"الطموحات الكبيرة": الاقتصاد كرواية أجيال

"الطموحات الكبيرة": الاقتصاد كرواية أجيال

30 اغسطس 2020
عمل لـ جون واشنطن
+ الخط -

ماذا لو قرأنا علماً من العلوم باعتباره رواية؟ أليس كلً علم هو سجال بين شخصيات ولحظات من التوتر تفضي إلى تحوّلات كما هو الحال ضمن الأعمال الأدبية؟ ذلك ما تقترحه الباحثة الألمانية الأميركية سيلفيا ناسار مع علم الاقتصاد في عملها الذي صدرت منذ أيام ترجمته إلى الفرنسية بعنوان "الطموحات الكبيرة: علم الاقتصاد في خدمة البشر". 

صدر الكتاب عن "منشورات فويبار" التي أشارت إلى أن المؤلفة تبدو غير معروفة للقارئ الفرنسي، غير أن أحد أعمالها عن سيرة عالم الرياضيات والاقتصاد الأميركي جون ناش قد تحوّل إلى أحد أشهر أفلام سير العلماء، وهو ما يمنح القارئ مزيداً من الثقة في العمل الجديد.

يقوم العمل على فكرة نقدية أساسية وهي كيف أن طروحات علم الاقتصاد النظرية في واد ونتائجه في واد آخر، ولعلها اختارت التلميح إلى إحدى روايات الكاتب الإنكليزي تشارلز ديكنز لهذا السبب، فمقولة الكتاب هي أن علماء الاقتصاد ما فتئوا يطلقون وعوداً لم يتحقق منها الكثير. 

يحضر ديكنز أيضاً ضمن إشارات كثيرة داخل النص حيث تعتبر ناسار أن مدوّنته الروائية تمثّل نقداً أولياً لما يعرف اليوم بالمذهب النيو-كلاسيكي في علم الاقتصاد، والذي يمثّله المفكر الاقتصادي دافيد ريكاردو معاصر ديكنز. هكذا تجعل المؤلفة من ملاحظات عابرة في روايات متفرقة لصاحب "دافيد كوبرفيلد" منطلقات نقد نظريات جرى ترسيخها منذ منتصف القرن التاسع وعشر ونعيش اليوم الكثير من نتائجها.

من أبرز هذه الملاحظات إشارة ديكنز الساخرة إلى عودة العبودية من خلال أعلى ما وصلته البشرية وهو الإنتاج الصناعي، حيث ركّز على التشابه بين حال العمال في العصر الفيكتوري وحال العبيد والأسرى في زمن الرومان. 

الصورة
الطموحات الكبيرة

في مواضع كثير تشير ناسار إلى أن ما تطرحه الروايات لم يطرحه علماء الاقتصاد على مجالهم، وهنا تكمن المفارقة التي تتقدّم بها تاريخياً بعيداً عن العقود التي تحدّث عنها ديكنز، فتستعين بشارلي شابلن في تقديم قراءة في النموذجين التايلوري والفوردي.

على مستوى آخر، يحفل العمل بالمقاطع السيرية اللافتة، فلو صدّقنا أن كتاب "الطموحات الكبيرة" رواية ستكون أشبه برواية أجيال أبطاله: ماركس وكينز وفون هايك وفريدمان وصامويلسن وأمارتيا سن.

المساهمون