موسيقى في زمن الحرب... أطفال يعزفون على أنقاض بوروديانكا الأوكرانية

موسيقى في زمن الحرب... أطفال يعزفون على أنقاض بوروديانكا الأوكرانية

20 يوليو 2022
+ الخط -

تشير مدرّسة البيانو، أوكسانا شيفتشينكو، إلى كومة من الخرسانة المهدّمة والحديد الملتوي وهو كل ما تبقى من المدرسة التي عملت فيها لثلاثين سنة ودمّرها الغزو الروسي الذي أفضى إلى احتلال بوروديانكا، إحدى ضواحي كييف الشمالية الغربية.

وتقول شيفتشينكو، 53 سنة: "لم يبق سوى الأرض ولا شيء آخر. وأصبح المكان أرضاً فارغةً محترقة بعدما كان مكاناً ثقافياً يدرس فيه الأطفال الموسيقى... ما حصل هو إبادة للثقافة وللأوكرانيين على يد الغزاة الروس".

وتأثرت بوروديانكا، وهي مدينة تبعد ساعة بالسيارة عن كييف وكانت تضم 14 الف نسمة قبل غزو القوات الروسية أوكرانيا في 24 شباط/فبراير، بشدّة من محاولة موسكو الاستيلاء على العاصمة الأوكرانية.

ويظهر الدمار بوضوح في شارع المنطقة الرئيسي، إذ أصبحت المباني فيه عبارة عن كومة أنقاض أو سُجلت فيها أضرار جسيمة، ودُمّر 12 مبنى سكنياً بالمنطقة فيما تعرض 24 مبنى آخر لأضرار، بحسب مسؤولين من البلدية، وتأثر بالعملية العسكرية الروسية أكثر من 400 منزل في المنطقة.

وبعدما دُمّرت مبانيها، أصبحت قوات الشرطة ومكتب المدعي العام ومكتب البريد والبلدية تستقر كلها في المدرسة التي نجت من القصف.

"شعور بالظلم"  

وتعطي شيفتشينكو في هذه المدرسة كذلك دروساً في الموسيقى للأطفال الذين عادوا إلى بوروديانكا بعد تحريرها في الأول من نيسان/إبريل، ويغنّي الأطفال ضمن جوقة نشيد أوكرانيا تزامناً مع موسيقى تُعزف على البيانو.

وتقول المدرّسة أثناء تواجدها في صفّ مليء بآلات موسيقية "نلتقي ونتمرّن، كان الأمر مؤلماً عندما حُرمنا من ذلك"، وتضيف أنّ "خسارة مهنتي وتوقف الأطفال عن ممارسة أنشطتهم المفضلة يزيدان من التوتر الذي كنّا نشعر به، ما أثار لدينا شعوراً بالظلم".

وتلقت مدرسة الموسيقى، التي كانت تضم وفق شيفتشينكو 160 طالباً قبل الحرب، تبرعات عدة من منظمات غير حكومية وأشخاص أوكرانيين وأجانب، وقدّمت لها فرقة متخصصة بموسيقى الروك أخيراً لوحة مفاتيح وآلتي درامز وغيتارا.

وتقول شيفتشينكو: "عدد من الأطفال كانوا يرغبون في العودة، وعادوا على غرار ما فعلت مجموعة من المدرّسين، ومن خلال جهود شخصية ومساعدة تلقيناها من جمعيات خيرية وأشخاص مهتمّين، اشترينا لوازم جديدة للمدرسة".

وفي أحد الصفوف الضيّقة، تؤدي ديانا كوفتون، 15 سنة، أغنية أوكرانية شهيرة، وكانت الشابة غادرت بوروديانكا في اليوم الأول من الحرب قبل أن تعود إلى المنطقة، وتقول: "كنت أتساءل سابقاً ما إذا كان عليّ السفر للعمل أو الدراسة، أما اليوم فأصبحت متأكدة من رغبتي في إكمال دروسي بأوكرانيا، أريد أن أعيش هنا".

"الموسيقى تساعد على الشفاء"  

وانضمت معلمة الغيتار تاتيانا كريفوشاينكو بدورها مجدداً إلى المدرسة لإعطاء دروس للأطفال، وبدأت شفتاها ترتجفان فيما حبست دموعها عندما كانت تروي كيف هربت من بوروديانكا.

وتقول لفرانس برس: "كان علينا السير حتى لا نلتقي بالقوات الروسية، مشينا خلال إحدى الليالي عشرة كيلومترات عبر الحقول حتى وصلنا إلى قرية زاغالتسي المجاورة". وتضيف: "كان الأطفال يبكون ويشعرون بأوجاع في أياديهم نتيجة جرّهم، وطلب مني ابني حينها أن أتوقف عن إمساكه بيده".

وتوجهت تاتيانا إلى غرب أوكرانيا قبل أن تعود إلى بوروديانكا في أوائل أيار/مايو، وترى المدرّسة أنّ "الموسيقى من شأنها مساعدة البشر على الشفاء لأنها تفصلهم عن مشاكلهم"، مضيفةً: "طلب مني الأطفال، حتى أولئك الذين أصبحوا خارج أوكرانيا، ألا أتوقف عن إعطاء الدروس".

وقُتل خلال الهجوم الروسي على بوروديانكا أكثر من 150 شخصاً من بينهم ثمانية أطفال، ويشير رئيس البلدية بالإنابة، غيورغي إيركو، الذي أصبح مكتبه مؤقتاً في المدرسة، إلى أنّ المدينة بقي فيها حالياً 9000 شخص، نصفهم تقريباً فقدوا منازلهم.

ويقول: "إذا تضرر سطح المبنى الذي تقطنه فينبغي إصلاحه للاستمرار في العيش فيه، والأمر نفسه ينطبق على المدينة. فبوروديانكا ليست مدينة أشباح... الحرب ستنتهي والحياة ستستمر".

ويضيف: "آمل أن تسير الأمور بشكل جيد، عاد السكان وينبغي أن يعيشوا في ظروف طبيعية. ونحن نعمل جاهدين لضمان ذلك".

(فرانس برس)

ذات صلة

الصورة
قائد الأسطول الروسي في البحر الأسود فيكتور سوكولوف-ألكسي بافليشاك/رويترز

سياسة

ظهر قائد الأسطول الروسي في البحر الأسود فيكتور سوكولوف، الذي أعلن الجيش الأوكراني، أمس الاثنين، أنه قتله الأسبوع الماضي، وذلك في صور وزّعتها وزارة الدفاع الروسية، اليوم الثلاثاء.
الصورة
اتهام فريق العمل بـ"إفساد الأخلاق وخدش الحياء العام" (أحمد باشا/ فرانس برس)

منوعات

في مدينة تعز التي توصف بأنها عاصمة الثقافة اليمنية، رفعت مجموعة من المحامين دعوى قضائية ضد فريق عمل أغنية "مش غلط"، بتهمة "التعدي على الآداب العامة والقيم الأسرية في المجتمع اليمني وإفساد الأخلاق وخدش الحياء العام"
الصورة

مجتمع

كشفت دراسة جديدة أن تشغيل الموسيقى وتحديداً "الاستماع إلى موسيقى موزارت" قد يقلل من مستويات الألم لدى الأطفال حديثي الولادة الذين يخضعون لاختبارات الدم والوخز في الكعب.
الصورة
عازفة العود السودانية، أسماء حمزة

منوعات

احتفل محرك البحث غوغل بعازفة العود السودانية أسماء حمزة وخصّص لها رسمةً على شعاره الرسمي وصفحة معلومات مخصصة متاحة لكل الدول العربية. 

المساهمون