قلق من مخيّم بئر الفطناسيّة في تونس

قلق من مخيّم بئر الفطناسيّة في تونس

09 يناير 2020
تجربة مخيّم الشوشة لم تكن مشجّعة (Getty)
+ الخط -

يتابع المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية باهتمام كبير المستجدّات في ليبيا، معبّراً عن مخاوف من إنشاء مخيّم في الجنوب التونسي، تحديداً في منطقة بئر الفطناسيّة، كمخطط طوارئ لاستقبال الفارين من الحرب في ليبيا بعدما ألقت المنظمات الدولية المسؤولية، بحسب ما يبدو، على الحكومة التونسية التي تواجه وحدها تبعات مثل هذه الأزمات. ويشدّد المنتدى على ضرورة توفير الظروف الإنسانية والإغاثية اللازمة، حتى لا يتكرّر فشل التجارب السابقة الخاصة بمخيمات اللجوء.

وتأتي مخاوف المنتدى بعدما رجّح تقرير صادر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وصول أكثر من 25 ألف لاجئ ليبي إلى تونس، في وقت استبعد وزير الداخلية التونسي هشام الفوراتي أن يكون الرقم صحيحاً، لافتاً إلى أنّ تونس مستعدّة لاستقبال اللاجئين وسوف تعتمد بدرجة أولى على مواردها الذاتية، إلى جانب ما تقوم به من خطط مشتركة مع المنظمات الإنسانية الأممية.

وتستعدّ السلطات التونسية لإقامة مخيّم للاجئين الوافدين من ليبيا، في بئر الفطناسيّة التي تبعد 15 كيلومتراً إلى جنوب مدينة رمادة في ولاية تطاوين، الأمر الذي توقّف عنده المنتدى في بيان، مشيراً إلى تجربة مخيّم الشوشة في ولاية مدنين (جنوب) التي تحمّل فيها المتطوّعون التونسيون العبء الأكبر، فيما بقيت تونس تواجه وحدها التبعات، مع بقاء مجموعة من طالبي اللجوء في دار للشباب بمدينة المرسى القريبة من العاصمة التونسية، وقد تخلّت عنهم المنظمات الدولية. والمخيّم الجديد الذي سوف يُطلق عليه اسم "مركز الاستقبال والتوجيه" يأتي بإشراف الحكومة التونسية، بحسب المنتدى الذي يلفت إلى أنّه يذكّر بمركز الإيواء والتوجيه في حيّ الوردية (جنوبي العاصمة تونس) حيث كانت الظروف سيئة.

ويرى المنتدى ضرورة اتخاذ خطوات مناسبة في ظلّ قلّة المعلومات حول هذا المخطط، خصوصاً ظروف اختيار الموقع ومدى ملاءمته للشروط الدنيا الإنسانية والإغاثية، وفي ظلّ منظومة قانونية قاصرة وغياب استراتيجية وطنية للهجرة وقانون منظِّم لحقّ اللجوء. ويتساءل عن جدوى تلك الخيارات التي قد تهدّد الحقوق الأساسية للاجئين.




يقول المسؤول الإعلامي في المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، لـ"العربي الجديد"، إنّه "في ظلّ تفاقم الأوضاع في ليبيا، من المتوقّع توافد آلاف الفارين من الحرب وطالبي اللجوء، وتونس بدأت بالفعل تتحضّر لأيّ تدفّق محتمل من خلال إقامة مخيّمات لجوء". يضيف بن عمر أنّ "مصالح عدّة تتقاطع في ليبيا ودول عدّة تتصارع فيها كذلك، لكنّ تبعات الأزمة ملقاة فقط على كاهل تونس، وكأنّ قدرها تحمّل نتائج الأزمات"، لافتاً إلى أنّه "سبق أن تحمّلت تونس تبعات الثورة الليبية في عام 2011 من خلال تجربة مخيّم الشوشة الذي استقبل آلاف اللاجئين، وقد تطوّع حينها التونسيون لإنقاذ الوضع". ويؤكد في هذا الإطار أنّ "تونس ما زالت تعاني حتى اليوم من جرّاء تبعات ذلك"، متحدّثاً عن "مخاوف حقيقية من تحميل تونس مسؤولية احتضان آلاف اللاجئين لوحدها". ويتابع بن عمر أنّ "دولاً أوروبية عديدة أغلقت حدودها البرية وتعمل على فرض مزيد من التضييق على المنافذ البحرية، بالتالي لا ملجأ سوى تونس، علماً أنّ الوضع هنا صعب من الناحيتَين الاقتصادية والاجتماعية"، مشدداً بالتالي على ضرورة إشراك أكبر عدد من المنظمات الدستورية، لتكون رقيباً على الأوضاع في المخيّمات المحتملة إقامتها والحؤول دون وقوع أيّ انتهاكات ولضامن الحقوق".

ولا يخفي بن عمر أن "الموقع الذي اختير للمخيّم في بئر الفطناسيّة في الجنوب يثير كذلك مخاوفنا، إذ يصعب الوصول إليه. لكنّ الهاجس الأمني هو الذي فرض المكان"، مشدّداً على "ضرورة ألا يكون الأمن على حساب المهاجرين واللاجئين، خصوصاً أنّ تونس وقّعت على اتفاقيات دولية عدّة لحماية طالبي اللجوء". ويكمل أنّ "طاقة استيعاب هذا المخيم هي في حدود 25 ألف لاجئ، لكن في حال عدم توفّر الظروف الإنسانية اللازمة فإنّ استقبال ألفَي لاجئ قد يتسبب في أزمة".




ويوضح بن عمر أنّ "الفارين لن يصلوا عبر البرّ فقط، بل كذلك عبر البحر، ولا بدّ من التحسّب لذلك حتى لا تتكرّر الكوارث الإنسانية وتتحوّل الشواطئ التونسية إلى مقابر لجثث طالبي اللجوء"، مشيراً إلى أنّ "كلّ طرف سوف يحاول إلقاء المسؤولية على الطرف الآخر، في حين يتوجّب على المنظمات الدولية تحمّل مسؤوليتها والتكفّل باللاجئين، وحتى آخر لاجئ قد يبقى في تونس". بالنسبة إليه، فإنّ "على الحكومة والمنظمات الدولية وضع الإمكانيات اللازمة لتلبية الاحتياجات الإنسانية للمهاجرين وطالبي اللجوء الوافدين عبر الحدود، على أساس مبادئ عدم التمييز ورفض الإعادة القسرية للموجودين على الأراضي التونسية وعلى حدود البلاد تحت أيّ مسمى. وعلى الإجراءات الأمنية المرتقبة احترام حقوق الفئات الأكثر هشاشة".

دلالات

المساهمون