواجهة المخاطر المحتملة.
ووفقاً لتقديرات جاين، فإن موازنات القطاع المصرفي انكمشت بنسبة 30% منذ الأزمة المالية العالمية، وهي نفس نسبة النمو، تقريباً، التي حققها قطاع مصارف الظل.