ترقب وحركة محدودة بإدلب بعد وقف إطلاق النار

ترقب وحذر في إدلب بعد وقف إطلاق النار..وآمال بعودة النازحين إلى ديارهم

06 مارس 2020
الحركة ما تزال محدودة بعد القرار (العربي الجديد)
+ الخط -
وقف الطفل السوري عمر منزوق، صباح اليوم الجمعة، بعد مرور عدة ساعات على الإعلان التركي الروسي عن وقف إطلاق النار في ريف إدلب، يرقب بضعة أطفال يلعبون كرة القدم، في أحد أزقة بلدة بنش التي هجرها أكثر من 80 بالمائة من سكانها، هرباً من القصف خلال الفترة الماضية.

وكان محمد منزوق، والد عمر، وصل مساء أمس إلى بنش قادماً من تفتناز بريف إدلب، التي سبق أن تعرضت للقصف عدة مرات، مخبراً "العربي الجديد"، أن "الطريق كان جيداً، ولم ينفذ عليه أي رميات"، مضيفاً "لكن ما زلت قلقاً وأترقب إن كان هذا الاتفاق سيتم خرقه أو سينهار خلال الساعات القادمة".

يبدو محمد سعيداً اليوم، وهو يرى ابنه يلعب أمام المنزل، للمرة الأولى منذ أسابيع، جراء تراجع مخاوفه من تساقط القذائف العشوائية، التي لم تغب عن البلدة.

فيما يتقاسم بشار الباشا ابن بلدته، المخاوف ذاتها من عدم استمرار الهدنة، مضيفا لـ"العربي الجديد"، "تثبيت الهدنة الحالية يحول دون عودة أكثر من مليون نازح إلى بلداتهم، والناس تؤيد وقف إطلاق النار إن تمت إعادة القوات النظامية إلى نقاطها الأولى، ما يسمح بعودة الناس إلى منازلهم".

مشيراً إلى أن "الغموض والخوف يسيطران على الناس، فسبق أن كان هناك أكثر من اتفاق ووقف إطلاق نار وهدنة، لكن في كل مرة كان النظام والروس بعد فترة قصيرة يستأنفون العمليات العسكرية، ليسيطرا على مناطق جديدة ويهجروا سكانها، وإن لم يعودوا اليوم إلى منازلهم لن يشعروا بالراحة والاستقرار".

هدوء حذر بعد القرار ( العربي الجديد)

ويبقى الأمل لدى الغالبية بأن يكون هناك حل سياسي وعودة إلى منازلهم، في حين يبدو أن الأطفال أكثر سعادة وأملاً، فالطفل مصطفى غرقان (9 سنوات)، والطفلة جنى عبد الرحمن الباشا (11 عاما)، التي فقدت والدها قبل نحو شهر جراء قصف جوي، منشغلان إن كانت المدرسة ستفتح أبوابها من جديد، إضافة إلى أنهما لم يضطرا اليوم للاختباء من هدير الطائرات، وهما اللذان عادا صباح اليوم إلى بلدتهما بعد أن كانا الفترة الماضية يسكنان في خيمة بالعراء قرب البلدة.

وأكد المصور الصحافي عامر علي، ابن مدينة إدلب، لـ"العربي الجديد"، "وجود هدوء خلال الساعات الأولى من إعلان الهدنة"، لافتا إلى أنه "هدوء حذر جداً".

آمال الأطفال كبيرة (العربي الجديد)

وذكر أن "كثر ممن أعرفهم سينتظرون عدة أيام، فإن لم يحدث خرق للاتفاق، فسيعودون إلى قراهم ومدنهم التي خرجوا منها والخارجة عن سيطرة قوات النظام، لاستئناف حياتهم من جديد، لكن الحركة حالياً ما تزال قليلة جداً على الطرقات، كما لم يشهد اليوم أي حركة عودة للنازحين إلى المناطق".

وينصّ اتفاق وقف النار الروسي التركي على عودة مئات آلاف النازحين، الذين تم تهجيرهم جراء العمليات العسكرية التي شنتها القوات النظامية والطيران الروسي، خلال الفترة الماضية على أرياف إدلب وحلب، ما تسبب بأزمة إنسانية كبيرة، إلا أن الاتفاق لم يتطرق لشروط العودة وحيثياتها ما يجعل منه اتفاقاً غامضاً، حيث يرفض معظم النازحين العودة في ظل سيطرة قوات النظام على مدنهم وقراهم.

وأشار الناشط الإعلامي بليغ سليمان، لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الأماكن التي تخضع للهدنة الأخيرة، مثل سراقب ومعرة النعمان، لم يبق بها بشر، وتخضع للنهب المنظم، وبالرغم من أن الهدنة قد توقف القصف عن بعض المناطق مثل إدلب المدينة، لكن أعتقد أن النظام والروس ليسوا من الملتزمين بالهدن، وأنهم يخدعون الناس".

ولفت إلى أن "الناس لا تريد هدنة، بل يريدون أن يعودوا إلى مدنهم وبلداتهم، وأن ينسحب منها النظام، لا أن يتم تهجيرهم، ومن ثم فرض هدنة تبقيهم في أماكن نزوحهم". 

 


ونزح حوالي مليون و37 ألف مدني عن مدنهم وقراهم في ريف إدلب والجنوبي والشرقي وحلب الغربي والجنوبي، جراء المعارك التي دارت ما بين نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 والتي استمرت حتى ليل أمس الخميس، فيما سبقهم أكثر من نصف مليون آخرين، كانوا قد اضطروا للنزوح بعد تقدم النظام ومليشيات تسانده إلى مدنهم وبلداتهم في ريف حماه الشمالي خلال المعارك التي دارت بين الفترة الممتدة من أبريل/نيسان من العام الماضي، حتى آب/ أغسطس من ذات العام، ويعيشون أوضاعاً مأساوية في أماكن نزوحهم سواء في المخيمات أو الأراضي الزراعية، وينتظرون حلاً عسكرياً أو سياسياً يعيدهم إلى مدنهم وقراهم.

المساهمون