موسم التزلج... منتجعات تركيا تتطلع لاستضافة ملايين السياح
موسم التزلج... منتجعات تركيا تتطلع لاستضافة ملايين السياح
تعتمد تركيا في نموها على السياحة باعتبارها الرافعة الثانية إلى جوار الصادرات، ما يجعلها تعمل بقوة على الترويج لمواقعها السياحية والتاريخية الكثيرة المنتشرة في كل الولايات، وتستغل التراث والآثار الكثيرة التي تركتها في مناطقها حضارات عدة، كالحيثييين والإغريق والرومان، وصولاً إلى دولة السلاجقة والدولة العثمانية، كما ازدهرت السياحة الموسمية خلال العقدين الأخيرين، فالمناطق والمناخ ملائمان لملايين الراغبين في ممارسة السياحة العلاجية، أو سياحة الشواطئ، أو السياحة الشتوية، ما يضمن تدفق السياح على مدار العام.
ويطول شتاء تركيا لنحو ستة أشهر، ويتخلله هطول كثيف للثلوج في العديد من الولايات، من أشهرها بدليس، وتونجلي، وهكاري، وأغري، وبينغول، وبمعدلات ثلوج سنوية تصل إلى ثلاثة أمتار، وتعمل السلطات التركية على برامج الجذب الشتوية. يقول مدير شركة "ياشام" السياحية، محموت آلتن باش، إن برامج جذب محبي الثلوج تطورت خلال السنوات الأخيرة، خاصة من منطقة الخليج العربي، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "تحسن العلاقات التركية الخليجية جعل سياح الخليج يحتلون المرتبة الثانية بعد السياح الروس، وحجوزات جبل ألوداغ في ولاية بورصة معظمها من دول الخليج العربي".
وهطلت ثلوج بورصة مبكراً هذا العام، بداية من منتصف شهر نوفمبر/تشرين الثاني، ما دفع الفنادق ومراكز التزلج في المنطقة إلى الاستعداد المبكر لاستقبال الموسم السياحي عبر تجهيز مواقع الرياضات الشتوية على نحو 20 منحدراً للتزلج يتراوح طولها بين 300 إلى 1980 متراً.
يقول رئيس الجمعية التركية لمدربي التزلج، يحيى أسطى، في تصريحات صحافية، إن "تساقط الثلوج في أولوداغ خلال السنوات الماضية كان يبدأ بعد ليلة رأس السنة، لكنه هذا العام جاء مبكراً، وجميع الفنادق ومراكز التزلج جاهزة لاستقبال السياح منذ منتصف ديسمبر/كانون الأول. في ثمانينيات القرن الماضي، كانت الثلوج تهطل على أولوداغ في نوفمبر من كل عام، لكن المنطقة شهدت خلال العقود الأخيرة تأخراً ملحوظاً في موعد هطول الثلوج".
بدوره، يقول جميل سزكين، وهو مدير فندق في أولوداغ، ويقدم خدمات سياحة التزلج منذ عام 2008، إن المنطقة كلها باتت مستعدة لاستقبال عشاق التزلج في الموسم الجديد، متوقعاً أن يكون الموسم الجديد "إيجابياً للغاية" بسبب التساقط الكثيف للثلوج، والتي فرضت التجهيز المبكر لمنحدرات التزلج، والتي يتوقع أن تستقبل آلاف السياح حتى نهاية مارس/ آذار القادم.
وأفردت تركيا موازنات مستقلة للسياحة للتعريف بعوامل الجذب في الولايات، لكن تظل صبنجة بولاية سكاريا القريبة من مدينة إسطنبول، الأكثر جذباً للسياح في فصل الشتاء، فهي بقعة محاطة بالتلال، ومزدانة ببحيرة كبيرة، فضلاً عن جبل كارتبيه، وهو أحد أشهر مناطق ممارسة رياضة التزلج في تركيا.
وتظل مدينة إسطنبول أكثر مناطق تركيا جذباً للسياح، صيفاً وشتاء، فهي تضم المعالم التاريخية، والكثير من المتاحف والمعالم السياحية، ومراكز التسوّق، والملاهي العملاقة، ما يبقي مدينة العشرين مليون نسمة مزدحمة بالسياح طوال العام.
وتعد منطقة فتحية بولاية موغلا أحد أبرز المناطق ذات الطابع السياحي الشتوي، فوقوعها على بحر إيجة يمنحها مناخاً دافئاً، ما يجعلها تصنف كمقصد سياحي شهير، خصوصاً أنها تمزج بين الجبال والبحر، وتوصف بأنها "طفلة تركيا المدللة".
كما تصنف بودروم باعتبارها أحد مقاصد السياحة الشتوية الشهيرة، وتقع أيضاً على بحر إيجة، وتمتاز بمستوى رفاهية عال يجعل منتجعاتها تستقطب كبار رجال الأعمال، وأصحاب اليخوت، لكنها لا تقارن بشهرة أنطاليا، والتي تلقب بـ"مدينة الشمس"، و"عروس البحر المتوسط"، وهي قبلة شهيرة للسياحة، سواء في الصيف أو الشتاء.
وضمن مدن السواحل، تحل ولاية يلوا على بحر مرمرة كمركز جذب شتوي، وهي تتميز بعيون المياه الكبريتية التي تضاف إلى جمال وديانها وأنهارها وطبيعتها الخلابة.
أما أهم المنتجعات الشتوية التركية التي توفر خدمات التزلج، فيأتي في مقدمتها منتجع التزلج "بالاندوكين" في أرضروم، وهو ملاذ شتوي متكامل ضمن قرية "باشكوي" الجبلية الواقعة على ارتفاع 2100 متر؛ ويضم المنتجع مسار تزلج يعد الأطول في تركيا، وبسبب نوعية الثلوج وطبيعة المنحدرات وطول المسار فإنه يعد أفضل وجهات التزلج التي يقصدها عشاق تلك الرياضة الشتوية من أنحاء العالم.
ويحل منتجع التزلج في جبل كارتبه في صبنجة في المرتبة الثانية بعد منتجع "بالاندوكين"، لكنه يمتاز بقربه من مدينة إسطنبول، وارتفاع الجبل يبلغ نحو 1650 متراً، ويتيح الموقع، فضلاً عن التزلج، سهولة التنقل إلى صقاريا ويالوا، وكذا بورصة التي ينال منتجع تزلجها في جبل أولوداغ شهرة واسعة بسبب وجود أطول خط تلفريك في تركيا، والذي يبلغ طوله 9 كيلومترات.
وبدأت قبل بضع سنوات شهرة منتجع التزلج في "بولو كارتال كايا"، حيث تتحول مياه بحيرة "أبانت" في الشتاء إلى جليد، كما برز منتجع التزلج في "قارص ساريكامش"، مع ارتفاع يصل إلى 2900 متر تتوزع فيها مسارات التزلج على مواقع تكاثف الثلوج، وقارص هي أول ولاية تركية تزورها الثلوج سنوياً.
وهناك منتجع التزلج "أرجييس" في قيصري، والذي يتميز باتساع ميدان التزلج، ورياضات تسلق الجبال الثلجية، فضلاً عن مواقع المياه البركانية، والقرب من مدينة كابادوكيا الشهيرة، وهي مدينة منحوتة داخل الصخور. ولا يمكن تجاهل منتجع التزلج على جبل "ألماداغ" في أنقرة، أو منتجع تزلج "بوزداغ" في منطقة "أوديميش" بولاية إزمير.
ويشتهر منتجع التزلج "دافراز" في إسبرطة، والواقع على جبل بارتفاع 2635 متراً، وهو يضم 12 مضماراً للتزلج يبلغ إجمالي طولها 23.5 كيلومتراً، كما يضم خطوطاً للنقل الهوائي، من بينها "تلسياج"، و"تيليسكي"، و"بيبي ليفت"، وشهدت السنوات الأخيرة استثمارات كبيرة في "دافراز"، وتم إنشاء فنادق وملاعب ومقاه وغيرها من المنشآت السياحية، ويمنح المنتجع هواة التزلج فرصة لرؤية مناظر بحيرة "أغيردير" والوديان والهضاب المغطاة بالثلوج.
