نازحو طرابلس يلجأون إلى تونس

نازحو طرابلس يلجأون إلى تونس

22 مايو 2019
في أحد مراكز إيواء النازحين (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

سجّلت سلطات محلية في بلديات عدّة غربي ليبيا بدء توجّه عدد من النازحين نحو دول الجوار، لا سيّما تونس القريبة من مناطق التوتّر العسكري الجديدة جنوبي طرابلس ومدن قريبة من العاصمة مثل غريان وترهونة. ويشير مسؤولون من بلديتَي زليتن ومسلاته إلى أنّ ما لا يقل عن 530 أسرة قررت الانتقال إلى مناطق أقصى الغرب الليبي، لكنّها تنوي فعلياً اللجوء إلى تونس بسبب تفاقم الظروف المعيشية.

يقول عبد الباري شعيب، وهو عضو لجنة الأزمة في طرابلس، لـ"العربي الجديد"، إنّ "تقارير أصدرتها بلديات عدّة في الغرب الليبي تؤكد أنّ البلاد مقبلة على موجة نزوح أوسع من جرّاء الحرب المتمدّدة والتي قد تطاول مناطق أخرى غير العاصمة، منها سرت الواقعة بين طرابلس وبنغازي". ويلفت شعيب إلى أنّ "سرت وحدها تؤوي أكثر من 500 أسرة نازحة من طرابلس"، مرجّحاً "إمكانية نزوح تلك الأسر مجدداً إلى مناطق أخرى فيما عدد من سكان سرت يفكّر في النزوح، لا سيّما وأنّ كثيرين ما زالوا يذكرون ما عاشوه في عام 2016 عندما كانت القوات الحكومية تقاتل تنظيم داعش فيها".

تفيد بيانات وزارة شؤون النازحين والمهجرين في حكومة الوفاق بليبيا بأنّ عدد النازحين من طرابلس على خلفيّة الحرب المستمرة في جنوب البلاد بلغ 75 ألف نازح. من جهتها، كشفت بلدية غريان (شمال غرب) في بيان أصدرته الإثنين الماضي عن نزوح 531 أسرة من المدينة مذ سيطرت عليها قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر. يُذكر أنّ الأسر المهجّرة من مناطقها تواجه صعوبات في التكيّف مع ظروف النزوح بسبب الغلاء والنقص الحاد في السيولة النقدية، بالإضافة إلى عجز الحكومة عن تمويل المجالس البلدية بالميزانيات اللازمة لتوفير المؤن والمأوى لتلك الأسر.

أمّ عادل، أرملة وأمّ لخمسة أطفال، تعيش مع أخيها في مركز للإيواء بمصراته (شمال غرب). تشكو أمّ عادل لـ"العربي الجديد" من "المضايقات التي يتعرّض لها النازحون بسبب مسقط رأسهم، فأسر نازحة كثيرة من طرابلس هي من غريان أو ترهونة اللتَين تشاركان حفتر في حربه على العاصمة". وتوضح أمّ عادل أنّ "انقسام مناطق الغرب الليبي بين موالٍ لحفتر وموالٍ لحكومة الوفاق جعل نازحين كثيرين يتعرّضون لملاحقات ومضايقات"، مشيرة إلى رغبتها وكذلك عدد من جيرانها في "الانتقال إلى تونس".




في السياق، يشير أخو أمّ عادل، عيسى زاقوب، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّه "لا يمكن تقدير عدد الليبيين الذين لجأوا إلى تونس. وهؤلاء نجحوا بذلك بسبب قدرتهم المادية على العيش في خارج ليبيا". يضيف: "أظنّ أنّ الظروف المعيشية في مدن غرب ليبيا أسوأ بكثير من تحمّل صعوبات العيش في تونس"، موضحاً أنّ "هناك قد أجد على أقلّ تقدير من أشكو له وأحصل على حقوقي".

إلى جانب القتال الذي يرهب الليبيين في العاصمة، كانت قوات حفتر قد عمدت إلى قطع المياه عن طرابلس في سياق الحصار المفروض عليها. لكنّ حفتر عاد ليصدر أوامره بإعادة المياه، علماً أنّ ذلك لن يقلّل من مخاوف السكان، فإمكانية قطع المياه من جديد أمر وارد. يُذكر أنّ ليل الأحد الماضي، كان جهاز تنفيذ وإدارة مشروع النهر الصناعي، وهو الجهة المسؤولة عن إمداد العاصمة ومناطق غرب ليبيا بالمياه، قد أعلن عن قيام مجموعة مسلحة بغلق مضخات المياه الرئيسية في الجنوب لتنقطع المياه عن طرابلس ومدن الشمال الغربي. وكانت وزارة الداخلية في حكومة الوفاق قد أعلنت من جهتها، صباح الإثنين الماضي، أنّ تلك المجموعة المسلحة موالية لحفتر وأنّها تمارس نوعاً من الحصار على أهالي طرابلس لإضعاف معنوياتهم. ويقول شعيب في هذا الإطار، إنّه "في إمكان قطع المياه عن طرابلس أن يزيد من النزوح، لا سيّما أنّ مصادر حيوية للناس مثل مصادر الطاقة (من قبيل غاز الطهي والوقود وغيرهما) تقع في أراضٍ تحت سيطرة حفتر".

وكانت مؤسسة "غالوب" الأميركي قد نشرت الإثنين الماضي نتائج استطلاع رأي يبّين رغبة أكثر من تلث النازحين في التوجه إلى دول مجاورة لليبيا، مشيراً إلى أنّ ظروف العيش ازدادت سوءاً. وأوضحت نتائج الاستطلاع أنّ 37 في المائة يعانون للعثور على مسكن مناسب، و43 في المائة يفتقرون إلى السيولة النقدية، فيما يرغب 34 في المائة في مغادرة ليبيا واللجوء إلى بلدان الجوار.




تجدر الإشارة إلى أنّ المنظمات الدولية استشعرت بدء موجات اللجوء إلى دول الحوار، فقد أفادت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في خلال بيان صحافي السبت الماضي نشرته على موقعها الإلكتروني، بأنّ ممثلين لها ولمنظمة الصحة العالمية زاروا برفقة مسؤولين من وزارة الصحة التونسية ولاية تطاوين التونسية القريبة من الحدود الليبية مع تونس للاطلاع على إمكاناتها في ما يتعلق باستقبالها لاجئين فارين من أعمال العنف التي تشهدها ليبيا حالياً، وللتأكد من إمكانية المنظمات لتقديم مساعدات إنسانية لهؤلاء منعاً لحدوث أزمة إنسانية مفترضة من جرّاء توسّع رقعة الصراع.