مهاجرون تونسيون في مليلة يرفضون التهجير القسري

مهاجرون تونسيون في مليلة يرفضون التهجير القسري

تونس

بسمة بركات

avata
بسمة بركات
06 أكتوبر 2020
+ الخط -

جاء قرار الترحيل القسري في إسبانيا قاسياً على المهاجرين السريين التونسيين، ما دفعهم إلى الاحتجاج والإضراب عن الطعام، وقد أعلنوا رفضهم تنفيذه بعد كل ما عانوه من معاملة غير إنسانية 

يرفض المهاجرون التونسيون المحتجزون منذ أكثر من عام في مركز المهاجرين بمليلة (أرض مغربية تحت السيادة الإسبانية) قرار ترحيلهم قسراً، بعد معاناتهم الكبيرة والظروف القاسية التي عاشوها. وبدأ البعض إضراباً عن الطعام، فيما لجأ آخرون إلى خياطة أفواههم  احتجاجاً. كذلك اتخذت مجموعة قراراً بالتصعيد. 
وتؤكد غالبية هؤلاء المهاجرين، الذين يزيد عددهم على 800 تونسي، أنّ الأوضاع في مليلة زادت سوءاً، بعد إعلان السلطات الإسبانية ترحيلهم بشكل جماعي. وتحدثوا عن وجود احتقان في المركز، فضلاً عن معاملتهم بطريقة غير إنسانية، مع استمرار حرمانهم أبسط الخدمات. ويعتبر هؤلاء أن قرار الترحيل الجماعي الذي اتخذته السلطات الإسبانية يهدف إلى الضغط على تونس كي توقع اتفاقية تقضي بقبول تسلّم مهاجريها السريين.

أحد هؤلاء المهاجرين، ويدعى وليد، يؤكّد أن الوضع مزرٍ جداً، والظروف سيئة للغاية. ويقول لـ"العربي الجديد" إنه بعد مرور عام على احتجازهم في مخيم مليلة، وبعد المعاناة التي تكبدوها، لا يمكنهم قبول الترحيل القسري، خصوصاً أن هذا الترحيل جماعي، مضيفاً أن عدداً كبيراً من المهاجرين لجأوا إلى خياطة أفواههم للتعبير عن غضبهم واحتجاجهم على هذا القرار.
ويوضح وليد أنّ نحو 400 تونسي أضربوا عن الطعام وأعادوا البطاقات التي يحصلون من خلالها على الوجبات الغذائية في خطوة احتجاجية، مؤكداً أن حالة من الاحتقان تسود المركز، لافتاً إلى أنهم ينتظرون موقف السلطات التونسية حيال هذا القرار، وخصوصاً أنه سيطبَّق على المهاجرين التونسيين دون سواهم. ويقول إنه منذ توجههم إلى مركز مليلة، احتجزوا في الوقت الذي كان يُبقى فيه على المهاجرين أسبوعين أو ثلاثة كحد أقصى، لكنهم قضوا أشهراً عدة ينتظرون مصيرهم المجهول، وقد تحمّلوا صعوبات عدة، على أمل أن يُسمح لهم بالعبور إلى أوروبا، إذ إنهم لا ينوون البقاء في إسبانيا. لكن للأسف، أُبقي عليهم في جزيرة نائية في مركز الإيواء في مليلة.
من جهته، يقول الخمسيني سمير عليات إنّ التونسيين المحتجزين في مليلة سيصعّدون، ومطلبهم واحد، وهو لا للترحيل القسري، ولا بد من تمكينهم من حرية التنقل. ويؤكد لـ"العربي الجديد" أنّ المهاجرين عزموا على رفض قرار الترحيل، مشيراً إلى أنهم سيتشبثون بحقوقهم، خصوصاً أن قرار الترحيل الجماعي لا يستند إلى أية اتفاقية أو نص قانوني، وبالتالي سيصمدون حتى النفس الأخير. يضيف أنّ هناك عدداً من المهاجرين التونسيين ممن غادروا المركز وبقوا خارجه في العراء، نظراً لتردي الظروف، وهم اليوم مستعدون للعودة لمساندة بقية المهاجرين المحتجين، ولكي يكون موقفهم موحداً، مؤكداً أنه بمجرد السماح لهم بالدخول، سيكونون صفاً واحداً، ولن يقبلوا الترحيل.


ويوضح عليات أنّ البعض يفكر جدياً في الانتحار، والبعض الآخر مضرب عن الطعام منذ نحو أسبوع، محمّلاً السلطات التونسية مسؤولية ما قد يحصل لأبنائها من المهاجرين السريين، إذ إن استثناءهم من العبور كان ممنهجاً بعدما سُمح لجنسيات أخرى المرور وفرز التونسيين، وبالتالي كان على السلطات التونسية وقنصلية تونس في إسبانيا الوقوف إلى جانبهم والمطالبة بمعاملتهم بالمثل.
ويوضح سمير الماجري أنّهم تعرضوا لضغوط، لإجبارهم على الرحيل. وعانى البعض من مشاكل نفسية نتيجة لسوء الأوضاع. لكن بعد هذه المعاناة، وبعد كل ما تكبدوه من مشقات، يأتي قرار الترحيل القسري في وقت عملت فيه العديد من البلدان الأوروبية على تمكين المهاجرين السريين من العبور وتسوية أوضاعهم. ويؤكد أن حياتهم كانت مهددة بسبب كورونا، مشيراً إلى أنّ لدى العديد من المهاجرين مخاوف من إمكانية انتقال العدوى إليهم داخل مركز الإيواء، نظراً للأعداد الكبيرة للمهاجرين السريين وغياب الوقاية وحتى التباعد الاجتماعي. ويُعرب عن أمله في تدخّل المنظمات الحقوقية الإسبانية للوقوف إلى جانبهم والتنديد بالممارسات التي يتعرضون لها.
إلى ذلك، يقول المسؤول الإعلامي في المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن رمضان، لـ"العربي الجديد"، إن قرار الترحيل أو العقاب الجماعي مرفوض، ولم يسبق أن رُحِّل مهاجرون، موضحاً أن ملف المهاجرين السريين في مليلة تضمن العديد من الخروقات منذ توقيفهم في ظروف غير إنسانية ومهينة.
ويوضح أن معاملة هؤلاء المهاجرين كانت سيئة، وقد تحمّلوا الجوع والبرد، الأمر الذي دفع كثيرين إلى البقاء خارج المركز، مفضّلين العراء على تحمّل الظروف المهينة. ويشير إلى أن غالبية التونسيين في مليلة لم يتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم، ولم تتوافر لديهم أدنى ضمانات أو حتى ترجمة، فضلاً عن عمليات التضييق المستمرة والضغط لإجبارهم على الرحيل.
ويتابع بن عمر، قائلاً إنه كان واضحاً منذ البداية أن السلطات الإسبانية تحاول استخدام هؤلاء المهاجرين كورقة ضغط لدفع الحكومة التونسية إلى توقيع اتفاقية تتعلق بالهجرة السرية، وخصوصاً أن هذه الاتفاقية مبرمة مع المغرب والجزائر، مؤكداً أن قرار الترحيل القسري مرفوض قانوناً، وليس له أي سند شرعي، ولا يمكن ترحيل المهاجرين السريين بشكل جماعي.

ويقول إنه في الوقت الذي كان يتوقع فيه حماية المهاجرين السريين، بحسب الاتفاقيات الدولية، سعت السلطات الإسبانية بكل الوسائل إلى إجبارهم على الرحيل، مشيراً إلى أن المنتدى بصدد متابعة هذا الملف والتنسيق مع المنظمات الحقوقية الإسبانية الرافضة بدورها لانتهاك حقوق المهاجرين والداعية إلى احترام حقهم في التنقل.
ونظمت أمهات المهاجرين أخيراً وقفة احتجاجية أمام سفارة إسبانيا في تونس، للمطالبة بإطلاق سراح التونسيين، وبحقهم في التنقل، ورفعت شعارات عدة، من بينها: لا الترحيل القسري، ولا للاحتجاز.

ذات صلة

الصورة

مجتمع

من يكون خوسيه أندريس، الطاهي الذي يقف وراء وصول أول سفينة مساعدات محملة بالمواد الغذائية من قبرص إلى قطاع غزة الذي يئن تحت وطأة المجاعة..
الصورة
جابر حققت العديد من النجاحات في مسيرتها (العربي الجديد/Getty)

رياضة

أكدت التونسية، أنس جابر نجمة التنس العربي والعالمي، أن تراجع نتائجها في المباريات الأخيرة، يعود إلى إصابة قديمة منعتها من تقديم أفضل مستوى لها.

الصورة
يدفع المهاجرون مبالغ أقل للصعود على متن القوارب الحديدية

تحقيقات

بحثاً عن الأرخص، تصنع شبكات تهريب البشر الناشطة في تونس قوارب حديدية من أجل نقل المهاجرين غير الشرعيين عبرها إلى أوروبا بكلفة أقل، إذ تنفق مبالغ بسيطة على بنائه
الصورة
أكد المشاركون أن الثورة شهدت انتكاسة بعد انقلاب قيس سعيد (العربي الجديد)

سياسة

أكدت جبهة الخلاص الوطني، اليوم الأحد، خلال مسيرة حاشدة وسط العاصمة تونس، أن البلاد في مفترق طريق ولا بد من قرارات مصيرية حتى لا تذهب نحو الانهيار.

المساهمون