ما ينبغي أن أقوله

ما ينبغي أن أقوله

11 يوليو 2019
منذر أحمد/ العراق
+ الخط -

ما ينبغي أن أقوله

ما ينبغي أن أقوله الآن، سأقوله لك؛ وحين أصمتُ تعرف ماذا أريد أن أقول. رماني طفلٌ بالحجر وأصابتني امرأةٌ بوابلٍ من الشتائم. أعزُّعليك وتعزُّ عليَّ. هربتُ من المدينة التي ملأت روحي بالجراح. سأركب زورقي القديم وأعود إليك يا أخي الصغير يا طرفة بنَ العَبْد.


■ ■ ■


يطرقون الباب

يطرقون الباب؛ في الظلمات، يطرقون الباب. ريحٌ سريعة تأتي وتروح ويطرقون الباب. روحٌ تائهةٌ تتجوَّلُ في الشارع. روحٌ فقدت جسدَها الآدميَّ توًّا وهي تبحث عن طريقٍ تنأى عن البيت الذي خرجت منه ويطرقون الباب. يدٌ صغيرةٌ تطرقُ الباب تارةً وطورًا جمعٌ غفيرٌ... يطرقون الباب.


■ ■ ■


تقرير

خلف هذا الباب فتاةٌ انتحرت؛ فتاةٌ انتحرت في الماء؛ انتحرت في الماء وهي تريد أن تقرأ عليَّ رسالتها؛ تريد أن تقرأ عليَّ رسالتَها لكي أكتبها؛ لكي أكتبَها وأسلّمَها إلى ساعي البريد؛ أسلّمَها إلى ساعي البريد النائم بين أوراق الوردة؛ بين أوراق الوردة فجرًا وأنا مستيقظٌ فجرًا أكتبُ ما تمليه عليَّ فتاةٌ انتحرت في الماء.


■ ■ ■


تقول لي الأفعى

سأجعلك تتعذبُ في المنام وفي القيام. سأجعل الدروبَ عليك مغلقةً وأطبق اللّيلَ عليك ولا نهارَ لك؛ لا في عين طفلٍ جميلٍ ولا في دشاديش النهَار. سأغيّرُ عليك اللغاتِ جميعًا وأجعلك لا تفهم ولا يفهمونك. تقول ولم يستمعْ إليك الشجر وتمشي ولم تصلْ؛ ولا ترى وجهَك إلاّ في ماءٍ آسنٍ ولا تهُبُّ عليك إلاّ ريحٌ عقيم.


■ ■ ■


نسيتُ

هذه الشمسُ أصابتني بالنسيان. لون الليل أصابني بالنسيان؛ والماء الذي أشربه ينسيني موقفي؛ وينسيني ما كنتُ أفعلُ قبل قليل؛ وأسألني حقًا مَن كنتُ قبل قليل. تصيبني تمتمة الشجرة بالنسيان وكلماتي التي تلوتها على الجدران ورددتُها في الشوارع تنسيني المدينة واللغة والرحم.


■ ■ ■


من أنت

هو الذِكرُ والذاكرة؛ وهو الأنثى والذكَر. لا يعرف الصعود ولا النزول. لا يعرف النهر ولا النار. هو المذكّرُ والأذكار. لا يعرف طريق السعادة ولا طريق العذاب. يخافُ من الذهاب ويخاف من الإياب. يخاف أن يصمت ويخاف أن ينطق. هو هذه الكلمات التي تنزل عليك في الفجر؛ كمثلِ أرواحٍ خرجت إليك من النهر.


■ ■ ■


خافوا من صراخهم

صحتُ واستوحش من صياحيَ جمعٌ لم يروني؛ وصرخوا عليَّ وخافوا من صراخهم عليَّ وخفتُ. سألوني أين طريق الينابيع أين النهَر. من أين ليَ أن أعرف؛ أجبتُ؛ وأنا منذ أمدٍ بعيد هنا وصرخوا عليَّ ثانيةً وخافوا من صراخهم عليَّ وخفتُ.


■ ■ ■


ملاك

وذات ليلةٍ عرّجتِ بي في المركبة وكنتِ دليلي إلى ينابيع الملكوت. أعطيتِني البصيرة وأدخلتِني الحديقة وقلتِ إلى هنا ستعود؛ وعرّجتِ بي ثانية وأريتِني أنني معلّقٌ مثل الثدي من شجرة ونزلتِ بي إلى مكانٍ مهجورٍ وقلتِ لي إلى هنا ستعود.


* شاعر من الأهواز

المساهمون