لم لا نكتب أسماء القتلة

لم لا نكتب أسماء القتلة

25 فبراير 2015
رندا مدّاح / الجولان السوري المحتل
+ الخط -

مقابر
القبر ليس معنياً بالقياسات 
القبر معنيّ بالموت 
بأبدية إنسان ضاعت
ووُضعت في الأرض الجائعة
أبدية إنسان 
ما تزال حيّة في القلب
في قياسات خاطئة للزمان
الموت وحده قادر على قياس الحياة 
فالموت لا حدّ له

القبر مقياس حياة نفدت 
فجأة وبغموض تام
فالحياة لا تتوقف أبداً عن العجب 
من أمر الموت 
لأنّ الموت لن يتوقف أبداً عن رمي 
ظلاله المحتجبة على الحياة

حين يتكلم الموتى تُصغي الحياة
هذا العهد الأزليّ لا ينقطع

حين يتكلم الموتى يعود التاريخ 
ذكرى 
حين يتكلم الموتى يولد التاريخ
ذكرى
حين يتكلم الموتى يكون التاريخ 
قد ضاع وهو يبدأ الحكاية

التاريخ كابوس الذاكرة

سُجِّل أنّ رجلاً كان يحفر قبراً 
يريد استنطاق امرأة ماتت
فلا أحد يستمع إليه
ظنّ أنّ العالم قد يعير انتباهاً 
لفم ميّتٍ يتكلم 
فثقته بالموتى فاقت ثقته بالأحياء
ما إنّ به جنوناً 
ولكنّ العالم صار بلا آذان 
ربما حفر القبر 
حبّاً بالمرأة 
أو لعلّه أحبّها حين موتها
وبموتها فقد المعنى

لبعض القبور أسماء
ولبعضها أسماء اندثرت
وما بين أسماء وأسماء 
نسمع أزيز رصاص 
أحدٌ ما هناك لإزالة الأسماء 
عن قبور الناس 
كي لا يذكرهم أحد 
ولكن أنّى لهم أن يقتلوا الأرواح 
التي تحوم فوق المكان 
في الموت يموتون كي تعرف حكاياهم 
من ذا الذي يقتل باسم المقابر؟

لم لا نكتب أسماء القتلة
على القبور كي تبقى لعنتهم 
إلى الأبد

اذكروا أسماء القتلة 
تمامًا كأسماء ضحاياهم
هذا العالم يعيش إلى جانب موتاه 
يقوم بحساباته 
فللمقابر وزن أحيانًا 
في بعض الحسابات

ما أخشاه هو أن الموتى أيضاً يحسبون 
أيام عيشنا 
وقد يغضبون في يوم ويطلقون علينا الرصاص، بأيدينا، 
لأننا لم نسمع حكايتهم.



وردة القبر

في الأمس وضعت امرأة
وردة على صدري
كأنّي ميّت

ساتشيداناندان

إن لم يكن لديكِ إلا وردة واحدة لتمنحيني إياها
فلا تقدّميها
شاهداً على قبر المستقبل
لا تقدّميها
وسيلةً لإغواء قلبي المأخوذ بالخرافة
بأصابعك النسيّة
إن لم يكن لديك إلا وردةٌ واحدة لتقدميها لي  
فلا تنزعيها عن ساقها
إنّ وردة بلا أشواك
هي وردة عمياء كخيل
هجره صاحبه

إن لم يكن لديك إلا وردة واحدة لي 
فضعيها بين نهديك النائمين
واجعلي براعمها تذوي بهواء أنفاسك
ولتصدر عنها رائحة كوابيسك

إن لم يكن لديك إلا وردة واحدة لي  
فاختاري واحدةً تئن للحياة



رازيا

لكِ هالة محفوظة
بخلاف قدرك

حياتك كانت كابوساً
بين عاشقين
وموتك شائعة
عن قبرين

ما من رجلٍ
صبر على رغبة أبيك
شعروا بلعنة أن تكون لهم سلطانة
بنهدين بارزين 
حلموا بأن يكونوا السيف
في سريرك

حبّك لواحد من العبيد
ذرّ الرمادَ على غيرة
النبلاء الدنيّة

لم يكن لتعويذتك أن تنقذ حياتك
من رجلين
آثرتِهما على نفسك

صديق اشتهى وصلك
وأخ لك
ساقك إلى حتفك

أما هم فلا فرق لديهم
ما بين اشتهائك وموتك.

* Manash Bhattacharjee، شاعر وباحث في العلوم السياسية من نيودلهي، صدر له "قبر غالب وقصائد أخرى".

** الترجمة عن الإنجليزية: محمد زيدان

المساهمون