"داعش" في دير الزور.. انتهاكات وتهجير

"داعش" في دير الزور.. انتهاكات وتهجير

10 يوليو 2015
جرائم "داعش" بحق المدنيين السوريين متواصلة (Getty)
+ الخط -
تعدّدت الانتهاكات المُمارسة من قبل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، بحق أهالي محافظة دير الزور، أكبر مدن الشرق السوري مساحة، وتنوّعت أساليبه من إعدامات ميدانية للثوار واعتقالات تعسفية غير مشروعة دون حكم أو أمرٍ قضائي، مروراً بحلقات الاستتابة والدورات الشرعية التي يقيمها التنظيم لأهالي المحافظة، ومعسكرات تجنيد الأطفال، وسرقة المنازل والممتلكات الخاصة، إلى جانب السواد الذي صبغ مناطق واسعة من المحافظة منذ احتلال التنظيم.


وأعلنت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تقريرها الصادر الخميس، انتهاكات تنظيم داعش بحق أهالي مدينة "أبو حمام" في دير الزور الشرقي، وقالت إن التنظيم "ارتكب 15 مجزرة في المدة الواقعة بين بداية أغسطس/ آب 2014 حتى منتصفه، إضافة إلى عمليات قتل وذبح متفرقة، وقد تسبب ذلك كله بمقتل 367 شخصاً يتوزعون إلى 276 مسلحاً من الأسرى لدى التنظيم، و91 مدنياً، بينهم طفلان وسيدتان".

واستعرض التقرير أبرز المجازر المرتكبة من قبل التنظيم والتي تم اكتشاف معظمها بعد مرور أشهر عدة؛ بسبب دفن التنظيم للضحايا في مقابر جماعية، كان أكبرها المقبرة الجماعية التي تم اكتشافها في بادية أبو حمام، حيث تم توثيق 115 شخصاً، بينهم 112 مسلحاً قتلهم التنظيم بعد أسرهم أثناء اقتحامه المدينة.


وقالت الشبكة إن تنظيم "داعش" أجبر أهالي مدينة أبو حمام على النزوح منها بعد سيطرته عليها، وصادر معظم منازل المدينة بما فيها من محتويات وممتلكات إضافة إلى السيارات والماشية والأموال العائدة للمواطنين، حيث تم اعتبارها "غنائم حرب" وتم بيع قسم كبير من هذه الممتلكات في سوق تم فتحه في بلدة الصالحية بريف دير الزور الشرقي.

كما قام التنظيم بتفجير قرابة 55 منزلاً في المدينة تعود ملكيتها لمسلحي المعارضة وعناصر من تنظيم جبهة النصرة، فيما عاد أهالي قرى غرانيج والكشكية إلى قراهم بعد امتثالهم لشروط التنظيم، بينما رفض معظم أهالي مدينة أبو حمام هذه الشروط. ومنذ بداية يونيو/ حزيران 2015، بدأ التنظيم يسمح بعودة الأهالي، وعاد قرابة 80 في المئة منهم على شكل دفعات متتالية إلى أبو حمام، وذلك بعد نفي قسري استمر قرابة العام، بينما لا يزال القسم المتبقي منهم قيد التشريد خوفاً من أن يغدر التنظيم بهم.

ووفق إحصائية الشبكة، فإن عدد المهجرين من المدينة يتجاوز 33 ألفاً نزحوا إلى ريف البوكمال ومدينة الميادين والعشار في ريف دير الزور. وذكر التقرير أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان اعتمدت بشكل رئيس على اللقاءات مع ناجين من مجزرة أو من تهجير قسري، أو مع أقرباء الضحايا، معتبرة أن ذلك يعطي درجة جيدة من الموثوقية في حال اعتمدت التحريات على عدد واسع من الشهادات والروايات من أهالي ونشطاء محليين من عدة أحياء متباعدة ولا يعرف أحدهم الآخر، وذلك في ظل عمليات الحظر من قبل القوات الحكومية والتنظيمات الإسلامية المتشددة.

كما أشار التقرير، المؤلف من 12 صفحة، إلى أن إعداده استغرق قرابة ثلاثة أشهر بسبب الصعوبة البالغة في الوصول إلى هؤلاء الشهود في ظل سيطرة التنظيم على المنطقة، وإرهاب النشطاء المحليين وتهجير معظمهم.

وأكد التقرير أن الأحداث الموثّقة تُشير وبشكل قوي إلى الاعتقاد بأن حوادث القتل والتهجير القسري وعمليات إعدام الأسرى التي مارستها التنظيمات الإسلامية المتشددة، ترقى إلى جريمة حرب، بحسب المادة الثامنة من قانون روما الأساسي، كما انتهكت هذه التنظيمات العديد من أحكام القانون الدولي الإنساني، بشكل واسع.

ورفعت الشبكة توصيات إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن بضرورة حماية المدنيين في سورية من جميع مرتكبي الانتهاكات، إلى جانب معالجة الأزمة في سورية بأقصى سرعة ممكنة، لأن ترك الشعب السوري وحيداً في مواجهة ماكينة القتل والتعذيب الوحشية التي تمارسها القوات الحكومية، سوف يدفع بالمجتمع إلى التشدد والتطرف، في ظل غياب تام للعدالة وخرق قرارات مجلس الأمن.


ويشار إلى أن المناطق المحررة في محافظة دير الزور، تعتبر أكبر رقعة جغرافية خارجة عن سيطرة النظام السوري، والتي تمتد من مدينة البوكمال شرقاً، قرب الحدود السورية العراقية، وصولاً لمحافظة الرقة غرباً، إضافة للمناطق الممتدة شمالاً حتى حدود محافظة الحسكة. كما تعتبر البادية المتصلة بمدينة تدمر جنوباً امتداداً للرقعة الجغرافية ذاتها.

وفي شهر مارس/ آذار 2014، انسحب تنظيم "داعش" من المحافظة، عَقب معاركه مع الجيش الحر وجبهة النصرة، ليعود التنظيم ويحشد مقاتليه بإشراف "أبو عمر الشيشاني"، وزير الحرب في داعش، تاركاً كافة الجبهات الأخرى بغية السيطرة على محافظة دير الزور. وبدأت قوات "داعش" تتقدم من جهة الرقة والحسكة وكذلك العراق بعد سيطرتها على الموصل مُحاصرةً المدينة.

وفي بداية شهر يوليو/ تموز عام 2014، وبعد معاركَ متواصلة استمرت أكثر من خمسة أشهر، انسحبت فصائل الجيش الحر وجبهة النصرة من المحافظة، ليفرض تنظيم "داعش" سيطرته الكاملة على مناطق دير الزور المحررة على أيدي الثوار.

اقرأ أيضاً: قوات النظام تواصل هجومها وتستقدم تعزيزات عسكرية إلى تدمر